كتاب: قيــام إسرائيــل تم برشــوة ممثلي دول في الأمم المتحدة
في مقابلة مع المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس، أجرتها معه «يديعوت أحرونوت» كشف المؤرخ من خلال بحث، وصف بأنه واسع النطاق، عن وثائق في كتاب جديد له بعنوان «1948 تاريخ الحرب العربية الإسرائيلية الأولى»، تؤكد أن مندوبين في الأمم المتحدة حصلوا على رشى من أجل التصويت إلى جانب قرار التقسيم في نهاية نوفمبر .1947
وبالعودة إلى الأجواء التي سبقت التصويت على القرار، فإن توتراً انتاب قادة الحركة الصهيونية، من جهة أن التصويت إلى جانب القرار يعني قيام «دولة إسرائيل»، وأن عدم التصويت سيشكل ضربة قاصمة للصهيونية، الأمر الذي دفع القادة الصهاينة الى «عد الرؤوس»، وتبين أن نتائج التصويت لن تكون جيدة.
ويقول موريس «في هذه المرحلة قرر أحدهم أن الدبلوماسية النظيفة لا تكفي، ولأن الغاية تبرر الوسيلة، يجب الانتقال إلى وسائل ظلامية، بما في ذلك الرشوة وممارسة الضغوط». ويكتب موريس في هذا السياق أن « الاعتبارات المالية كان لها تأثير في تصويت مندوبي دول أميركا الجنوبية. إذ حصلت بعثة من جنوب أميركا على 75 ألف دولار مقابل التصويت على قرار التقسيم. كوستاريكا صوتت إلى جانب القرار رغم أنها لم تأخذ مبلغ 45 ألف دولار عرض عليها، ومندوب غواتيمالا أبدى حماساً زائداً في تأييده للصهيونية وتؤكد وثائق بريطانية، أنه تلقى أموالاً من منظمات يهودية أميركية كما تشير تقارير لدبلوماسيين أميركيين أنه كان على علاقة بفتاة يهودية، ومن الممكن أن تكون هناك حالات أخرى، ولكن لا يوجد وثائق تؤكد ذلك». ورغم أن موريس لا يعتبر الوثيقة جيدة، إلا أن رسائل ومذكرات موظفين ومسؤولين بريطانيين تشير إلى وجود هذه القضايا بشأن عدد من الدول في أميركا الجنوبية، والتي تم إقناع مندوبيها بواسطة الأموال بالتصويت إلى جانب قرار التقسيم.
كما يشير إلى حالات ابتزاز، إذ قامت جهات صهيونية بممارسة الضغوط وتهديد مندوب ليبيريا بعدم شراء المطاط. وتمت أيضا ممارسة ضغوط اقتصادية شديدة على عدد من الدول، خصوصاً تلك التي رفضت أن تأخذ رشى مثل كوستاريكا، وصوتت في نهاية المطاف مع التقسيم. ويشير في هذا السياق إلى عدد من رجال الأعمال الصهاينة، مثل صامويل زموراي صاحب «شركة الفواكه الموحدة» وهي كيان أميركي كبير ذات نفوذ واسع وخصوصاً في دول الكاريبي.
وتلفت الصحيفة إلى أن هذه الحقائق لم تكن مفاجئة نظراً لوجود ما يشير إلى ذلك. كما سبق أن أتى المؤرخ ميخائيل كوهين على ذكر ذلك، وأيضاً كتب توم سيغيف عن ذلك من خلال ما كتبه عن تخصيص ميزانية مليون دولار لـ «عمليات خاصة».
تجدر الإشارة إلى أن موريس نفسه يعتبر هذه الوسائل «مشروعة»، انطلاقاً من أن «قيام دولة إسرائيل كان على جدول الأعمال والغاية تبرر الوسيلة»، إضافة إلى ادعائه «بأن الرشوة أفضل من الحرب العالمية الثالثة التي هدد بها العرب في حال قيام الدولة».
وفي كتابه الجديد يحاول موريس أن يجعل الصراع العربي -الإسرائيلي صراعا دينيا. إذ يدعي أن ما اعتبر حتى الآن بين مجموعتين قوميتين، هو في الواقع صراع سياسي ذو طابع عسكري، ويجب أن ينظر إليه على أنه «حرب جهاد».
ويجيب موريس في المقابلة أن الحرب (عام 1948) كانت ذات طابع ديني، بالنسبة للعرب على الأقل، وأن العنصر المركزي فيها هو دافع الجهاد، إلى جانب دوافع أخرى سياسية وغيرها. وبحسبه فإن الأهم بالنسبة للعرب هو «عنصر الكفار الذين سيطروا على أرض إسلامية مقدسة، ويجب اقتلاعهم منها. وأن الغالبية الساحقة في العالم العربي رأوا في الحرب حربا مقدسة أولا».
إلى ذلك، يتضمن الكتاب تطرقا إلى ممارسات الجنود الإسرائيليين خلال الحرب، فيشير إلى 12 حالة اغتصاب قام بها جنود إسرائيليون. من بينها قيام ثلاثة جنود باغتصاب فتاة فلسطينية من مدينة عكا، وذلك بعد قتل والدها أمام ناظريها، ثم قاموا بقتلها في نهاية المطاف، وحكم عليهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات فقط. كما تتضمن حالة اغتصاب فتاة من مدينة يافا لم يتجاوز عمرها 12 عاماً. في المقابل يشير إلى حالة واحدة جرت فيها محاولة لاغتصاب مجندة إسرائيلية في «الهاجاناه» من قبل الجيش العربي إلا أن الضابط المسؤول عنها أطلق النار وأنقذ المجندة.
لكن موريس يبرر سلوك الجيش الاسرائيلي، فيقول «كان هناك كثيرون (من اليهود) ممن تركوا غرائزهم تتحكم فيهم. بعضهم جاء من معسكرات الإبادة في أوروبا وسعوا للانتقام من الأغيار. بعضهم أراد الانتقام لمقتل أصدقاء لهم. لكل شعب هناك نقاط سوداء في تاريخه».