أميركا تتريّث في الهجوم على إسلاميي الصومال
كثيراً ما يتساءل الأميركيون: هل يعنيهم أن يكون الصومال ملاذاً آمناً «للجهاديين الدوليين»؟، وتجيب وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) عن هذا السؤال بقولها: «إن الصومال ليس مهماً في الوقت الراهن الى أن يشن الجهاديون هجوماً ارهابياً يجعل من الموقف أكثر إلحاحاً».
ويعتقد الكثير من المحللين العسكريين أن اتخاذ أي سياسة هجومية حيال الجهاديين من شأنها أن تتمخض عن نتائج لا تحمد عقباها. ولكن اذا كان الاميركيون غير مستعدين لغزو الصومال في الوقت الراهن، واضعين في اذهانهم الخسائر التي تكبدوها عام ،1993 فكيف تستطيع اميركا ان تعمل على الحد «من تهديدات الاصوليين الاسلاميين في الصومال؟».
وفي الوقت الراهن فإن أكبر الميليشيات المسلحة في الصومال هي «حركة الشباب المجاهدين» التي تسيطر على اجزاء كبيرة من جنوب ووسط البلاد، وتحاول جاهدة القضاء على الحكومة الصومالية الانتقالية المعترف بها عالمياً.
ومع اشتداد وتيرة القتال نزح أكثر من 200 الف مدني عن العاصمة مقديشو وتعرض آلاف منهم للقتل او الاصابة.
وتوفر القوات الافريقية، التي يشكل الاوغنديون معظمها، الحماية للحكومة المؤقتة، وربما يفسر ذلك تلك التفجيرات التي نفذتها «حركة الشباب» في العاصمة الأوغندية كمبالا التي اودت بحياة 76 شخصاً على الاقل لإجبار القوات الأوغندية على الانسحاب من الصومال، وهددت الحركة أيضاً بمريد من الهجمات الى ان تنسحب اوغندا كلياً من هناك.
مثل هذه الهجمات التفجيرية قد تضطر أميركا الى مؤازرة حكومة مقديشو بعد وصول الاسلامي المعتدل شيخ شريف شيخ احمد إلى سدة الرئاسة، والذي يصر على تطبيق احكام الشريعة الاسلامية، بيد ان البعض يشكك في ان حكومته لا تسيطر سوى على بعض الشوارع الخربة في العاصمة الصومالية. وبالمقابل، فإن قوة «حركة الشباب» تفوق القوات الحكومية بمراحل عديدة، اذ تضم آلاف المقاتلين المسلحين بأسلحة مضادة للطائرات محمولة على سيارات «بيك آب».
ويتفق جميع قادة الحركة على طرد الحكومة الانتقالية، و«الغزاة» المتمثلين في القوات الافريقية، ويحاولون عدم الاعتماد على الاغاثة التي ترسلها الامم المتحدة للحد الذي اعادوا فيه احدى قوافل الاغاثة القادمة من الجنوب. ويفرض قادة الحركة على الشباب الصوماليين القتال الى جانبهم، كما تدفع العوائل التي ترسل واحداً من ابنائها للقتال مع الحركة مبلغاً معيناً من المال.
وتتخذ اميركا في الوقت الراهن نهجاً حذراً من الصراع الدائر في الصومال، فلاتزال تأمل ان يرتد الصوماليون ضد «حركة الشباب». وتحول العملاء الاميركيون الموجودون في الصومال او على ظهر السفن الحربية الاميركية الموجودة قبالة الشواطئ الصومالية «من مطاردة رجال القاعدة الى التنصت على معسكرات تدريب الشباب». كما تراقب اميركا مساندي الحركة في اميركا، إذ وجهت المحاكم تهماً الى 14 اميركياً متهمين بمساعدة «حركة الشباب»، كما ان احد مقاتلي الشباب والذي لقي حتفه الاسبوع الماضي في الهجوم على مطار مقديشو، كان اميركي الجنسية.
لكن ليس جميع المساندين للشباب هم من الصوماليين الاميركيين، إذ ان احد قادة الشباب رجل ابيض يسمى عمر حمامي، نشأ في ولاية ألاباما الاميركية ودخل مدرسة دينية مسيحية قبل ان يعتنق الاسلام. ويقول وزير العدل الأميركي إريك هولدر، إن الاميركيين الساعين الى مؤازرة حمامي عليهم ان يتوقعوا إما السجن في البلاد او الموت في ميادين المعارك في الصومال.
إلا ان تحركات الصوماليين الاميركيين الذين يسافرون الى الصومال بغرض التجارة او زيارة الاقارب تجعل من الصعب على الاستخبارات الاميركية معرفة ما اذا كان هؤلاء من الجهاديين ام انهم اناس عاديون، كما انه من الصعب على كل من بريطانيا وكندا وايطاليا والسويد (وهي من البلدان التي تؤوي جماعة لا بأس بها من الصوماليين) معرفة نيات من يغادرونها لزيارة الصومال.
ويصعب ايضاً على الاستخبارات الكينية مراقبة الصوماليين الذين يصل عددهم الى 2.5 مليون صومالي، ولا تخشى تلك الاستخبارات فقط من الاسلاميين الصوماليين الكينيين الذين يتلقون تدريبهم في معسكرات داخل الصومال، وانما تخاف اكثر من امكانية وجود «خلايا إرهابية» داخل العاصمة نيروبي أو في أي مكان آخر من الاقليم.