سلفيون إسلاميون وغربيون متشددون توافقوا في «أزمة المآذن»

رجح باحث مصري أن الاستفتاء الشعبي السويسري الذي أيد الشهر الماضي حظر بناء مآذن جديدة في البلاد، سيكون مقدمة لنقاش حول تأثير المظاهر الاسلامية في المجتمعات الغربية ثقافياً وأيديولوجياً، لكن باحثين سويسريين نفيا أن يكون «جيتو المسلمين» نقطة انطلاق لعمليات توسع.

وقال الباحث حسام تمام في مقدمة كتاب «معارك حول الاسلام في الغرب.. مبادرة منع المآذن في سويسرا» ان هذه القضية أحدثت مفارقة تمثلت في ما يشبه اتفاقا غير مقصود بين السلفيين الاسلاميين واليمين المتشدد في الغرب، فالنوع الاول يعتبر المآذن «صنفاً من الابداع المذموم» وليس لها مبرر ديني، كما يرى اليمين المتطرف في سويسرا أن المئذنة «تحمل تعبيرا سياسيا ودينيا في آن معاً وأنها تحيل الى القوة وترمز الى طابع التوسع الاسلامي في الغرب، مع ما يتضمنه من تهديد للقيم المسيحية».

وصوتت سويسرا في نوفمبر الماضي لصالح حظر بناء مآذن جديدة، إذ وافق نحو 57.5٪ من الناخبين على الاقتراح في استفتاء أيده حزب الشعب السويسري اليميني. ورفضت الحكومة والبرلمان السويسريان المبادرة باعتبارها انتهاكا للدستور السويسري ولحرية الديانات والتسامح الذي تتمسك به البلاد.

لكن الحكومة التي رجحت أن هذا الحظر ربما «يخدم مصالح الدوائر المتطرفة» قالت انها ستحترم قرار الشعب ولن يسمح ببناء مآذن جديدة.

ويعيش في سويسرا البالغ عدد سكانها نحو سبعة ملايين نسمة نحو 400 ألف مسلم معظمهم من البوسنة وكوسوفو وتركيا. ومن بين 130 و160 مسجداً في البلاد توجد أربعة مساجد فقط لها مآذن كما يحظر رفع الأذان. وقال تمام ان هذا الاستفتاء «لم يفلت من سياق دولي فرضته أحداث 11 سبتمبر 2001 وهو السياق الذي شهد تنامي المخاوف الغربية من الاسلام بشكل عام ومن الاسلام السياسي بشكل خاص»، وسط مخاوف أبرزها أن الاسلام يشكل الديانة الثانية في بعض الدول الغربية وهو ما يراه مراقبون تهديدا للتوزان الديموغرافي بين المسيحيين والمسلمين في هذه البلاد.

والكتاب الذي راجعه وقدم له تمام شارك فيه مجموعة من الباحثين وترجمته الى العربية عومرية سلطاني، ويقع في 167 صفحةمتوسطة القطع وصدر بالتعاون بين موقع «اسلام أون لاين» الالكتروني، ومرصد الاديان، وهو معهد دراسات مستقل في سويسرا ويرأسه أستاذ التاريخ وعلم اجتماع الاديان في سويسرا جان فرانسوا مايير. ويقول مايير في الكتاب «خلف المئذنة تختبئ قضايا مقلقة أكثر اتساعاً»، حيث ان للمئذنة طابعا رمزيا، وان المشابهة بين مئذنة الجامع وصومعة الكنيسة محل نفي معارضين يعتقدون أن المئذنة علامة على القوة والتوسع، ورمز يحمل معنى سياسيا دينيا يهدد السلم الديني في البلاد.

ويسجل فصل عنوانه «المسلمون في سويسرا» أن عدد المسلمين فيالبلاد كان قليلاً قبل عام 1970 ثم وصل عددهم عام 1980 إلى نحو 56 ألفاً، وأصبح العدد 152 ألف مسلم بعد 10 سنوات وبلغ العدد 310 آلاف عام ،2000 والتقديرات لعام 2010 تصل بالعدد الى نحو 400 ألف، مفسراً هذه الزيادة بتدفق اللاجئين من منطقة البلقان في التسعينات. كما يسجل أيضاً وجود كثير من الاتحادات الخاصة مثل «اتحادالمنظمات الاسلامية في سويسرا»، الذي تأسس عام 2006 ويضم نحو 130 مركزا إضافة الى خمسة اتحادات للمسلمين الاتراك وحدهم في حين يعاني المسلمون الالبان والعرب «غياب عنصر الوحدة». وتحت عنوان «فتح الغرب لن يحدث.. تأملات اجتماعية لتوسعية الاسلام» يقول السويسري باتريك هاني والفرنسي من أصل مغربي سمير مغاز، ان الاسلام السياسي يضم تيارين رئيسين «حاولا بشدة تسييس الهوية الاسلامية في الغرب» هما «الاخوان المسلمون» و«حركة الرأي الوطني التركية». انطلاق لعملية توسع اسلامي ولا حصان طروادة يخترق الغرب»، ولكن المسجد في هذا السياق يتعارض مع منطق الجيتو لانه يشكل في رأيهما مجالا للتفاوض مع المحيط السياسي والاجتماعي.

تويتر