حميد غول: وثائق «ويكيليكس» سرّبتها أميركا لتوريط باكستان
اتهم مدير الاستخبارات الباكستانية السابق حميد غول الولايات المتحدة بالوقوف وراء تسريب معلومات حساسة إلى موقع «ويكيليكس»، وقال إن «الهدف هو تبرير فشل الحرب الأميركية في أفغانستان وإلقاء اللومأعلى باكستان»، مضيفاً أن «أميركا دبرت تسريب كم هائل من الملفات السرية في محاولة لإقناع العالم بأن الاستخبارات الباكستانية هي المسؤولة عن فشلها في أفغانستان».
ووصف البيت الأبيض ما قام به الموقع الإلكتروني بالخرق الواضح لقوانين السرية، ما يعرض عناصر القوات الأميركية للخطر في أرض المعركة. وقد أعاد التسريب الجدل حول الاستراتيجية العسكرية في أفغانستان إلى الواجهة. وقال الجنرال المتقاعد الذي ورد اسمه في الوثائق أكثر من مرة، إن «يداً خفية من الحكومة الأميركية لعبت دورا أساسيا في وصول المعلومات السرية إلى «ويكيليكس»، ثم نشرها». وهذا التصريح من شأنه أن يلقى صدى في الشارع الباكستاني المتذمر من التصرفات الأميركية وسياستها في المنطقة.
«تايم»: المستندات ليست سراً.. واللغز موقف أوباما من الحرب
أبدى البيت الأبيض غضبه من التسريب المكثف للوثائق العسكرية عن الحرب في أفغانستان، ولكن في الوقت ذاته هناك شعور بالارتياح في أوساط مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، لأن الوثائق التي أعطاها موقع «ويكيليكس» لصحيفة «نيويورك تايمز» ويصل عددها الى 92 ألف وثيقة، لا تتضمن في واقع الامر اسراراً حقيقية أو خطيرة، فعلى سبيل المثال ليس سراً أن «طالبان» أثبتت قدرة على استعادة السيطرة لم يكن يتوقعها أحد، وأن القوات الاميركية قتلت عدداً من عناصرها دون التأكد، وأن كوادر الحركة دخلوا مع باكستان في لعبة مزدوجة، وأن القوات الأميركية قتلت مدنيين أفغاناً أبرياء. وليس سراً كذلك أن تلك القوات تلاعبت بالحقائق المتعلقة بالحرب في بعض الأحيان. هذا الكنز من الوثائق رغم أنه لا يقدم حقائق جديدة تماماً فإنه يقدم كماً من المعلومات عن مجريات الحرب الأفغانية وتفاصيلها المؤلمة، بما يساعد على إجراء تقييم جديد أكثر دقة لمجرياتها ومدى صعوبتها، وصعوبة حشد المجهود الأميركي الحربي وتوفيره. السر الحقيقي الوحيد الذي لم يكشف عنه أحد حتى الآن هو ما إذا كان أوباما يؤيد معظم ما جاء في هذه الوثائق، خصوصاً ما يتعلق بمدى استمرار توفير المجهود والموارد لمواصلة الحرب في أفغانستان. ترجمة: عقل عبدالله عن مجلة «تايم» |
ويقول المسؤول الباكستاني السابق «أنا كبش الفداء المفضل لدى الأميركيين الذين لا يتصورون أن الأفغان بإمكانهم كسب الحروب دون مساعدة الآخرين». ويضيف غول مازحاً «من العار الاعتقاد بأن جنرالا متقاعدا يبلغ من العمر 74 عاماً يقود المسلحين في أفغانستان من أجل إلحاق الهزيمة بأميركا».
وتساءل عن الطريقة التي سيكتب بها الأميركيون تاريخهم. وورد اسم الجنرال المتقاعد في 10 وثائق من بين 180 وثيقة يقول فيها الأميركيون إن الاستخبارات الباكستانية تعاونت مع المسلحين الأفغان ضد قوات الحلف الأطلسي. وأوضح غول أن «الأميركيين يتهمونه أبمساعدة (طالبان) لأنهم لا يستطيعون فهم كيف تمكن الأفغان بأنفسهم من تحقيق النصر في الحرب ضدهم».
وتشير هذه التقارير إلى أن باكستان قامت بتزويد 1000 مسلح من جماعة حقاني للقيام بعمليات انتحارية.
ويتهم غول بإعطائه تعليمات بالقيام بهجمات على قوات حلف الأطلسي في ،2006 بواسطة القنابل المزروعة على الطريق، والتآمر مع مسلحين أفغان لخطف موظفين في منظمة الأمم المتحدة.
وشكك محللون باكستانيون في التقارير التي تتهم استخبارات بلادهم بمساعدة مسلحي «طالبان» في أفغانستان، وقالوا إنها معلومات مضللة حصلت عليها أميركا عن طريق الاستخبارات الأفغانية التي لديها تاريخ طويل من العداء لباكستان. ووصف غول الوثائق المسربة بأنها «خيال محض» وقال إنه «يقضي وقته مع أحفاده، ويمارس هوايته الخاصة المتمثلة في الاعتناء بأشجار المانجو والدراق».
وكان غول على رأس جهاز الاستخبارات الباكستاني في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، ولم يشغل منصبا رسميا منذ .1992 يشار إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وزميلتها الباكستانية عملا إلى جنباً إلى جنب داخل أفغانستان عندما كان غول على رأس جهاز الاستخبارات الباكستاني، ولكن بعد تقاعده أصبح غول معادياً للسياسة الأميركية في المنطقة.
يرى غول ان الهدف من وراء تسريب الوثائق تجنيب إدارة الرئيس باراك أوباما اللوم بسبب خسارة الحرب في أفغانستان، وإلقاء المسؤولية على باكستان، وقال «المزيد من الدماء والتمرد السياسي ينتظر المنطقة في حال استمرت أميركا في التعاطي مع الأمور بهذه الطريقة». مضيفا «لا يمكن انتزاع النصر من بين فكي الهزيمة». وتتناغم هذه الاتهامات الموجهة للجنرال المتقاعد مع شكوك راودت مسؤولين أميركيين منذ فترة طويلة بأن شبكة من ضباط المخابرات الباكستانية المتقاعدين دعمت المسلحين الأفغان، في إطار المنافسة المحمومة مع الهند. ومن جهتهم استبق المسؤولون الباكستانيون التسريب الأخير بالتحذير من أن بلادهم ستتحمل العبء الأكبر في حال فشلت الولايات المتحدة في تحقيق الاستقرار في أفغانستان.