في دولة يكافح مواطنوها لتوفير أساسيات الحياة
مضغ القات.. "رمز لكل الويلات التي يعاني منها اليمن"
إذا قادتك الظروف إلى الخروج في شوارع صنعاء القديمة مع خروج الموظفين من أعمالهم، فإن عينك لن تخطئ منظر هذا الانتفاخ الموجود في وجنات معظم الرجال وكأنه أمر اتفق عليه الجميع.
ويحين موعد القات مع غروب الشمس، وكأنها الترجمة المحلية لوقت الشاي في بريطانيا.
ويتشارك ملايين اليمنيين، معظمهم من الرجال، في عادة مضغ أوراق النبات المخدر الذي يزرع محلياً، ويستهلك كميات كبيرة من موارد المياه القليلة وكذلك من رأس المال المحدود.
ويشكل القات مكوناً مهماً في الحياة الاجتماعية في اليمن، والدول القريبة في القرن الأفريقي.
ولكي تكتمل مظاهر العادة، يفضل اليمنيون "مضغ القات" في تجمعات حيث يخرج الأصدقاء جماعات إلى المتنزهات أو يلتقون في منزل أحدهم يشربون الشاي ويتجاذبون أطراف الحديث، وبالطبع يكون للقات حضوره.
ويقول سائق سيارة أجرة، وهو يمضغ بالقات، "من دونه لا أستطيع التركيز"، فيما يقود سيارته ببطء وسط زحام ميدان التحرير بوسط صنعاء، الذي يعج ببائعي القات، الذي لا تجرم اليمن الاتجار فيه، على عكس جارتها المملكة العربية السعودية التي حظرته.
ويقول زكريا، وهو بائع بأحد الأسواق، وهو منهمك ببيع "ربطات" القات إن "الجميع يشترونه، فنحن نحبه"، ويتراوح سعر الحزمة بين 5 إلى 15 دولاراً.
وأكّد الكثيرون ممن تحدثت معهم وكالة الأنباء الألمانية، أنهم ينفقون جزءاً كبيراً من دخلهم على القات، في دولة يكافح مواطنوها لتوفير أساسيات الحياة.
يذكر أن اليمن من بين العشر دول التي تعاني من "انعدام الأمن الغذائي" في العالم، وتوضح دراسة لبرنامج الأغذية العالمي أن نحو ثلث إجمالي السكان البالغ عددهم 23 مليون نسمة، لا يتحصلون على ما يكفيهم من الطعام.
ويرى خبراء الإقتصاد والبيئة والصحة أن القات تحول إلى رمز لكل الويلات التي يعاني منها هذه البلد.
ورغم أن هذا اليمن يقع في منطقة غنية بصورة أو بأخرى بالموارد كالنفط والغاز، تعتقد منظمات الإغاثة أن أكثر من 40% من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر.
ورغم التحذيرات العديدة، ومن بينها تصنيف منظمة الصحة العالمية للقات كنبات مخدر، إلا أن المدمنين عليه لا يصدقون مثل هذه "الشائعات" عن نباتهم المفضل.
ويشدد عبده(47 عاماً) وهو سائق لشركة لتأجير السيارات، "لا. إنه ليس نباتاً مخدراً، إنه فقط يعطي الرجال المزيد من الطاقة، ويساعدهم على القيام بعملهم"، وهو يعكس بذلك اعتقاداً عاماً بأن القات مفيد لـ"الرجولة".
وفشلت الحملات التي نظمت على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية، في إقناع الناس بالكف عن استعمال القات، وهو ما جعل المسؤولين يفكرون في التدخل لإقناع الناس بجعل تناول القات مقصوراً على نهاية الأسبوع، وهو ما باء أيضاً بالفشل.
وعلى النقيض، هناك قلة قليلة يرون أن القات هو الذي "يمضغ" جيوبهم، ويقول محمد يوسف، وهو بائع فضيات في قرية ثولا (45 كلم غرب صنعاء)، "أراه غير مفيد على الإطلاق ، ولا أود أن أضيع ولو جزء صغير من دخلي الهزيل على القات".
وفي دولة تعاني من الأزمات الاقتصادية ومن التمرد في الشمال والجنوب، يرى البعض، ممن يحشو القات أفواههم، أنه ربما من الأفضل أن ننسى جميع مشكلات العالم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news