«بيرزيت» اعتبرت التحرش بضيفها جزءاً من الممارسات الإجرامية الصهيونية
منع تشومسكي من دخول «الضفة» يكشف ديكتاتورية إسرائيل
واجهت اسرائيل انتقادات عربية ودولية لمنعها المفكر الأميركي اليهودي نعوم تشومسكي من دخول الضفة الغربية لإلقاء محاضرة في جامعة بيرزيت القريبة من مدينة رام الله. فقد انتقد تشومسكي (81 عاماً) نفسه هذا الاجراء ووصفه بأنه ينم تفكير استبدادي. وقال لدى مغادرته إلى عمّان في وقت متأخر من الليلة الماضية «غريب أن يتم منعي من إلقاء محاضرة في جامعة بيرزيت لأنني لم أحاضر في جامعة تل أبيب، وهذا لا يحدث إلا في نظام مثل نظام حكم جوزيف ستالين»، في إشارة إلى النظام الشيوعي في الاتحاد السوفييتي السابق. وقال تشومسكي في لقاء مع قناة الجزيرة إن السلطات الإسرائيلية سمحت لاثنين من رفاق سفره بالدخول، الا انها منعته وابنته من ذلك، وان المسؤولين كانوا مؤدبين جداً، ولكنهم منعوه من دخول الضفة الغربية» لأن الحكومة الإسرائيلية لا تعجبها الآراء التي أعبر عنها ولأنها غاضبة لأني سأحاضر في جامعة بيرزيت فقط ولا أنوي زيارة إحدى الجامعات الإسرائيلية ايضاً»، وأضاف «سألتهم ان يذكروا لي حكومة واحدة في العالم يعجبها ما أقوله».
تشومسكي في سطور أفرام نعوم تشومسكي. ولد في السابع من ديسمبر ،1928في فيلادلفيا، بنسلفانيا. يعمل أكاديمياً في اللسانيات واللغويات، علم النفس، في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وله العديد من المؤلفات في الفلسفة واللغويات والسياسة، ومهتم بحقل فلسفة اللغة وفلسفة العقل والاخلاق، ويعد مفكراً وفيلسوفاً عالمياً وناشطاً يسارياً. صاحب نظرية النحو التوليدي والتي كثيراً ما تعتبر أهم إسهام في مجال اللغويات النظرية في القرن العشرين. كما أسهم في إشعال شرارة الثورة الإدراكية في علم النفس من خلال مراجعته السلوك الفعلي لـ - ب.ف.سكينر- والذي تحدى المقاربة السلوكية لدراسة العقل واللغة والتي كانت سائدة في الخمسينات. مقاربته الطبيعية لدراسة اللغة أثّرت كذلك في فلسفة اللغة والعقل. ويعود إليه كذلك فضل تأسيس ما أصبح يُعرف بـ«تراتب تشومسكي»، وهو تصنيف للغات. بالإضافة إلى عمله في اللغويات، فتشومسكي معروف على نطاق واسع ناشطاً سياسياً على مستوى العالم، وعرف عنه انتقاداته اللاذعة لإسرائيل وللسياسة الخارجية للولايات المتحدة والحكومات الأخرى، لاسيما الشمولية، ولطالما ندد بسياسات الاحتلال الاسرائيلي، وانتقد ممارساته ضد الفلسطينيين، ويصف تشومسكي نفسه بأنه اشتراكي ليبرالي، ومتعاطف مع العمال والفقراء، وكثيراً ما يُعتبر منظراً رئيساً لما يسمى «اليسار الاكاديمي» في الولايات المتحدة. |
وعلقت ناطقة باسم وزارة الداخلية الإسرائيلية بعد ذلك بأن الوزارة تنظر في الموضوع لتذليل العقبات والسماح للبروفيسور تشومسكي بالدخول، ونحاول الاتصال بالجيش لحل هذه المشكلة، وإذا لم يكن للجيش مانع، فإننا لا نرى من جانبنا أي سبب لمنعه من الدخول.
وروى أستاذ علوم الألسن واللغويات في معهد التكنولوجيا في ماساشوستس «توجهت إلى الضفة الغربية مع ابنتي واثنين من أصدقائي القدامى، توجهنا في شكل طبيعي إلى الحدود، حيث تم استجوابنا، ولقد أبدوا اهتماماً خاصاً بي». وأضاف أن حرس الحدود كانوا «مهذبين جداً»، لكنه أوضح أنه منع من العبور.
وكان تشومسكي المعروف بمواقفه المنتقدة للولايات المتحدة وإسرائيل يعتزم أيضاً زيارة قرية بلعين ولقاء رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، لكن السلطات الإسرائيلية احتجزته على جسر نهر الأردن أمس واستجوبته لمدة ثلاث ساعات قبل منعه من الدخول إلى الضفة.
واستنكرت جامعة بيرزيت منع سلطات الاحتلال الاسرائيلي تشومسكي من دخول الاراضي الفلسطينية، وقالت في بيان لها «إن جامعة بيرزيت وهي تستنكر إجراء سلطات الاحتلال، أمس، لإلقاء سلسلة من المحاضرات، لتوضح أن استهدافها خصوصاً والمؤسسات الأكاديمية في فلسطين عموماً يبدأ بهذه الخطوة الرعناء، بل له تاريخ طويل في منع الفلسطينيين من ممارسة حقهم في التعليم وانتهاك حريتهم الأكاديمية، حالها معظم الحريات التي ينتهكها الاحتلال، ومن ضمنها: منعهم من السفر إلى خارج فلسطين وتدمير البنية التحية لمؤسساتهم، وإعاقة التدريس فيها، ومنع دخول أعضاء هيئاتها التدريسية إلى البلاد، وإبعاد الكثير منهم والحيلولة دون تواصلهم مع نظرائهم في العالم من أمثال الفيلسوف الأميركي نعوم تشومسكي.
وأضاف البيان «لقد تبين من خلال التواصل المباشر مع البروفيسور تشومسكي وما صدر عنه من تصريحات حتى اللحظة، أن منعه من الوصول إلى فلسطين، بعد ساعات من الإعاقة والتحقيق، جاء على خلفية تلبيته دعوة جامعة بيرزيت كمؤسسة أكاديمية فلسطينية، وإحجامه عن زيارة أي من المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، على الرغم من موقفه المعروف من مقاطعة إسرائيل. هذا بالإضافة إلى سبب آخر هو عدم رضى إسرائيل عن أفكاره ومواقفه السياسية». وكان الاكاديمي والمفكر الاميركي اللامع تشومسكي قد استجاب لدعوة من دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية في الجامعة وجهت إليه في الثاني والعشرين من فبراير الماضي، إذ كان من المقرر أن يتحدث في ثلاث ندوات حول «أميركا في العالم» و«أميركا في أميركا» و«فلسطين في أميركا»، في السابع عشر والثامن عشر من مايو الجاري، أيام إحياء الفلسطينيين الذكرى الثانية والستين لنكبتهم في العام ،1948 التي كان تشومسكي سيتحدث عنها في محاضرته الأولى.
كما أشادت جامعة بيرزيت بالمواقف الأخلاقية النبيلة للفيلسوف العالمي وبحراكه الفكري وفاعليته السياسية في دعم قضايا الحق والحرية في العالم وعلى رأسها القضية الفلسطيني، ودعت المجتمع الأكاديمي العالمي والمؤسسات الحقوقية إلى التدخل لوقف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي التي جاوزت كل حدود الوقاحة في انتهاك الحريات الإنسانية للفلسطينيين، خصوصاً الحق في التعليم والحرية الأكاديمية، وطالبت كل مثقفي العالم باتخاذ موقف حاسم من دولة الاحتلال التي لم يعد يخفى على أحد أنها تمارس أقبح أشكال الفاشية والتمييز العنصري ضد ضحاياها الفلسطينيين وكل أصحاب الضمائر الحية الذين يقفون إلى جانب قضيتهم العادلة.
وقال د.مصطفى البرغوثي، رئيس المبادرة والذي كان قد وجه الدعوة إلى تشومسكي لزيارة جامعة بير زيت «هذا قرار فاشي، وقمع لحرية التعبير»، كما استنكر بيان صادر عن جمعية حقوق المواطن الحقوقية الإسرائيلية القرار، وجاء فيه «ان منع شخص من التعبير عن رأيه وطرده، هو من مميزات الأنظمة الشمولية، وأن الدولة الديمقراطية لا تمنع دخول زائرين إليها بسبب آرائهم». وقد أجرى ضباط أمن إسرائيليون تحقيقا مطولا مع تشومسكي وبعد ساعات من الانتظار، أخبره موظف إسرائيلي على الجسر بأنه لن يسمح له بدخول الضفة، وأن إسرائيل سترسل رسالة إلى السفارة الأميركية في تل أبيب تشرح أسباب ذلك المنع. وفي تصريحات للقناة العاشرة الإسرائيلية، قال تشومسكي إن التحقيق استغرق عدة ساعات وقيل له إن حكومة تل أبيب لا تحب أقواله ولا أفكاره، موضحا أنه اقترح على المحققين أن يجدوا حكومة في العالم تحب سماع أقواله.
في المقابل، أشاد عضو الكنيست الاسرائيلي ـ عتانئيل شنلر عن حزب كاديما ـ بالقرار واقترح على تشومسكي أن يدخل غزة عن طريق الأنفاق على الحدود مع مصر، بدلا من دخول الضفة عبر الحدود مع الأردن.
وقد عرف تشومسكي على نطاق عالمي بآرائه اليسارية ومواقفه المنتقدة للولايات المتحدة وإسرائيل ونصرته الشعب الفلسطيني وقضيته، وتعتبره اسرائيل محسوبا على معسكر اليسار الراديكالي الأميركي، حيث قالت الإذاعة الإسرائيلية إنه وقع مع عدد آخر من المفكرين الأميركيين أخيراً بياناً «يتهم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بانتهاك حقوق الإنسان وبارتكاب جرائم حرب».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news