مستوطنة أرئيل.. عقبة كبرى أمام الــسلام
بالتزامن مع انتهاء مهلة تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية تطرح صحيفة «الاندبندنت» البريطانية تساؤلاً هو: هل السلام الفلسطيني الاسرائيلي على بعد 13 ميلاً عن الخط الأخضر الذي يفصل اسرائيل عن الضفة الغربية؟ أما مغزى الـ13 ميلاً فهو الاشارة الى مستوطنة أرئيل التي اقامتها اسرائيل في السبعينات على ذرى جبال متصلة تابعة لمدينة سلفيت التي تعد مركزاً لإحدى المحافظات طبقاً للتقسيم المعتمد لدى السلطة الفلسطينية، وترتب عليها مصادرة مساحات من أراضي قرى مجاورة مثل مردة وياسوف وسكاكا وكفل حارس.
وأما عن علاقة مستوطنة أرئيل (التي تحمل اسم أرئيل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق)، بالسلام فهو أنها توسعت وأصبحت تجمعا استيطانيا كبيرا يقال إنه يحظى بإجماع قومي اسرائيلي على ضرورة «ضمه الى اسرائيل» في اطار أي حل نهائي مع الفلسطينيين الذين يرفضون ذلك بشدة، ويقولون انه يقوض طموحهم إلى إقامة دولة فلسطينية مترابطة قابلة للحياة، لأن ذلك التجمع يقسم الضفة الغربية الى قسمين شمالي وجنوبي، حسب ما شرحه الخبير الفلسطيني المختص في الخرائط خليل التفكجي.
وحتى عام 1990 كان الفلسطينيون من أهالي القرى المجاورة لا يحتاجون إلى أكثر من 10 دقائق للوصول الى سلفيت التي لا تبعد عنها غير بضعة كيلومترات، غير أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي في إطار إجراءاتها لتوفير «الامن للمستوطنين»، ألغت الطريق الأساسي والمعروف الذي لا يزيد على بضع كيلومترات، وقامت بتحويله شرقاً الى «مثلث زعترة»، ثم الالتفاف يمينا الى قريتي «سكاكا»، «وياسوف» ومنها الى سلفيت في طريق طويل يمتد الى نحو 20 كيلومتراً.
ولقيت مبادرة ممثلين إسرائيليين بالامتناع عن تقديم عروض مسرحية وفنية كانت ستقام في مستوطنة أرييل قبل اسابيع، وكذلك مقاطعة أكاديميين إسرائيليين للكلية الجامعية المقامة في المستوطنة، تأييداً من حركات السلام وقوى اليسار الاسرائيلية مثل جماعة «بيتسلم» لحقوق الإنسان وحركة «ميريتس» وترحيباً من ناشطين فلسطينيين وجماعات غربية ناشطة من أجل السلام في الشرق الأوسط.
وقال كاتب مسرحي إسرائيلي إن «تقديم عروض فنية في المناطق المتنازع عليها يعني جعل المستوطنات اليهودية شرعية».
وأكد ضرورة الابتعاد بالفن عن تعقيدات السياسة وإلى ان من الاسهل أن يأتي مستوطنو أرئيل الى تل أبيب لحضور تلك العروض الفنية.
ويتفق محللون إسرائيليون وفلسطينيون على أن مستوطنة أرئيل تجسيد حي لأحد العوائق الكبيرة في طريق اتفاق سلمي نهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويذهب بعضهم الى القول إن إخلاء المستوطنات الصغيرة والبعيدة والمعزولة لن يكون أمرا سهلا، فكيف يكون إخلاء مستوطنات كبيرة مثل أرئيل أو «معاليه ادوميم» سهلاً؟ بل إن محاولة إجلاء المستوطننين فيها بالقوة قد تؤدي الى اندلاع حرب أهلية تقسم إسرائيل إلى معسكرين.
وتشكل مستوطنة أرئيل التي تضم اكثر من 20 ألف مستوطن تهديدا حقيقيا لعملية السلام إذا ما أصرت أي حكومة اسرائيلية على ضمها الى اسرائيل في إطار أي تسوية محتملة، الأمر الذي قد ينسف تلك التسوية التي لابد أن تكفل التواصل الجغرافي لدولة فلسطينية مستقلة.
ومنذ أكثر من أربعة عقود ومشكلة الاستيطان تمثل أكبر وأهم العقبات امام السلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي الذي يواصل التوسع في المستوطنات القائمة في إطار ما يسمى «سياسة تسمين المستوطنات»، وبناء مستوطنات جديدة على أراضٍ جديدة يصادرها من الفلسطينيين من أبناء الضفة الغربية، متذرعاً بأسباب عديدة منها انها أراض أميرية، أي ذات ملكية تعود للدول التي تعاقبت على فلسطين قبل إسرائيل او أنها جبلية وعرة وغير صالحة للزراعة. وظهرت في الأيام الاخيرة داخل إسرائيل أصوات مختلفة حول هذه المشكلة فمنها ما يدعو الى المضي قدماً في النشاط الاستيطاني، ومنها ما يتخوف من انهيار المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين.
وفي عام 2006 وخلال زيارته لواشنطن اقترح رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت خلال محادثاته مع الرئيس الاميركي السابق جورج بوش ضم تجمع أرئيل الى إسرائيل في اطار أي تسوية سلمية نهائية مع الفلسطينيين، إذ امتدح بوش الفكرة.
وقال إن أولمرت قدم ما سماه «أفكاراً جريئة» حول اعادة تشكيل الضفة الغربية، ولكنه أضاف ان التوصل إلى اتفاق يجرى التفاوض عليه مع الفلسطينيين أفضل من اتخاذ تحركات من جانب واحد.
غير أن الفلسطينيين نددوا بالاقتراح قائلين إنه يحرمهم دولة مترابطة قابلة للحياة والاستمرار في الضفة الغربية وقطاع غزة.