جندي ينصح القوات الأميركية في العراق: لا قيمة للنصر إذا فقدتم عائلاتكم
ينصح جندي أميركي سابق أصيب بتشوهات خلال حرب فيتنام الجنود في قاعدة عسكرية جنوب العراق، قائلاً «لا قيمة للنصر إذا فقدتم عائلاتكم»، وذلك أثناء تقديم شهادته حول الظروف القاسية التي مر بها.
ووسط تصفيق حار من مئات العسكريين في القاعدة الاميركية في البصرة (550 كلم جنوب بغداد)، تحدث ديف روفر عن محاولته الانتحار ومدى تعلقه بعائلته، مثيراً حماسة الحاضرين ودهشتهم بينما كان يتحدث عن معاناته الشخصية.
وبأسلوب مشوق وعبارات جميلة تخللتها وقائع مأساوية سردها بطريقة مضحكة على مدى 40 دقيقة، روى العسكري المخضرم (63 عاماً) الذي وصفه ضابط أميركي بأنه «شهادة حية لمفهوم المثابرة»، دروساً تعلمها خلال تجربته من شأنها ان تساعد على تحفيز الجنود.
ومما قاله روفر للجنود إن «الانتصار في الحرب لا يعني شيئاً اذا فقدت عائلتك. أتوسل اليكم ان تتصلوا بعائلاتكم بواسطة الهاتف وأن تستمروا بعلاقتكم معها».
وأعاد التذكير بعبارة شهيرة لرئيس الوزراء البريطاني الاسبق ونستون تشرشل تقول «لا يجب الاستسلام ابدا ابدا ابدا».
وأضاف أنه كان قد وصل الى فيتنام قبل سبعة أشهر، عندما واجه في 26 يوليو 1969 «شبح الموت» بينما كان وسط نهر قريب من الحدود الكمبودية.
ووقع الحادث بالخطأ عندما كان ينوي إلقاء قنبلة يدوية فوسفورية، بينما كان على متن زورق دورية باتجاه إحدى ضفتي النهر.
ويقول روفر الذي فقد أنفه وإحدى عينيه وأذنه وعدداً من اصابع اليدين، وخضع لعمليات جراحية معقدة، «نصف جلدي تعرض لحروق شديدة او تمزق، خفضت رأسي فشاهدت كيف كان قلبي ينبض».
ويضيف الرجل المتحدر من ولاية تكساس خلال جولته السادسة منذ اجتياح العراق، ممازحاً الجنود وهو يشير الى رأسه «هذا شعري، لقد قمت بشرائه».
واقتناعاً منه بأن زوجته الشابة سترفض وجهه المشوه والشنيع، وانطلاقاً من عدم تحمله نظرات الآخرين اليه، حاول وضع حد لحياته بينما كان راقداً على سرير المستشفى، لكن الزوجة ظلت الى جانبه تداعبه قائلة له «أنت لم تكن وسيماً قبل ذلك بأي حال».
وتغمره السعادة عندما تغني له حفيدته اليوم «أنت بغاية الوسامة» أغنية جو كوكر الشهيرة.
واستطاع روفر فرض احترامه على الجنود، وتقدم كثيرون منه يشكرونه مثلما فعلت كريستين (20 عاماً).
وتقول الشابة التي تنتشر وحدتها العسكرية للمرة الاولى في العراق، ان «قصته تعتبر قدوة، واذا كان استطاع التغلب على المحن والعقبات العديدة، فسيكون بإمكاني التغاضي عن يوم سيئ أو ظفر مكسور».
وتشكل مداخلة روفر جزءاً من الجهود التي يبذلها الجيش الاميركي ضمن اطار تعزيز معنويات الجنود. وتضم القاعدة العسكرية في البصرة مركزاً افتتح في سبتمبر، لمساعدة الجنود على الثبات ومقاومة الاجهاد بمرونة.
ووفقاً للعسكري المخضرم، فإنه «لا يمكن المقارنة» بين المساعدة النفسية المقدمة للجنود اليوم وحقبة حرب فيتنام التي خرجت جيلاً من المقاتلين الذين شعروا بالمرارة حيال التنكر لتضحياتهم وتركهم يواجهون المصاعب وحدهم.
ويضيف روفر أن «برامج تعزيز المثابرة المرنة كانت ستساعد على تخفيف المعاناة المحزنة للمحاربين القدامى. زرع هذه الفكرة في رأس الجندي أمر رائع».
ولاحظ روفر العواطف الشديدة التي يعبر عنها الجنود، وقال «أرى عدداً ممن يحملون رتبة السرجنت الاشداء ذرفوا دمعة قبل ان يمسحوها بسرعة. أراهم يضحكون وهذا علاج فاعل لمواجهة الآلام»، مشدداً على ان المحور الرئيس لقصته يكمن في «الاحتفاظ بعائلتي».