الأسد رحب بحرارة بالحريري.                     رويترز

الحريري يُجري محادثات تاريخية مع الأسد

أجرى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، أمس، محادثات تاريخية في دمشق مع الرئيس السوري بشار الأسد، من شأنها طي صفحة من العلاقات المضطربة بين البلدين، حيث تعتبر هذه الزيارة الأولى لرئيس الوزراء اللبناني الجديد إلى سورية، والتي يتطلع من خلالها إلى تجاوز ما يقرب من خمس سنوات من العداء بين دمشق والائتلاف السياسي اللبناني الذي يرأسه الحريري.

وتفصيلا، رحب الاسد بحرارة بالحريري، عند مدخل قصر تشرين الرئاسي في دمشق الذي وصله بمفرده، ثم بدأ الرجلان جلسة مباحثات ثنائية بعد التقاط الصور التذكارية.

وبعدها أقام الرئيس السوري مأدبة عشاء على شرف رئيس الحكومة اللبناني الذي تستغرق زيارته لدمشق يومين، على ما ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا).

وقالت بهية الحريري عضو البرلمان اللبناني وعمة رئيس الوزراء «طبيعي أن يزور سورية كرئيس حكومة لكل لبنان».

وأضافت «في النهاية الدولة الاقرب لنا هي سورية، وإن شاء الله تكون نتائج هذه الزيارة استقرارا وأمنا في لبنان».

ووصل الحريري إلى مطار دمشق الدولي على متن طائرة خاصة، حيث كان في استقباله وزير شؤون رئاسة الجمهورية السوري منصور عزام والسفير اللبناني في سورية ميشال الخوري.

ولم يضم الوفد المرافق للحريري أيا من الاشخاص الذين وردت أسماؤهم في الاستنابات القضائية التي نصت على دعوة شخصيات للاستماع اليها في قضية مرفوعة امام القضاء السوري تتصل باغتيال الحريري.

وتأتي هذه الاستدعاءات في إطار شكوى تقدم بها المدير العام السابق للامن العام اللبناني اللواء الركن جميل السيد ضد «خمسة شهود زور» سوريين و«شركائهم اللبنانيين»، محملا اياهم مسؤولية اعتقاله لمدة تناهز السنوات الأربع في قضية اغتيال الحريري.

وكان الحريري قال في الثامن من ديسمبر الجاري، في خطاب امام المجلس النيابي خلال جلسة التصويت على الثقة، إن حكومته ستعمل على تحسين العلاقات المتوترة مع سورية منذ اغتيال والده».

ومنذ دخوله الحياة السياسية، بعد اغتيال والده رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في فبراير ،2005 لم يجر سعد الحريري أي اتصالات رسمية مع سورية.

وسبق أن اتهم سعد الحريري وقوى 14 آذار، التي يعتبر أبرز اركانها، دمشق بالوقوف وراء عملية اغتيال والده التي وقعت في بيروت إبان الوصاية السورية على لبنان.

وبعيد تشكيل الحكومة الجديدة، تلقى الحريري برقية تهنئة من نظيره السوري محمد ناجي عطري. وفي لقاءاته الضيقة، يدرج الحريري زيارته لدمشق في اطار «واجباته كرئيس حكومة لكل لبنان والتي تحتم عليه عدم التوقف عند الاعتبارات الشخصية». وأكد يومها الحريري، الذي يتزعم الاكثرية البرلمانية المدعومة من الغرب خصوصا، ان حكومته «تتطلع الى الارتقاء بالعلاقات الاخوية اللبنانية السورية الى المستوى الذي تفترضه الروابط التاريخية والمصالح المشتركة». وتأتي هذه الزيارة بعد تاليف الحكومة اللبنانية التي تشكلت بعد اكثر من أربعة أشهر من المفاوضات الشاقة وبعد خمسة أشهر من انتخابات نيابية نالت فيها الاكثرية المدعومة من الغرب ودول عربية، بينها السعودية، 71 مقعدا مقابل 57 مقعدا للاقلية التي تدعمها دمشق وطهران. كما تأتي زيارة الحريري الى سورية بعد شهر تقريبا من زيارة مماثلة قام بها الرئيس اللبناني ميشال سليمان الى دمشق والتقى خلالها ايضا الاسد.

 
حقائق عن العلاقات السورية ـ اللبنانية

-- الحرب الأهلية

- في مايو ويونيو عام 1976 ،دخل 6000 عنصر من القوات السورية الى لبنان، لإنقاذ الميليشيات المسيحية من الهزيمة أمام الميليشيات الاسلامية واليسارية ومنظمة التحرير الفلسطينية. وبعد اشهر شكلت سورية والسعودية ومصر قوة الردع العربية وقوامها 30 ألف جندي لإعادة السلام. وانتشرت قوات الردع العربية ومعظمها من السوريين في كل الأراضي اللبنانية، باستثناء الجنوب بسبب اسرائيل.

-- إسرائيل تجتاح لبنان

- شنت إسرائيل اجتياحا شاملا عام 1982 ،ما اضطر القوات السورية إلى الانسحاب الى سهل البقاع، مسيطرة على بيروت وساعدت حلفاءها المسيحيين على تولي السلطة. وعلى الرغم من معارضة سورية وقع لبنان بوساطة اميركية اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1983.

- سيطرت الميليشيات الاسلامية الموالية لسورية على بيروت الغربية، في فبراير عام 1984 ،وانقسم الجيش وألغى الرئيس أمين الجميل اتفاق السلام مع اسرائيل بعد شهرين تحت ضغوط سورية، ومع ذلك عادت القوات السورية الى بيروت عام ،1987 لإنهاء القتال بين المسلمين.

- عام 1988 ،فشل البرلمان في انتخاب خلف للرئيس الجميل، الذي عين قائد الجيش المسيحي المناهض لسورية ميشال عون، ليرأس حكومة عسكرية. وخلال العامين التاليين اشتبكت قوات عون وميليشيا القوات اللبنانية من أجل السيطرة على الجيب المسيحي. وفي الوقت نفسه خاض عون قتالا مع القوات السورية.

- في أغسطس عام 1990 ،سن البرلمان اتفاق الطائف الذي أصبح دستور لبنان الجديد. وأخيرا اجتاحت القوات السورية قوات عون في أكتوبر عام 1990.

-- رفيق الحريري

- أجرى لبنان أول انتخابات ما بعد الحرب فى أكتوبر عام 1992 ،وأصبح رفيق الحريري رئيسا للوزراء.

- عام 1998 ،استقال الحريري إثر صراع على السلطة مع الرئيس اميل لحود، ولكنه عاد بعد فوزه في الانتخابات عام 2000 .وانسحبت اسرائيل من جنوب لبنان بعد 22 عاما من الاحتلال، ما زاد الضغوط على سورية لسحب قواتها، غادرت القوات السورية معظم مناطق بيروت في يونيو عام ،2001 تمهيدا لإنهاء عقود من الوجود العسكري.

-- الانسحاب السوري

- في سبتمبر عام 2004 ،عدل البرلمان الدستور لتمديد ولاية لحود ثلاث سنوات اضافية، تحت ضغط سوري مكثف على الرغم من ضغط معارضة واسعة النطاق. استقال وزراء عدة من منصبهم بينهم الحريري بعد شهر من ذلك. وأصبحت المعارضة للوجود السوري التي كان يقودها المسيحيون من قبل أكثر انتشارا، وتم تمرير قرار للامم المتحدة يطالب سورية بسحب قواتها من لبنان ووقف تدخلها في السياسة اللبنانية، وقتل الحريري بانفجار في بيروت يوم 14 فبراير عام 2005.

- أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أسابيع فقط من اغتيال الحريري وتحديدا في الخامس من مارس 2005 ،أن بلاده ستبدأ سحب قواتها من لبنان، وهكذا استكمل الانسحاب يوم 26 أبريل. رويترز

الأكثر مشاركة