41 مليون فتاة في العالم لا يذهبن إلى مدارس
تُضطر الفتاة أبيغيل أبيتي، البالغ عمرها 12 عاماً الى التغيب عن مدرستها الابتدائية كي تبيع السمك المقلي على منازل قريتها الزراعية «ابيمسو» الواقعة شرق دولة غانا. وهي تستيقظ في الساعة الخامسة صباحا كي تشتري السمك من مكان يبعد ثلاثة اميال عن منزلها. ولاتنفق ابيغيل الصغيرة ما تكسبه من عملها على شراء كتب لها، وانما يقوم والداها بانفاق مالها من اجل تعليم شقيقها الاكبر جوزيف (20 عاماً). وترغب ابيغيل في أن تصبح معلمة، حسب قولها، ولكنها غالباً ما تكون مرهقة اثناء وجودها في المدرسة.
ويوجد نحو 41 مليون فتاة في العالم في عمر التمدرس ولكنهن لا يفعلن ذلك، حسبما تقوله وزارة التنمية الدولية البريطانية، التي تشير الى ان 20 مليون منهن مثل ابيغيل في دول جنوب الصحراء الكبرى.
وينهي 91٪ من الاولاد و79٪ من البنات المرحلة الابتدائية. ولكن ائتلاف جماعة التعليم الوطني في غانا يقول إنه في مرحلة التعليم الثانوي اي في عمر مابين 12 و15 عاماً فإن 65٪ من الاولاد، و54٪ من البنات يبقون في المدارس.
وفي اقليم اسيسيوا الذي يعتبر الاكثر فقراً في غانا، لم يبقَ في صف ابيغيل الذي كان يوجد فيه 20 فتاة، سوى خمس فتيات فقط. ولم تنجح خطة تحسين المدارس. وفي ذروة فصل الجفاف تصل درجة الحرارة الى 31 درجة، في حين ان صنابير المياه تكون جافة ايضاً ودورات المياه مغلقة ولا تعمل. وكل ما يمكن ان تقدمه المدرسة هو تعليم ضعيف وكتب تبدو وكأنها ترجع الى عهد الخمسينات من القرن الماضي.
ويبلغ معدل الدخل لسكان اسيسوا مابين 11 الى 14 جنيهاً استرلينياً في الشهر وذلك حسب ما ذكرته مؤسسة بلان الخيرية العالمية. ويزرع نحو 80٪ من السكان الذرة الصفراء، ويتم قطف المحصول بالسيوف او بالايدي. ولا تملك معظم العائلات مياهاً جارية او كهرباء في منازلها، ونصف هؤلاء يعتبرون أميين. وفي ظل هذا الفقر المدقع تحظى الفتيات بفرص قليلة في الحصول على المال والوقت الكافيين من اجل الذهاب الى المدارس.
والغت الحكومة الغانية رسوم المدارس الابتدائية في عام ،2005 وهي تقول إنها تنفق ستة جنيهات على كل طالب ابتدائي سنوياً، ولكن يتعين على الاهل ان يدفعوا ثمن الكتب وملابس المدرسة والامتحانات. وثمة نفقات اخرى مخفية تجعل تكاليف تعليم الطفل تصل الى 100 جنيه استرليني، الأمر الذي يدفع بعض الاهالي الى عدم ارسال بناتهم الى المدارس، حسب ما يقوله جوزيف ابياه الرئيس الميداني لمؤسسة بلان في اسيسوا.
واضافة الى ذلك فإن قيمة الفتاة المتعلمة اقل من قيمة الصبي المتعلم. ويقول ابياه: «الشعور السائد هنا ان الفتاة ستتزوج وتخص عائلة اخرى، أما الاولاد فانهم سيعيدون الى آبائهم ما قدّم لهم سابقاً».
وغالباً ما يكون ثمة حاجة ماسة للفتيات في البيت في هذه المجتمعات الريفية حيث يتوقع من الفتاة ان تعد الافطار والغداء لوالديها وهي في سن السابعة، وتجلبه لهما في الحقل، وتطبخ لهما عشاءً ساخناً في المساء. ويقوم بعض الفتيات بجلب الماء من اماكن تبعد عن المنزل كيلومترات عدة، ويقمن ببيع ما يستطعن لدعم دخل العائلة، ولذلك ليس هناك متسع من الوقت من اجل الدراسة. ويقول ابياه «تتعلم الفتاة في مثل هذه الظروف عندما يكون لديها إصرار كبير على التعلم».
ورغم ما سبق فإن غانا تعيش ازدهاراً غير مسبوق، إذ إن آخر خمس عمليات انتخابية كانت حرة ونزيهة، الامر الذي يجعل هذه الدولة مفضلة من قبل مانحي المساعدات. وستقدم المملكة المتحدة وحدها 250 مليون جنيه استرليني هذا العام، لتخفيف الفقر هنا.
ولكن ثمة تحسينات بطيئة تحدث في المناطق الريفية حيث توجد مشروعات عدة تهدف الى تشجيع تعليم المرأة. وتم استخدام الكثير من الملصقات والصور التي تهدف إلى تغيير فكرة تعليم المرأة في هذه المجتمعات. وقال ابياه «يحتاج الاباء الى فهم انه اذا قدموا تضحيات كبيرة وارسلوا بناتهم الى المدارس، فإنهم سيحصدون عائدات كبيرة في المستقبل»، وهو يبحث عن طرق جديدة تجعل هذه التضحيات أقل إيلاماً، ويدرس إنشاء مشروع يقصد منه تشجيع الاباء على تعليم البنات عن طريق تقديم الحوافز لمن يرسل ابنته الى المدرسة.
عن «الغارديان»