راديكالية ابنة مهاجرين مرشحة لخلافة براون
التحقت بعضوية حزب العمال البريطاني في أوائل ثمانينات القرن الماضي، ولم تلبث أن انتخبت نائبة في مجلس العموم (البرلمان) عام 1987 رغم انتمائها الى الجناح اليساري للحزب.. إنها دايان أبوت التي كانت أول سوداء تدخل البرلمان وترشحها قيادات الحزب الذي خسر الانتخابات التشريعية الاخيرة لزعامته التي سيتم الاقتراع عليها قبل مؤتمره السنوي في 25 سبتمبر.
وتخوض أبوت معركة السباق لخلافة رئيس الوزراء السابق غوردون براون مع خمسة مرشحين بينهم إيد بولز الذي كان مقرباً من غوردون وزير الصحة السابق آندي بورنام، وهو من خريجي «كامبريدج» وجون ماكدونل أحد ناشطي الجناح اليساري، والأخوان إيد ميليباند وزير الطاقة السابق وديفيد ميليباند وزير الخارجية سابقاً الذي تشير توقعات المراقبين الى أنه المرجح ليكون الاوفر حظاً.
وتقول أبوت (57 عاماً) وهي خريجة جامعة كامبريدج «يجب علينا أن نكف عن السماح للمحافظين بتبني مواقف يسارية أكثر منا في مجال الحريات المدنية كما يجب علينا استعادة الديمقراطية داخل الحزب واصلاح ما لحق به من ضرر» وهي تتلقى دعماً من زملائها في الجناح اليساري للحزب ومن كثير من النساء. وعللت أبوت وهي ممثلة منطقة هاكني نورث وستوك نيوينغتون في البرلمان ترشحها بأن اشخاصاً عدة طلبوا منها ذلك «وانظر إلى الأرض، وأقول إن لم يكن الآن، فمتى؟ وإن لم اكن أنا، فمن؟ سأخوضها، فقد طلب كثيرون مني أن أرشح نفسي، وأخيراً وافقت. أعتقد أننا لا نستطيع التقدم الى الأمام بقيادة لا تكون فيها نساء». وتنحدر السيدة أبوت العزباء المولودة في لندن عام 1953 من أسرة عاملة ومكافحة، فوالدها حداد جامايكي ووالدتها ممرضة، وشغلت قبل انضمامها إلى مجلس العموم وظيفة في وزارة الداخلية، وكذلك في قناة تيمز التلفزيونية. ويرى بعض المراقبين في أبوت جدية ليست في غيرها من المرشحين وهي نفسها التي قالت: إن بقية المرشحين جميعاً لطفاء، وسيشكلون زعماء جيدين لحزب العمال، لكنهم جميعاً متشابهون، فلا يمكن انتقاد مرشحين متشابهين وحزب العمال أكثر تنوعاً من ذلك.
وتضيف قائلة: من المهم أن نستعيد أجندة الحريات المدنية من المحافظين والديمقراطيين الليبراليين، وان تسترجع الطاقة الحيوية فهناك حاجة إلى نقاش مناسب حول الهجرة، حيث يكون لأبناء المهاجرين من أمثالي صوت»، كما تطالب أبوت بحوار حول كيفية معالجة العجز في الموازنة، وما إذا كان يجب أن يتم ذلك عبر رفع الضرائب أو الاقتطاع من النفقات.
ويقول محللون سياسيون في لندن إن أبوت او وزير الخارجية السابق ميليباند قادر على الخروج بحزب العمال من آثار الهزيمة التي حلت به، واعدة جمع شتاته في أعقاب الانتخابات العامة الأخيرة التي أخرجته من الحكم بعد 13 عاماً من إدارة البلاد، لكن أطرافاً سارعت الى التكهن بأن أبوت لن تفوز بزعامة الحزب بسبب آرائها ومواقفها اليسارية المتشددة التي توصف بأنها «أقصى اليسار». لكن آخرين قالوا إن ترشيحها سيتيح لليسار المتشدد عرض سياساته ومواقفه. ومن أشهر مواقف أبوت ادعاؤها في مداخلة نيابية ذات مرة «أن بريطانيا هي التي اخترعت العنصرية». وكانت قد فازت في عام 2008 بجائزة أفضل خطيب في مجلس العموم، بعدما ألقت كلمة عصماء عارضت فيها خطط حزب العمال لحبس المشتبه في أن لهم صلة بالإرهاب لمدة 42 يوماً من دون محاكمة. كما كانت أبوت من طليعة البريطانيين السود الذين درسوا في جامعة كامبريدج العريقة في مجتمع مازال حتى الآن يكافح من أجل المساواة بين الجنسين والاعراق، إضافة الى أنها تتمتع بشعبية هائلة في دائرتها لكن مسألة فوزها بزعامة حزب العمال أمر آخر له حساباته، ما يجعل الامر مستبعدا ولاسيما أن محللين ينتقدونها لمبالغتها في مواقفها اليسارية وتؤكد أبوت أنها واثقة بأنها ستحصل على أصوات النساء وذوي الميول اليسارية وكذلك الساعين الى تنوع المرشحين وتوسيع الحوار في أوساط حزب العمال وان الحزب بحاجة الى النضال الواسع النطاق لإعادة ترتيب اوراقه بعد الهزيمة الاخيرة لضمان نجاحاته المستقبلية واستعادة السلطة التي فقدها بعد الامساك بها 31 عاماً. كما يبدي المعلقون السياسيون قلقا متزايدا من غياب المرأة عن حلبة التنافس على الزعامة في حزب العمال. وبقي أن نقول انه إذا كانت هذه المرأة قد صنعت التاريخ بدخولها البرلمان في بريطانيا 1987 أول امرأة من أصول افريقية فإنها صنعته ثانية بدخولها السباق هذا العام نحو زعامة حزب العمال.