جدل حول اللحم «الحلال» في فرنسا
لايزال الجدل حول الهوية الوطنية في فرنسا مستمراً في الوقت الذي لم تحسم فيه القيادة السياسية موقفها من المسألة. وفي آخر تطور لهذا الجدل الثقافي أزمة الـ«بيرغر الحلال» التي بدأت في مدن فرنسية تقطنها أغلبية مسلمة، وجاء ذلك بعد أن قررت سلسلة مطاعم كويك البلجيكية للوجبات السريعة تقديم وجبات سريعة تتكون من لحم بقر مذبوح على الطريقة الإسلامية. وكان رد فعل السلطات المحلية عنيفاً وغير متوقع، حيث قدم عمدة مدينة روبيه الفرنسية الواقعة قرب مدينة ليل دعوى قضائية ضد سلسلة المطاعم متهماً إياها بالتمييز بسبب قرارها تقديم منتجات ووجبات حلال حصرياً و بشكل كامل في ثمانية مطاعم تابعة للسلسلة في المدينة وتحديدا في مناطق ذات كثافة سكانية إسلامية.
على الرغم من أن أهداف شركة المطاعم اقتصادية بحتة كونها تهدف إلى زيادة البيع لزبائنها من المسلمين، إلا أن المسائل في فرنسا أصبحت حساسة، لأن الأمر يتعلق بالإسلام. وقد ركزت الشركة على مدينتي روبيه ومرسيليا اللتين تضمان نسبة كبيرة من المسلمين.
وقد حققت بالفعل ربحاً كبيراً من المتوقع أن يصل إلى أربعة ملايين يورو سنوياً. ويرى معارضون لخطوة «كويك» أن تقديم الحلال يعتبر تمييزاً ضد الفرنسيين الذين لا يأكلون المنتجات الإسلامية. ويقول الطالب جون فانسون (23 سنة)، الذي تناول وجبة سريعة في المطعم المذكور إنه لم يكن يعلم بأنها «حلال» ولم ينتبه للعلامة الموجودة على الوجبة، كما لم يلاحظ «فرقا بين هذه الوجبة والوجبات التي تعود تناولها». في حين عبرت فرنسية مسلمة عن دهشتها من الحملة ضد الأكل الحلال، وقالت «هناك مطاعم صينية في كل مكان ولم يسبب ذلك أي مشكلة». مضيفة «مرة أخرى بعد البرقع يقوم البعض بتشويه سمعة الإسلام».
من جهته، يقول المسؤول في المسجد الكبير بالعاصمة الفرنسية، عبدالقادر وسيجي «لقد اختارت مطاعم كويك مدينة روبيه لأسباب تجارية واختبار تجربة بيع اللحم الحلال هذا كل ما في الموضوع».
وأضاف انه أصيب بالإحباط لما صدر من طرف بعض الفرنسيين الذين اغتنموا الفرصة لمهاجمة المسلمين، «هذه الخطوة ليس لها أهداف سياسية». ويعتقد أن بعض الأحزاب الفرنسية تحاول استغلال هذه المسائل خصوصاً أن البلاد مقبلة على انتخابات محلية. ويتساءل وسيجي إن كان القانون الفرنسي سيجبر محال بيع اللحوم الإسلامية ذات يوم على بيع لحم الخنزير. وكان عمدة روبيه الاشتراكي رينيه فانديراندزنك قد طلب من مدير شركة بويك التنويع في تقديم الوجبات وألايقتصر الأمر على «الحلال». اتخذ الجدل خلال الأسبوع الماضي منحى جديداً بعد انضمام حزب الجبهة الوطنية المتطرف، حيث صرحت نائبة رئيس الحزب مارين لوبان بأن ما قامت به الشركة نوع من «الدكتاتورية»، ووجهت اللائمة للمسلمين على الرغم من أنهم ليسوا طرفا في المشكلة «يجب أن يأخذ كل واحد مكانه ويتعين على المسلمين أن يعبروا عن رغبتهم في ممارسة معتقداتهم الشخصية وفي محيط خاص، من دون أن تنتهك الحقوق العامة».
في المقابل، يرى مراقبون أنه من غير المنطقي مناقشة حق شركة تجارية في اختيار ت المنتجات الغذائية التي تبيعها أو تروج لها في بلد رأسمالي يتبنى الاقتصاد الحر، وفي حال مُنعت مطاعم اللحم الحلال هل ستلقى مطاعم «كوشير» اليهودية، المصير نفسه، وهل سيشمل المنع المحال النباتية والأخرى التي تقدم الطعام غير المعالج كيماوياً.