حرب أفغانستان تسبب أزمة في الجيش الفرنسي
يبدو أنه من الصعب على العسكريين المشاركين في الحرب على حركة طالبان وتنظيم القاعدة، توجيه انتقادات للسياسة الأميركية في أفغانستان، في ظل الهيمنة الأميركية على مجريات الأمور هناك، إلا أن بعض قادة القوات الفرنسية في أفغانستان خرجوا على المألوف وانتقدوا سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما والاستراتيجية العسكرية التي يتبناها منذ مجيئه إلى البيت الأبيض. وبعد استدعاء قائد قوات التحالف الجنرال ستانلي ماكريستال وإعفائه من مهامه، قامت باريس باستدعاء الجنرال فانسون ديبورت الذي يدير الكلية العسكرية في فرنسا عقب انتقاده الاستراتيجية الأميركية التي يراها المسؤول الفرنسي غير فعالة. ويعتقد ديبورت أن الرئيس الأميركي «ليس متأكداً تماماً من خياراته».
من جهته، اعتبر قائد الأركان المشتركة في القوات المسلحة الفرنسية، الجنرال إدوار غيو، تصريحات ديبورت غير مسؤولة.
وانتقد ديبورت الذي يصنف ضمن كبار الخبراء العسكريين في فرنسا الاستراتيجية التقليدية المضادة للجماعات المسلحة التي طبقها ماكريستال منذ عام، حيث تم التركيز على التقليل من إطلاق النار واستخدام الوسائل الجوية والمدفعية للحد من الخسائر الجانبية. وقال ان هذه الاستراتيجية «لا تبدو صالحة». وتسببت هذه السياسة، حسب الخبير، في ارتفاع عدد القتلى، ما أدى إلى تراجع شعبية الحرب في أفغانستان إلى مستويات غير مسبوقة.
ويعتبر ديبورت قائداً وخبيراً عسكرياً محنكاً، حيث يدير الكلية العسكرية المشتركة، كما ألف العديد من الكتب العسكرية والاستراتيجية.
خلافاً للجنرال الأميركي ماكريستال، لم ينتقد ديبورت القيادة الفرنسية سواء المدنية أو العسكرية، الأوضاع في أفغانستان لم يسبق لها أن تردت إلى هذا المستوى من قبل. ويعتقد الضابط الفرنسي أن الحرب «أميركية» وإسهام فرنسا رمزي، ولا يسمح للفرنسيين بالمشاركة في رسم الاستراتيجية العسكرية أو حتى استشارتهم فيها. وعلى الرغم من أن هذا هو الواقع، إلا أن مراقبين يرون أنه من غير الضروري نقل النقاش خارج المؤسسة العسكرية. وفي المقابل يرى محللون أن سلوك وزارة الدفاع الفرنسية غير مبرر، لأن ديبورت لم ينتقد المؤسسات الفرنسية. واعتبره آخرون بأنه «معيب» في حق المؤسسة العسكرية، حسب صحيفة «ماريان» التي ترى فيه «تصرفاً ساذجاً»، لأن الوزارة تعاقب أحد الوجوه العسكرية البارزة لانتقاده سياسة الولايات المتحدة في أفغانستان.
والأمر لا يقتصر على ماكريستال، فقد عبر عدد من كبار الضباط الأميركيين عن عدم رضاهم عن السياسة الأميركية في أفغانستان، ليس لإضعاف موقف بلادهم بالطبع، ولكن لإعادة الحسابات. وهذا ما حدث بالنسبة للحرب على العراق، حيث تعاقب كبار العسكريين على انتقاد استراتيجية البيت الأبيض والبنتاغون في وسائل الإعلام الأميركية. ويمتد النقاش إلى المنشورات العسكرية أيضاً، حيث كتب الخبير في مكافحة المسلحين جون ناجل على صفحات «دورية القوات المشتركة» مقالاً يشيد فيه بالعمليات في أفغانستان، معتبراً الاستراتيجية الحالية «في المستوى».
وعلى الصفحة نفسها، ينتقد العضو في الأكاديمية العسكرية الشهيرة «وست بوينت» العقيد جيان جانتيل استراتيجية أوباما، ويرى أنها «أبعد من أن تكون مثالية، ويعبر أن أسفه من السلوك الرسمي وتأخر قيادة بلاده في مراجعة سياستها في أفغانستان.
وفي الولايات المتحدة الكل يرى هذا النقاش أمراً عادياً، والتكتم في هذه المسائل، حسب أحد الضباط الفرنسيين، لايخدمنا بأي حال من الأحوال».