مخاوف من تدهور أمني يذكّر بأيام سوداء خلت

طرابلس تعيش على وقع التوتّــر بين الحريري و«حزب الله»

صورة للحريري عند المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس. أ.ف.ب

ينهمك مواطنون في تعليق صورة لرئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري في طرابلس (شمال)، تأكيداً لولائهم له غداة صدور مذكرات توقيف سورية بحق عدد كبير من المقربين منه، في وقت تعيش المدينة على وقع التشنج السياسي والخوف من تدهور أمني يذكر بأيام سوداء خلت.

وتحمل رافعة صورة جديدة عملاقة يتجاوز طولها ستة أمتار لتثبيتها على عمود عند المدخل الجنوبي للمدينة، وقد كتب تحتها «لا تليق لغيرك، لعيونك»، في تأكيد على دعم الحريري في موقعه رئيساً للحكومة في مواجهة حملة ضغوط يتعرض لها.

ويقول محمد جابر (40 سنة) وهو يشارك في تعليق شعارات «هناك من يحاول أن يفرض سيطرته على لبنان بدعم من إيران وسورية، ونحن سنواجهه الى جانب الرئيس الحريري».

وتبرز تحت الصورة العملاقة لافتة كتب عليها «أيامك السود باقية في ذاكرتنا يا جميل»، في اشارة الى المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد الذي يتهمه العديد من اللبنانيين بممارسات قمعية مع المعارضين السياسيين خلال فترة النفوذ السوري في لبنان في التسعينات.

وأصدر القضاء السوري 33 مذكرة توقيف الاحد الماضي بحق شخصيات لبنانية وعربية وأجنبية، بينهم سياسيون وقضاة وامنيون واعلاميون مقربون من الحريري، استناداً الى دعوى تقدم بها السيد في دمشق قبل سنة واتهم فيها هؤلاء بـ«فبركة شهادات زور» في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.

ويقول اللواء السيد ان هذه الشهادات تسببت في سجنه مع ثلاثة من رفاقه لمدة أربع سنوات قبل ان يفرج عنه «لعدم وجود أدلة اثبات كافية» عام .2009

وانتشرت صور سعد الحريري ووالده رفيق الحريري بكثافة في طرابلس خلال الايام الماضية، والى جانبها ايضا صور للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ابن المدينة، الذي شملته مذكرات التوقيف السورية.

وجاءت المذكرات وسط تصعيد سياسي داخلي بين فريق الحريري وخصومه، على رأسهم «حزب الله» الذي يشن حملة عنيفة على المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري، مشككاً في صدقيتها نتيجة تقارير تتحدث عن احتمال توجيه الاتهام اليه.

وارتفعت في الآونة الاخيرة أصوات سياسيين تحذر من «فتنة طائفية» في حال وجه الاتهام بالفعل الى الحزب، بينما يحذر الخبراء من أزمة سياسية خطرة.

وتنعكس أجواء التشنج السياسي في حرب شائعات تسري على نطاق واسع في طرابلس التي شهدت خلال السنوات الماضية العديد من المواجهات الطائفية والحوادث الدامية.

ويقول أحمد مرعي (50 عاماً) «الحقيقة ان طرابلس متشنجة، هناك احباط وخوف من الآتي، لكن الحقيقة الكبرى ان هذه المدينة تختزل الوضع الهش في كل لبنان».

وشهدت المدينة عام 2007 مواجهات بين الجيش اللبناني وجماعات إسلامية متشددة تعتبر بعض أحياء طرابلس معقلاً لها. كما قتل العشرات في صيف 2008 في مواجهات بين مسلحين من منطقة باب التبانة التي تسكنها غالبية سنية، وحي جبل محسن الذي تسكنه غالبية علوية.

وتزامنت هذه المعارك مع أحداث السابع من مايو في بيروت بين «حزب الله» وحلفائه من جهة وتيار المستقبل بزعامة الحريري وحلفائه من جهة اخرى، تسببت في مقتل العشرات ايضاً.

وشهدت سنوات الحرب الاهلية (1975-1990) معارك قاسية بين باب التبانة وجبل محسن.

ويسيطر هدوء حذر حالياً على المنطقتين المتاخمتين تخرقه بين الحين والآخر انفجارات غامضة، كان آخرها انفجار قنبلتين تسببتا في اصابة شخصين بجروح.

في هذا الوقت يسيطر القلق على العائلات ويخشى البعض أن تستعيد المدينة لغة السلاح، على الرغم من تطمينات المسؤولين.

وتقول ربة المنزل ندى (45 سنة) «سمعنا ان المعارك ستندلع هنا هذا الاسبوع»، معربة عن أملها أن تمر زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد (في 13 أكتوبر الجاري) على خير».

ويؤكد حمزة (45 عاماً) الذي يعمل في محل لطلاء السيارات «نسمع منذ فترة شائعات عن حصول معارك عندما يصدر القرار الظني للمحكمة الدولية»، مضيفاً «قمت بتخزين علب حليب لابنتي الصغيرة».

وعقد نواب طرابلس المتحالفون مع الحريري اجتماعا الاثنين دعوا بعده «القوى الامنية الى التنبه واليقظة وأخذ دورهم الكامل لفرض الأمن في طرابلس»، وأكدوا ان المدينة «لا تستعد لتكون مسرحاً لاقتتال داخلي».

ويقول فرنسوا (47 عاماً) وهو يسير مع أفراد عائلته الاربعة في سوق طرابلس «أعيش في أستراليا، وآتي الى هنا في المناسبات، ولكن عودة العنف قد تمنعني من ان أزور المدينة الى الأبد».

تويتر