«العبوات اليدوية» القاتل الأكبر للجنود الأجانب في أفغانستان
يسير عدد من المظليين الأميركيين والجنود الافغان وراء بعضهم بعضاً في خط واحد ترافقهم الكلاب لدى خروجهم من موقع قتالي للقيام بمهمة خطرة هي ازالة العبوات الناسفة في احدى مناطق جنوب افغانستان.
يقول قائد قوة الفا في الفرقة المجوقلة 101 الكابتن جيمس ثوماسون «سنقوم بتطهير أحد الطرق».
وتعرف هذه الفرقة التي يطلق عليها اسم «الصقور الصارخة» بتاريخها من الانجازات العسكرية في الجيش الاميركي، فقد شاركت هذه الفرقة في الانزال على سواحل نورماندي بفرنسا في يونيو 1944 ومعركة هامبرغر هيل في فييتنام وغزو العراق، وتقاتل حالياً على جبهة أميركية اخرى هذه المرة في جبال وسط آسيا.
وبعد نحو تسع سنوات من الحرب في افغانستان، تظل العبوات الناسفة المصنعة يدويا هي اكبر قاتل للجنود الاجانب في افغانستان، فهي رخيصة الثمن وبسيطة الصنع وباستطاعة مقاتلي «طالبان» صنعها ببساطة وسهولة، اضافة الى انها فتاكة.
وهذه العبوات المصنعة يدوياً التي تدفن على جوانب الطرق أو تخبأ في افخاخ وتفجر عن طريق اجهزة توقيت او بواسطة اجهزة التحكم عن بعد، تتسبب في مقتل المئات وتحدث اصابات بالغة تدمر حياة العديد من الجنود والمدنيين.
وتنفق واشنطن مليارات الدولارات لمواجهة هذا التهديد، وعلى ثوماسون ورجاله ان يقوموا بإزالة هذه العبوات.
ويقع المعسكر الذي يتمركز فيه الجنود ويدعى معسكر نولين (نسبة الى جندي قتل في احدى المعارك) على مشارف قرية جيلاوار في وادي ارغانداب بولاية قندهار، معقل حركة طالبان.
وقبل ان يتوغل الجنود في طريق يطلق عليها «طريق العبوات الناسفة المصنعة يدوياً» يصدر السرجنت جورج روبرتسون توجيهاته للجنود الافغان، ويقول «ابقوا على مسافة خمسة أمتار من بعضكم بعضاً». وفجأة يرفع الجندي المكلف بأحد الكلاب قبضته المغلقة ليأمر الدورية بالتوقف.
وعلى الاثر يتجمد الرجال في أماكنهم ويدور الكلب وهو من فصيلة «لابرادور» حول احد المواقع ويشمه وينظر الى سيده ويجلس وهو يلوح بذيله.
ويقول الجندي «عبوة ناسفة، تراجعوا جميعكم الى الوراء».
ويوضح الميجور توم بوريل «نحن على بعد 600 متر من مقاتلي (طالبان). لقد بنوا حزاما دفاعيا من العبوات الناسفة اليدوية الصنع حول مواقعهم»، مضيفاً ان «ما بين 60 الى 65٪ من الإصابات بين صفوفنا سببها العبوات الناسفة اليدوية الصنع».
ويتم استدعاء خبراء تفكيك المتفجرات تقودهم امرأة في العشرينات من العمر رفعت شعرها الى الاعلى وغطته بخوذة واقية.
وتزحف الجندية الشابة الى مسافة نحو 50 متراً من النقطة التي دل عليها الكلب فيما يقوم الفريق بإعداد رجل آلي (روبوت) سيقوم بتفجير العبوة الناسفة وهي عبارة عن قذيفة هاون من عيار 82 ملم مزودة بجهاز وآلية تفجير.
ومعركة الفوز «بقلوب وعقول» الافغان ليست بالامر السهل في هذا المكان الذي يعد معقلاً لـ«طالبان».
ويوضح ثوماسون «لا يمكن ان نغادر المعسكر دون ان يعلم مقاتلو (طالبان) بذلك. إن لهم عيونا في كل مكان نطلق عليهم (طالبان العشر دولارات) لأنهم يقومون بذلك من اجل المال فقط».
ويقول قائد الكتيبة الكولونيل ديفيد فلين «عثرنا على مئات العبوات الناسفة المصنعة محلية. ولم يدلنا السكان إلا على نسبة صغيرة جدا منها». وإلى جنوب احدى قنوات المياه، يتمركز عدد من مقاتلي «طالبان» يراقبون الوضع.
ويصرخ احد الجنود الافغان بلغة الباشتو المحلية «انني ارى حركة، انني ارى حركة».
ويطلق الجندي الذي يثبت على جسده أحزمة من الرصاص ويرتدي قميصا احمر وطاقية سوداء تجعله يشبه أحد ثوار جنوب اميركا، وابلاً من الرصاص من بندقيته الرشاشة فيما يبدأ المظليون الاميركيون في تحضير قاذفات الصواريخ.
ويتردد صدى الصواريخ ويصرخ الكابتن مطلقاً أوامره «الى اليسار قليلاً. الى اليمين قليلاً». ويصيح السرجنت ريك ماكلين «لقد أصبناه، لقد أصبناه. هيا بنا لنقبض عليه». وفي الموقع الذي أصيب به مقاتل «طالبان» خلف حائط منخفض، يعثر الجنود على ولاعة وبقع دماء. ولكن مسلح «طالبان» لا يظهر. ويأمر الكابتن الجنود بالعودة.