في الضفة الغربية حتى كرة القدم تصطدم بجدار الفصل
يحرص اللاعبون خلال تدريبهم في بلدة عناتا على عدم رفع الكرة كثيراً تخوفاً من سقوطها خلف جدار الفصل الاسرائيلي الذي لم يعزل البلدة عن القدس المحتلة فقط، بل قسم ملعب كرة القدم الوحيد فيها الى شطرين.
ويقول موسى خليل رئيس نادي عناتا بخصوص الملعب «نستخدم منه الجزء الذي بقي من جهتنا».
وأقامت اسرائيل في العام 2006 الجدار العنصري الفاصل على حدود بلدة عناتا من مختلف الجهات، ومخيم شعفاط القريب حيث يعتبر جزء منها من أراضي مدينة القدس، وفصلت البلدة بشكل محكم عن حدود مستوطنة بسجات زئيف.
ويطلب موسى من لاعبي فريقه عند اللعب عدم رفع الكرة اكثر من ثلاثة امتار باتجاه الجدار خوفاً من سقوطها خلفه، الامر الذي يعني فقدانها نهائياً.
وفي محاولة لتجاوز فقدان الكرات المتواصل خصص النادي أيام تدريب في قاعة مغلقة داخل النادي فقط لتجنب خسارة المزيد من الكرات أو تعريض اللاعبين للخطر أثناء محاولة استردادها.
وخلال العام الماضي وبداية العام الجاري فقد النادي اكثر من 30 كرة قدم سقطت خلف الجدار ولم يتمكن احد من اعادتها، حسب ما يقول رئيس النادي.
وقال موسى «في يوم الارض في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي، نظمنا بطولة شارك فيها 21 نادياً، وفقدنا خلال تلك البطولة 15 كرة قدم سقطت خلف الجدار».
من جهته، يقول الشاب الفلسطيني مراد عبيدي (21 عاما) انه كان حتى فترة قريبة يتمكن من التسلل عبر نفق مظلم ولمسافة طويلة زحفا ليعيد الكرة اذا سقطت خلف الجدار الفاصل. لكن اليوم لم يعد بإمكان مراد ورفاقه إعادة الكرة عندما تسقط خلف الجدار بعدما أغلق الجيش الاسرائيلي النفق.
ويضيف انه «يخاف اليوم من محاولة إعادة الكرة تحسباً إاطلاق النار عليه، والقول انني أحاول تنفيذ عميلة ارهابية».
ويوضح أنه «في بعض المرات كان الجيش الاسرائيلي يطلق علينا الغاز المسيل للدموع ونحن داخل النفق وكنا ننجح احيانا في اعادة الكرة، لكن اليوم بات من المستحيل اعادتها».
ويتابع العبيدي الذي يحمل هوية مقدسية «أنا احمل هوية القدس لكن لا يمكنني الاقتراب من الجهة الثانية من الجدار لأن الجيش سيفتح معي تحقيقا بعد اعتقالي عن سبب توجهي الى الجدار، هذا إذا لم يتم اطلاق النار علي».
ويحيط الجدار ببلدة عناتا (20 ألف نسمة) من مختلف الجهات على الرغم من ان نصف اهالي القرية يحملون الهوية المقدسية.
وكان اهالي البلدة يطلقون على حي محاذ تماما لمدينة القدس «حي الثغرة» الا انهم اطلقوا عليه اسم «حي السلام» مع بداية العملية السلمية وتوقيع منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية على اتفاقية اوسلو.
ويسكن هذا الحي نحو 12 الف نسمة غالبيتهم من حملة الهوية المقدسية الا أنهم باتوا اليوم خلف الجدار.
ويقول موسى القصراوي (58 عاماً) عضو لجنة تطوير حي السلام ان أهالي قرية عناتا القاطنين في حي السلام غيروا اسم ذلك الحي منحي الثغرة الى حي السلام، حينما شعروا بأن السلام حان، «لكن لا سلام تحقق بل وفصل الجدار حي السلام عن المدينة».
ويحمل موسى بطاقة الهوية الفلسطينية، في حين يحمل افراد عائلته الهوية الاسرائيلية، ويضيف «مثلاً بإمكان افراد عائلتي الوصول الى القدس لكن انا ممنوع لأني أمتلك هوية الضفة الغربية». ويشير إلى أن الجدار الفاصل فصل منزل عائلة تسكن في حي السلام، حيث بات درج المنزل مقسوماً الى نصفين.
وفي حين يلف الجدار بلدة عناتا من الجهتين الغربية والجنوبية، يلف البلدة جدار آخر حديث النشأة من الجهة الشرقية ولم يعد امام أهالي البلدة سوى الجهة الشمالية للخروج منها باتجاه بقية أراضي الضفة الغربية الشمالية.
وبالمقابل، تعمل جرافات عملاقة، يمكن مشاهدتها وسماع صوتها من بلدة عناتا، في مستوطنة بسجات زئيف الواقعة خلف الجدار، ويقول اهالي عناتا «إن عمليات البناء في المستوطنة لم تتوقف يوماً».
وأقامت اسرائيل الجدار الفاصل على طول حدودها وحدود بعض المستوطنات مع الضفة الغربية من شمال الضفة الغربية حتى جنوبها، في الأراضي الفلسطينية.