إمام مسجد جنيف: سويسرا تعدّت الخطوط الحمر.. وحظرها المآذن قرار عنصري

مسلمات يتظاهرن في جنيف احتجاجاً على القرار. إي.بي.إيه

قال إمام مسجد جنيف رئيس المؤسسة الإسلامية لرابطة العالم الإسلامي في سويسرا، الشيخ يوسف إبرام، إن «قرار منع بناء المآذن في مساجد سويسرا، والذي مازال يلقي بظلاله على الجاليات المسلمة في الدول الأوروبية، بعد تزايد خطر القرار السويسري إلى بلدان أوروبية أخرى، كفرنسا وهولندا وألمانيا وبولندا، وأصبح للقرار تأثير كبير في الجالية المسلمة في سويسرا بشكل خاص».

وشدد إبرام في حوار هاتفي مع «الإمارات اليوم» من جنيف، على أن الحزب اليميني المتطرف في سويسرا استخدم الطعن في مبادئ الإسلام والشريعة الإسلامية، واتهام المسلمين بأنهم أتوا إلى بلاده لتخويف الشعب السويسري، واتهم الحكومة بالتهاون في هذا الشأن.

وقال «تم التصويت الشعبي على منع بناء المآذن الخاصة بالمساجد بنسبة 57.5٪، على الرغم من أن الحكومة السويسرية كان في مقدورها أن توقفها بحسب الدستور نفسه، ولكنهم استخفوا بها، فصوّت الشعب بنتيجة مفاجئة للجالية المسلمة، لأن الجالية المسلمة التي لا تقل عن 400 ألف في سويسرا كانت لا تتوقع هذه النتيجة ».

وأضاف «أسهمت في المبادرة أحزاب سياسية أخرى، إلى جانب الحزب اليميني الشعبوي، عارضتها في البداية في تصريحات إعلامية، لكنها لم تقم بأي إجراءات لطمأنة الشعب السويسري، حتى فوجئ المسلمون بالتصويت الجائر».

وأوضح إبرام أن من تداعيات التصويت استغراب الأمم المتحدة له، وأنها ستدرس الموضوع، كما أن دولا أوروبية استغربت المبادرة، إضافة إلى أن الاعلام السويسري شبه مجمع على الطعن على التصويت. وقال «كجالية، صدمنا لأن أكثرنا كان يثق بعد الله سبحانه وتعالى بحصافة الشعب السويسري الذي ضحك عليه، خصوصا في المناطق الريفية والعمق السويسري، لأنهم ربطوا بين المسلم والإسلامي والمتطرف والإرهابي، بينما صوتت أكثر المدن السويسرية ضد القرار الجائر».

وطالب إبرام بالتزام الدول الإسلامية بالهدوء وعدم أخذ قرارات انفعالية، من شأنها الإضرار بمصالح الجالية المسلمة في سويسرا، خصوصا أن درس الدنمارك مازال ماثلا في الأذهان، ما جعلنا نؤدي الثمن لأي قرار اتخذ بناء على العاطفة والحماسة.

وأكد ضرورة الاتصال بالسلطات السويسرية، لثنيها عن هذا الاجراء، وإيجاد طرق سياسية ودبلوماسية، حتى لا يحدث للمسلمين أي مكروه، وحتى توقف هذه السلسلة الجائرة التي ألا يجب تمر من دون محاسبة الحكومة السويسرية على تهاونها، لأن المسلمين يرون أن المبادرة بداية لمبادرات أخرى، مثل منع النقاب والحجاب والطعن في المؤسسات الإسلامية ومصالح المسلمين في البلد، خصوصا أن حملة الحزب اليميني المتطرف عدوانية على المسلمين، وشعارها التنديد ببناء المآذن التي شبهها بصواريخ مرسومة على العلم السويسري، وإلى جوارها فتاة مسلمة منتقبة، ومنطلقه الأساسي في ذلك حصد المزيد من النجاحات والاستحقاقات البرلمانية.

وطالب يوسف إبرام بأن يستعمل المسلمون كل الطرق القانونية التي يسمح لهم بها القانون الأوروبي ، ومنها عرض التصويت الجائر على محكمة حقوق الإنسان في ستراسبورغ، وهو ما سيحدث لاحقا، ويوكد مختصون كثيرون بالقانون الدستوري الأوروبي أن المبادرة بعد نجاحها يستحيل أن تطبق، لأن القانون الدولي العام يمنعها، لأنها مبنية على العنصرية وعدم ضمان حرية التدين.

وقال إبرام لـ«الإمارات اليوم» إن المبادرة تضغط على المسلمين لكي يندرجوا حسب ما يريدنه هم، وليس حسب ما يريده المسلمون. وشدد على أن سويسرا على الرغم من صغر حجمها وضعفها دوليا ودبلوماسيا، إلا انها تعدت الخطوط الحمر التي لم تستطع أن تتعداها كبرى الدول، مثل ألمانيا أو بريطانيا .

وأكد أن صعود اليمين المتطرف وراء المبادرة، لأن ثمانية أحزاب من بين تسعة أحزاب في سويسرا ضدها، ولم يكن الحزب اليميني المتطرف بكامله معها، والغريب بعد هذه النتيجة أن كل الأحزاب، باستثناء حزب الخضر، صارت وراء المبادرة وحاولت أن تستدرك قرار الشعب السويسري، فتتقمص جزءا من النجاح الجائر، وحزب الخضر وحده وقف ضدها علنا وصراحة.

وحول ما تردد عن رفض ممثلي الشعب السويسري النيابيين المبادرة، أوضح إبرام أن البرلمان يقرر جمع 100 ألف توقيع عند طلب معين، وتعرض التوقيعات على الحكومة، وإذا اعتبرتها دستوريا، ينظر فيها البرلمان مرة أخرى، ولكن، في الحقيقة كان يمكن تجنب الكارثة، لو أوقف البرلمان المهزلة من البداية، لكنه قبل بها وأرسلها إلى الحكومة في اليوم نفسه الذي عارضوها فيه، وكان يمكن أن يطلبوا من الشعب عدم قبولها، «فما حدث ضحك على الذقون».

ونبه رئيس المؤسسة الإسلامية في سويسرا يوسف إبرام إلى أنه حتى لو كان القرارحكوميا، يستطيع البرلمان أن يلغيه، ولكن لا يوجد في الديمقراطية الشعبية السويسرية إلغاء قرار صوت عليه الشعب، لأن التصويت الفردي هو الأساس، وهو دائما يفعل ذلك على القرارات مرة كل شهر على الأقل.

وشدد إبرام على أن القرار لا يجب قبوله، بل تجب مجابهته، على الرغم من أنه نابع من استفتاء شعبي، وتأخذ مثل هذه القرارات أهمية كبيرة في المجتمع السويسري تحديدا، لأنه حريص عليها دوريا.

دعوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان   

تم تحريك دعوى قضائية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد حظر بناء مآذن المساجد في سويسرا.

وذكرت وكالة الأنباء السويسرية «إس.دي.أيه»، أول من أمس، أن المتحدث السابق باسم مسجد جنيف، هافيد أوارديري، سلم المحكمة في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، أمس، دعوى قضائية ضد الاستفتاء الشعبي السويسري الذي وافق فيه غالبية السويسريين، في 29 نوفمبر الماضي، على حظر بناء مآذن جديدة في بلادهم.

وجاء في تعليل الدعوى أن حظر بناء مآذن المساجد في سويسرا لا يتفق مع الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان. وصرح أحد محامي أوارديري، بير دو برو، لمحطة «تي.إس.آر» التلفزيونية السويسرية، أنه تم إخطار مجلس الولايات في بيرن وجميع أعضاء المجلس الأوروبي بهذه الخطوة. وقال برو إن أوارديري يرى أن سويسرا تفرض قيودا على حرية أديان المسلمين، في حظرها العام والمطلق لبناء المآذن، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الحظر يعتبر تمييزا، لأنه يسري على دين واحد، وليس جميع الأديان.

وأعرب خبراء عن تشككهم في إمكانية قبول الدعوي، وقال البروفيسور في القانون الجنائي، شتيفان تريكسل، للتلفزيون السويسري، إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بمثابة مكبح طوارئ فحسب، ويتعين في أول الأمر التقدم بالدعوى أمام جميع المحاكم المختصة في سويسرا، وصولا إلى المحكمة الاتحادية. مشيرا في الوقت نفسه إلى أن محركي الدعوى ليسوا متضررين من حظر بناء المآذن، لأنه لم يرفض لهم طلب ببناء مئذنة.

بيرن ــ د.ب.أ

تويتر