محلل يرى أنه ليس أمامها سوى التفاوض.. ولن تعلن الحرب على إثيوبيا
مصر تتحرك لإنقـاذ الموقف بعـد توقيع «عنتيبي» لمياه النيل
تحركت القاهرة على محاور عدة «لإنقاذ ما يمكن إنقاذه» بعد توقيع أربع من دول حوض النيل لاتفاق اطاري للمياه استبعد مصر والسودان، ولم يعترف بحصتيهما من المياه، وقال وزير الري المصري نصر الدين علام، إن بلاده ستدعو رؤساء هذه الدول إلى اجتماع بالقاهرة للبحث في تعديل موقفها والعودة لمائدة المفاوضات.
وقال رئيس وحدة حوض النيل بمركز الأهرام الاستراتيجي هاني رسلان «ليس أمام مصر سوى التفاوض مع دول الحوض، على الرغم من ان مصر دخلت مرحلة الخطر الاكبر بعد توقيع الاتفاق».
وتابـع رســلان «على الرغـم من سلامة موقف مصر القانوني، الا أن اتفاق اوغندا الاطاري بشأن مياه النيل، الذي وقع في 14 من الشهر الجاري اغفل المطالب المصرية-السودانية الثلاثة، وهي التأمين على حصتي مصر والسودان، وضرورة اخطار مصر مسبقاً بأي مشروع في منطقة دول الحوض، وضرورة الموافقة بالاجماع او بالأغلبية التي تتضمن موافقة مصر والسودان عند اي تعديل في هذين البندين». وأضاف رسلان أن «الاتفاق يفتقد للتأييد الدولي والدبلوماسي، وهي المساحة القادمة للتحرك المصري-السوداني»، معتبراً ان منطقة حوض النيل بكل تعقيداتها السياسية، حيث التدخل الاسرائيلي والأميركي بأوسع الأبواب والنزاعات القبلية التي اودت بحياة الملايين تجعل الخيار الدبلوماسي هو الحل». وتابع «اثيوبيا منقسمة الى ست قوميات وتحكمها اقلية، وروندا وبورندا والكنغو دخلت حرب الإبادة الشهيرة بين الهوتو والتوتسي بداية التسعينات، والتي قتل فيها اكثر من مليون مواطن، وكينيا منقسمة الى نصفين، وأوغندا تدخل حرباً من عشرات السنين مع جيش الرب».
من جهته، نفى الخبير العسكري اللواء زكريا حسين لـ«الإمارات اليوم» أن تكون مصر تعد لشن حرب عسكرية ضد دول حوض النيل، وقال «هذا الكلام لا اساس له من الصحة، على الرغم من خطورة ما تقوم به اثيوبيا ودول الحوض على حياة وبقاء الشعب المصري»، وأضاف «هناك وسائل كثيرة غير الحرب تلجأ لها مصر لتأكيد حقها التاريخي، منها الضغط الدبلوماسي والقانوني، واستغلال ما لدى مصر من علاقات قوية بالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لوقف التدخل الإسرائيلي في اثيوبيا من ناحية، وإقناع دول الحوض للعودة إلى الرشد من جهة ثانية».
واعتبر أن «ما تنشره الصحف الاسرائيلية والاثيوبية حول الاستعدادات العسكرية المصرية هو صناعة اجواء من التوتر والكراهية تقوم بها ماكينة الدعاية الصهيونية، خصوصاً أن الحق المصري مصان بالقوانين الدولية كافة، وأشار الى ان مصر واعية تماماً بتفاصيل الدعم الاسرائيلي، وبعض الدول الاوروبية للتشدد الاثيوبي».
وقال رئيس لجنة السياسات المائية السابق في وزارة الري الدكتور ضياء القوصي إن «مصر بذلت كل ما في وسعها من اجل انجاح الاتفاقية الاطارية لدول حوض النيل، وإن جميع دول الحوض كانت على وشك التوقيع على الاتفاقية، بعد سنوات التفاوض الـ10 التي شملت جميع البنود، بما فيها بند إنشاء مفوضية لدول الحوض تقوم على جلب المنح لإقامة مشروعات مائية متفق عليها، وتعود بالنفع على جميع الدول»
وأضاف أن «اتفاقية عنتيبي في أوغندا الأخيرة اظهرت خلافاً موسعاً بين دول الحوض الـ،10 حيث لم يوقع عليها سوى اربع دول هي اثيوبيا وأوغندا وروندا وتنزانيا، وتغيب عن التوقيع ثلاث من دول المنبع وهي كينيا والكونغو وبورندا، اضافة لدولتي المصب مصر والسودان، وهو ما يؤكد ان ما ذهب اليه الساسة في الدول الاربع يفتقد الى القدرة على اقناع دول المنبع نفسها، خصوصاً أن هذه الدول لا تحتاج لأكثر من 3٪ من مياه النيل، لاعتمادها شبه الكامل على مياه الامطار، وما قامت به هو عمل سياسي لم يبن على مصالح شعوب الحوض»
وأضاف توقيع الاتفاق الاخير «يشكل خطراً بالغاً على مصر التي تعتمد بشكل شبه كامل على مياه النيل، ولكن هذه الدول اعتمدت على الخبرات المصرية في مجالات الري كافة، وهم يعلمون ان الاتفاق دون مصر والسودان لن يعود بالنفع عليهم».
وكشف القوصي عن تقديم الخبراء المصريين عشرات الدراسات العلمية بإقامة مشروعات لاستغلال المهدر من المياه، وإقامة مشروعات لتوليد الطاقة الكهرومائية، ونجحت مصر فعلاً بما لها من علاقات دولية في جلب منح دولية لعشرات المشروعات، ولكن الانقلاب المفاجئ لدولة مثل اثيوبيا يمكن ان يوقف كل هذه المشروعات، لأنه لا يمكن للمجتمع الدولي ان يقوم بتمويل مشروعات في مناطق خلافية».
وقال استاذ القانون الدولي ايمن سلامة إن «الاتفاق الاخير باطل من وجهة نظر القانون الدولي واتفاقات جنيف، حيث تورث اتفاقات المياه مثل اتفاقات الحدود»، وقال إن «قناة السويس وهي مجرى ملاحي صناعي يعتبره القانون مجرى دولياً ويلزم مصر بذلك، ووقع عن مصر بريطانيا وفرنسا، ولا تستطيع مصر ان ترفض الاعتراف بحجة ان الدول الاستعمارية هي التي وقعت اتفاقات قناة السويس».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news