آخر زعماء ألمانيا الشرقية ينتحب على الشيوعية

أثناء احتفال ألمانيا بالذكرى التاسعة عشرة لإعادة توحيدها الشهر الماضي في أجواء صاخبة من الفرح والمتعة، بدا شخص غير مبال وغير آسف على ما قبل الوحدة، بل يتوق الى تلك الأيام ويتحدث عنها بشوق واهتمام. إنه الرئيس السابق للحزب الشيوعي والدولة في ألمانيا الشرقية ايغون كرينز، الذي مازال يرتدي الجاكيت ذا الأكتاف العريضة والضخمة، والذي يرمز بقوة الى حقبة الحرب الباردة، لكنه يشاهد في هذه الايام مازجاً بين ذلك الجاكيت وسروال الجينز الذي كان يعتبر في الاتحاد السوفييتي السابق والدول الشيوعية التي تدور في فلكه رمزاً قوياً للرأسمالية وهمينتها. وتشير عيونه الى أنه شخص يبدو محبطاً بشكل منهجي متسلسل وكأنه يتلقى علاجاً طويل الأمد.

ورغم مضي كل هذه الأعوام مازال كرينز يتمسك بحلمه القائل بأنه كان بالإمكان اقامة دولة ألمانية شرقية بديلة ذات أسس اشتراكية واخلاقية صلبة، لكن ظروف إعادة توحيد شطري المانيا سلبته ذلك الحلم ولم تعد له مثل عليا، لكنه يقول «أنا على قناعة تامة بأن الدولة والمجتمع القائمين حالياً ليسا الكلمة أو المرحلة الاخيرة في التاريخ».

وأمضى كرينز (72 عاماً) حكماً بالسجن لمدة ست سنوات ونصف السنة بعدما أدانته محكمة ألمانية عام 1997 للدور الذي قام به نظامه في قتل اكثر من 1000 ألماني شرقي قضى معظمهم برصاص حرس الحدود خلال محاولتهم الفرار الى الغرب بتسلق جدار برلين. ولم يعترف هذا الرجل بارتكابه أي ذنب، معتبراً محاكمته بمثابة «محاكمة لفترة الحرب الباردة » وبعد أن امضى محكوميته في سجن سبانداو في برلين تم الافراج عنه عام 2003 ليعيش حياته الهادئة في بيته الخاص في بلدته دايرهاغن مع زوجته التي كرست نفسها رفيقة لدرب حياته على ساحل بحر البلطيق.

وفي كتابه الذي انتهى من تأليفه للتو يتحدث كرينز مطولاً عن دوره في انهيار الشيوعية وعن اعتقاده بأنه كان يمكن إقامة ألمانيا شرقية بديلة على أسس حديثة وقوية من التكنولوجيا والعلوم الاشتراكية، ومجموعة من القيم والاخلاق، كما يصف نفسه بأنه الضحية السيئة الطالع لماضي المانيا، ويقول في هذا الشأن: لو لم يكن هناك القيصر فيلهيلم الثاني لما كانت هناك الحرب العالمية الاولى، ولو لم تكن هناك الحرب العالمية الاولى لما كان هناك أدولف هتلر، ولو لم يكن هناك هتلر لما كانت هناك الحرب العالمية الثانية، ولو لم تحدث الحرب العالمية الثانية لما كان هناك جدار برلين.

تويتر