عبدالمحسن العبيكان. عادل الكلباني.

حرب الفتاوى تحتدم في السعودية

رجل دين يفتي بإرضاع الكبير، وآخر يقول إن الغناء حلال، على عكس ما تقوله التيارات الدينية الأكثر تشدداً، هكذا تبدو السعودية في خضم حرب فتاوى. وأطراف المواجهة هم رجال الدين المتشددون والتقدميون والقضاة والعلماء، وهم يطلقون الفتاوى أو الردود عليها عبر وسائل الاعلام والإنترنت في مشهد بات يعرف بـ«فوضى الفتاوى».

ودارت معظم المناوشات في الايام الاخيرة حول فتوى رجل الدين المعروف بأدائه المتميز للقرآن، الشيخ عادل الكلباني الذي كان أيضاً أول إمام أسود للحرم المكي، وهي فتوى اعتبر فيها أنه ليس في الإسلام ما يحرم الغناء، مع موسيقى أو من دون موسيقى.

والمعروف أنه باستثناء بعض أنواع الفلكلور، فالموسيقى تبقى ممنوعة في السعودية إلا في مناسبات قليلة.

وأصر الكلباني على فتواه، إلا أنه اضطر إلى التوضيح بأنه لا يقصد الغناء الذي فيه«المجون والاسفاف»، مشيراً بشكل خاص إلى أن فتواه لا تشمل اغاني الفيديو كليب واغان كالتي تغنيها الفنانتان اللبنانيتان هيفاء وهبي ونانسي عجرم. إلا انه قال إن نانسي عجرم يمكن ان تشملها الفتوى إذا قدمت اغنية «ذات كلمات هادفة».

وكان رجل الدين المعروف الشيخ عبدالمحسن العبيكان اثار جدلاً واسعاً أيضا خلال الاسابيع الماضية عبر رأيين اعطاهما وكانا بمثابة فتاوى.

في الرأي الاول أيّد العبيكان فكرة إرضاع المرأة للرجل البالغ، اذا ما أرادت ان تختلط به في الحلال، واعتبر أنها في هذه الحالة تصبح بمثابة أمه بالرضاعة، وبالتالي يصبح محرما عليها، ويمكنها الاختلاط به. وكانت فتوى مشابهة صدرت في مصر العام الماضي أثارت الكثير من الجدل.

وجلبت فتوى إرضاع الكبير ردود فعل غاضبة وهازئة في المملكة والعالم، حتى ان ناشطات نسائيات «هددن» بإرضاع السائقين الآسيويين الذين يجدن أنفسهن مضطرات للاختلاط بهم، من اجل التنقل في السيارات، إذ القيادة مازالت حكرا على الرجال فقط في السعودية، وذلك بحسب تقارير في الصحف الخليجية.

والعبيكان الذي يشغل منصب مستشار في ديوان العاهل السعودي، وغالباً ما ينظر إليه على انه من الوسطيين الذين يودون تطبيق الشريعة الاسلامية بمزيد من اللين في السعودية، أثار غضب المتشددين أيضا عندما أفتى بـ«جواز تأخير صلاة الظهر إلى آخر وقت لها في المناطق الحارة»، وذلك اتباعا للسنة النبوية بالتخفيف عن المسلمين أثناء اشتداد الحر، وبالتالي الجمع بين صلاتي الظهر والعصر.

وأثارت فتاوى الكليبان والعبيكان ردوداً من اعلى المستويات في المؤسسة الدينية السعودية.

وحذر الشيخ عبدالرحمن السديس خلال خطبة الجمعة في مكة من «الغش في العقيدة والعبادة».

أما مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، فهدد برد حاسم. وقال المفتي في حديث صحافي «إذا خرج من هو غير مؤهل للفتوى نوقفه عند حده ونمنعه من التجرؤ على الله، حتى لا يحسن الظن به فيقلد في خلاف الشرع».

ورد الشيخ على قول الكلباني بأن العلماء لديهم «جرثومة التحريم»، فقال إنها «كلمة خطرة، لان العلماء لا يحرمون بأهوائهم، وإنما يحرمون بالدليل من الكتاب والسنّة».

وتسعى الحكومة السعودية إلى ان تكون هناك جهة واحدة مسؤولة عن إصدار الفتاوى، على أن تكون تحت إشراف هيئة كبار العلماء. والمعروف ان القضاة في السعودية جميعهم رجال دين وتلعب الفتاوى التي يصدرونها دوراً محورياً.

وقال المؤرخ والكاتب محمد آل زلفى لوكالة فرانس برس «الناس تحكمهم الافكار القديمة، وهم باتوا يكوّنون عقلية جديدة، وكثيرون ينتظرون هذه الفتاوى (التحديثية) منذ زمن طويل». وأضاف «نحن جزء من هذا العالم، وعلينا أن نبني نظاماً قضائياً يلاقي احتياجات العصر».

ودعا عضو مجلس الشورى حمد القاضي في مداخلة أمام المجلس إلى تنظيم «الفتاوى»، والحد من «فوضى الفتوى».

وقال في هذا السياق إن «العالم الاسلامي يتابع كل ما يصدر عن بلادنا وعلمائها في الشأن الديني، بوصفها بلاد الحرمين».

 

الأكثر مشاركة