الساسة تبنّوا خطاباً متطرفاً لجذب الناخبين وسط صمت اليسار
العنصرية أصبحت اتجاهاً عامّـاً في أوروبا
بات الخطاب العنصري على المستوى السياسي في أوروبا، واقعاً ملموساً أثر سلبا في الرأي العام في القارة. ويعتقد محللون أن تبني اللهجة العنصرية من طرف النخبة السياسية في أوروبا انعكس بشكل ملحوظ على الأشخاص العاديين، حيث تأثر الكثيرون بتصريحات التيارات المتطرفة.
وفي هذا السياق يقول الباحث في جامعة بوغازيتسي التركية، البروفيسور غون كوت، انه يجري حالياً تطبيع العنصرية في أوروبا بحيث أصبح الخطاب المتطرف دارجاً عند الساسة من أجل جذب الناخبين. وفي حال أصبحت العنصرية ضمن مفاهيم المؤسسة الرسمية، فإن حقوق الإنسان والحريات العامة ستكون في خطر، حسب الباحث.
ويرى الخبير في العلاقات والشؤون السياسية انه في ظل تقلص الاختلافات الأيديولوجية بين الأحزاب السياسية الأوروبية، بات من الصعب التفريق بينها. كما أن عدد الناخبين، المترددين في اتخاذ مواقف حيال البرامج السياسية، في تزايد مستمر.
يقول كوت، الذي عين أخيراً في لجنة منظمة الأمم المتحدة للقضاء على العنصرية، إن الخطاب السياسي الأوروبي تغير بشكل كبير، حيث أصبح يمين الوسط يتبنى مبادئ اليمين المتطرف من أجل كسب ناخبي هذا الأخير. ويشير الباحث إلى أن الخطاب المتشدد كان ضد المهاجرين في البداية، وتطور بعدها إلى كراهية الأجانب ليصبح سلوكاً عنصرياً. فالأتراك الموجودون في أوروبا، على سبيل المثال، يتعرضون لحملة عنصرية منذ أحداث 11 سبتمبر، لأن الرأي العام الأوروبي ينظر إليهم على أنهم ممثلو الإسلام. وفي الوقت الذي نجح أصحاب الخطاب العنصري في استخدامه استراتيجية انتخابية، من خلال فوز الأحزاب اليمينية بالمزيد من الأصوات، انتقل هذا الطرح ليكون اتجاهاً عاماً في السياسة.
ثلث الأتراك تعرضوا للتمييز في ألمانيا العام الماضي
كشفت دراسة أجرتها وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية، أن 31٪ من الأتراك، الذين يعيشون في ألمانيا والذين شملهم المسح، تعرضوا للتمييز العنصري على الأقل لمرة واحدة خلال العام الماضي. في الوقت الذي أكد فيه 10٪ فقط من الأتراك، الذين يعيشون في النمسا، أنهم تعرضوا للتمييز العنصري. وفي فرنسا أفاد 25٪ من الأفارقة المسلمين بأنهم تعرضوا للتمييز العنصري. في حين أفاد 64٪ من المهاجرين الأفارقة في مالطا و55 ٪ من الفئة نفسها في إيطاليا بأنهم تعرضوا للتمييز العنصري.أ |
في المقابل نجد التيارات اليسارية المعروفة برفضها للعنصرية قد تبنت نهجاً مختلفاً، وفضلت الصمت إزاء تنامي خطابات الكراهية خوفاً من خسارة مواقعها الانتخابية. وفي ذلك يعتقد كوت أن «العنصرية تصبح شيئاً عادياً»، عندما يسلك المتطرفون النهج العنصري من دون أن يجدوا من يقف في وجوههم.
ويضيف أن الأشخاص قد يكونون عنصريين ولكن عندما تتولى تنظيمات سياسية، ينتمي إليها هؤلاء الأشخاص، فإن العنصرية تصبح ضمن سياسة الدولة. وتعد التوعية في المؤسسات التربوية من أهم الوسائل لمحارب العنصرية، بالإضافة إلى حرية الوصول إلى المعلومات، لأن العنصرية عادة ما تكون نتيجة الجهل بالآخرين، حسب كوت، و«معرفة الإنسان بالآخ�1ين تجعله أكثر قناعة بأنهم ليسوا مختلفين عنه ولا مجال للكراهية».
أما تركيا، فيرى كوت أنها لاتعاني من آفة العنصرية، على الرغم من انتهاكها حقوق الأكراد، إلا أن هناك نوعاً من عدم التسامح مع الآخر. ومن أجل تعزيز روح التسامح في تركيا أو في أي بلد آخر، يتعين على غرس المبادئ الصحيحة في الأجيال الصاعدة عبر المناهج التربوية.
ولايزال كثير من الأتراك يرددون أن اليهود وجدوا في الإمبراطورية العثمانية ملجأ آمناً بعد هروبهم من محاكم التفتيش الأوروبية، في نهاية القرن .15
أشارت دراسة أجرتها مؤسسة «فريديرك إيبرت»، في ،2008 إلى أن واحداً من بين أربعة ألمان لديه آراء تدل على كراهية الأجانب، وحاولت الدراسة معرفة أسباب�الكراهية من خلال سبر آراء 5000 شخص، في أماكن مختلفة من ألمانيا، وينتمون إلى فئات عمرية متباينة. ووجد الباحثون أن 73٪ من المشاركين يعتقدون أن المهاجرين جاؤوا إلى البلاد، من أجل «استغلال المستوى المعيشي الجيد»، في حين قال 39٪ أن وجود الأجانب في ألمانيا أصبح يشكل خطراً، كما فضل 26٪ وجود حزب قوي واحد يمثل المجتمع الألماني، وترى شريحة مهمة من الألمان أن الأتراك والروس الموجودين في ألمانيا هم «عالة على المجتمع وطماعون».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news