زارها أوغلو لتمتين علاقتها بأنقرة
الكواشرة الشمالية قرية تركية بانتماء لبناني
انتهت الامبراطورية العثمانية، وانطفأ سلطانها، لكنها ومنذ اكثر من 400 عام تركت لها ذكرى عند اطراف لبنان الشمالية، هي عبارة عن قرية من لحم ودم وبيوت وسكان يحملون الهوية اللبنانية، لكنهم ناطقون باللغة التركية الى جانب لغتهم العربية.
بلدة الكواشرة في عكار بشمال لبنان تعتبر اليوم وديعة تركية بانتماء لبناني انقطعت صلة مواطنيها بتركيا بعد خروج الجيش العثماني من لبنان، لكن الاتراك عادوا لمعاملتها منذ فترة بوصاية انسانية وليس بفرمان عثماني صادر عن الباب العالي.
ويفاخر أهل القرية بجذورهم، اذ تقول الكسندرا رحيم «نحن اصلنا اتراك وهذا الشيء يساعدنا كثيرا من اجل أن نسافر الى تركيا، والدولة التركية تدعمنا وتنمي الضيعة».
وعندما زار وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو لبنان في يوليو الماضي تفقد قرية الكواشرة، إضافة الى بلدتي عيدمون والبيرة المجاورتين اللتين تضمان بعض السكان من اصل تركي.
كما ان السفارة التركية في لبنان على تواصل تام مع هذه البلدات، وقد بنت لبلدة الكواشرة مدرسة ثانوية بكل تجهيزاتها وارسلت مدرساً للغة التركية الحديثة وفتحت مشروعات المياه والطرقات والبنى التحتية.
وقال خضر خالد عبدالله الطالب الثانوي «نحن بلدة من لبنان معروفة بأنها تركمانية، واجدادنا مازالوا يتحدثون اللغة التركية ودولة تركيا تقدم لنا منحا دراسية الآن من اجل اكمال دراستنا فيها. هذه المدرسة بناها لنا الاتراك ويعدوننا بالمزيد من المنح لإكمال دراستنا».
أضاف «نحن لانزال نحافظ على اللغة التركية، وبعثت لنا السفارة معلما لكي يعلمنا التركية الحديثة، لان لغتنا التركية في الضيعة هي لغة الاتراك القدماء».
ويجلس كمال يوسف الرجل التسعيني وسط احفاده، يتحدث معهم بالتركية وهم يشاهدون احد المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية والمنتشرة بكثرة في لبنان قائلا لزواره بالتركية «غوشغالدن» أي أهلاً وسهلاً.
وقلما يتذكر يوسف الطويل القامة الذي يحمل تجاعيد السنين ويرتدي الزي التركي القديم تركيا من دون ان يجهش بالبكاء وهو لايزال يتلو الاشعار باللغة التركية متذكرا قصة رجل تركي احب امرأة عربية ولم يسمح له اهلها بالزواج منها.
كما انه لايزال حتى الآن، يحتفظ بوثائق وسندات ارض وعملة تركية، ختمت بعبارة «الدولة العثمانية الرشيدي»، شاهدة على ان «الاتراك كانوا يوما هنا».
ويعمل اهالي الكواشرة وعيدمون والبيرة بالزراعة وتربية المواشي بعدما كانوا قديما يعملون في حياكة السجاد التركي. ويرغب القليل مناهل الكواشرة مواصلة تعليمهم ويفضل الكثير منهم العمل في القرية او الانضمام في صفوف الجيش اللبناني.
ويعكف اكثر من سبعين تلميذا على دراسة التركية الحديثة فيالمدرسة وفي مقر البلدية، حيث قال استاذ اللغة التركية الذي ارسلته السفارة التركية الى الكواشرة يوجال اكتشا عبر مترجم «اتيت الى لبنان عن طريق السفارة التركية في لبنان منذ سنة ونصف السنة وبقي لي هنا ثلاث سنوات ونصف السنة».
اضاف «بدأت بتعليم اللغة التركية في طرابلس في جمعية الصداقة اللبنانية- التركية وفي عكار (الكواشرة البيرة وعيدمون)، وكان التلامذة ضعيفين في البداية، واصبحوا جيدين الآن، وقد زادت نسبة التلاميذ الذين انضموا الى صف اللغة التركية».
وشرح رئيس بلدية الكواشرة محمد عبدالكريم تاريخ القرية، مشيرا إلى ان تعدادها يبلغ اكثر من 3000 نسمة، وقال «اجدادنا اتوا الى الكواشرة، اثنان منهم أتيا الى البيرة وعيدمون، نزحوا من تركيا واتوا الى هنا على ايام الحكم العثماني منذ نحو 450 سنة بقوا هنا واستوطنوا هنا في المنطقة وعاشوا على التقاليد اللبنانية والتركية وما زالوا حتى الآن يتداولون اللغة التركية».
اضاف لرويترز «هناك لغة محلية في الكواشرة هي اللغة التركية، كلهم يتحدثون مع بعضهم فيها. مازالوا حتى الآن من الكبير إلى الصغير يحكون اللغة التركية».
وقال انه لم يبق من الجذور التركية تقريبا إلا اللغة «ولكن هناك تواصلاً بيننا وبين السفارة التركية دائما ويقدمون لنا المساعدات على قدر استطاعتهم، كل سنة يقدمون لنا من سبع الى ثماني منح للذين يريدون اكمال تعليمهم الجامعي في جميع المدن التركية، اولادنا نحو 50 طالبا يكملون تعليمهم في تركيا».
ومضى يقول «عندما زرت اسطنبول في العام ،2009 احسست نفسي بأنني في الكواشرة. لم يتغير علي شيء. كلغة أتكلم مثلي مثلهم وبالوقت نفسه الاكل لم يتغير علي والعادات والتقاليد تقريبا هي نفسها. نحن وطننا الاول لبنان، ونحب وطننا وبلدنا ونشعر بالحنين الىتركيا فجذورنا وأجدادنا القدماء من تركيا».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news