«ويكيليكس» قد يشجع أميركا على سن تشـريعات صـارمة لحماية أسرار الدولة
تتمتع بريطانيا بأكثر القوانين صرامة ضد نشر أسرار الدولة، وعلى ضوء ما سرّبه موقع «ويكيليكس» من اسرار قبل ايام قليلة، يتساءل البعض عما اذا كان الكونغرس الأميركي سيستعين بالقوانين البريطانية لمواجهة مثل تلك التسريبات.
وتقول وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها تدرس اصدار تهم جنائية ضد جوليان أسانغ، الذي سرب الأسبوع الماضي 400 ألف وثيقة سرية عن حرب العراق، ذلك لأن أسانغ كان من المفترض ان يتعرض للاعتقال بموجب القانون البريطاني الخاص بإفشاء الاسرار الرسمية، اذ عمد الى نشر الوثائق السرية المتعلقة بالعمليات البريطانية في العراق.
المتعاقد العسكري السابق، دانيال اليسبيرغ، الذي سرب بعض اوراق «البنتاغون» عام 1971 (دراسة عسكرية عالية السرية عن اتخاذ القرار الحكومي خلال حرب فيتنام) يتشكك في ان تشجع تسريبات «ويكيليكس» الأخيرة أي تشريع جديد يحمي الأسرار العسكرية.
ويقول اليسبيرغ، الذي انضم الى أسانغ في العاصمة البريطانية لندن خلال اعلان تسريبات الوثائق، إن الرئيس الأميركي باراك اوباما بدأ في استخدام قانون التجسس الأميركي «كأنه نوع من قوانين الأسرار الرسمية».
وبعد أن سرب أسانغ مجموعة من الوثائق الخاصة بحرب افغانستان، طلبت ادارة اوباما من حلفائها الغربيين فتح تحقيق جنائي ضد مؤسس موقع «ويكيليكس». وكانت الحكومة الأميركية قد اتهمت العسكري السابق برادلي ماننغ، بموجب قانون التجسس الأميركي بدعوى انه زود «ويكيليكس» بآلاف الوثائق عن حرب افغانستان في وقت مبكر من هذا العام.
وبغض النظر عن اتهام أو إدانة أسانغ في الولايات المتحدة بموجب قوانين التجسس الأميركي فإن وسائل الإعلام التي تنشر وثائق سرية غالباً ما تتمتع بحماية البند الأول من الدستور الأميركي، الذي يضمن إلى الأبد حرية الحديث والنشر.
ويعتقد المحامي جيلاد لايت، خلال تصريحات له لإحدى وكالات الأنباء اثر نشر وثائق افغانستان السرية، ان موقع ويكيليكس محمي من قبل البند الأول للدستور الأميركي، وان الحكومة الأميركية نادراً ما تدين احد افراد الإعلام نشره ما يتمخض عن تسريبات من وثائق.
الا ان لايت تساءل عن مكانة «ويكيليكس» في اعلام اليوم، ويتساءل «هل يمكننا مقارنة موقع يكرس نفسه فقط لتسريب الوثائق مع صحيفة مثل نيويورك تايمز؟» ويرد على ذلك «بالطبع فإن وزارة الدفاع تدرس ما اذا كان اسانغ وموقعه سيواجه المساءلة الجنائية بموجب القانون الأميركي».
ووفقاً لإليسبيرغ فإن الكونغرس حاول عام 2000 تمرير «قانون أسرار» اكثر صرامة الا ان الرئيس السابق بيل كلينتون صوت ضد مشروع القانون، ويتشكك اليسبيرغ في ظهور مشروع مشابه بناء على ما يتمخض من مكاسب للجمهوريين في صناديق الاقتراع الأسبوع الجاري. كما ان أي اتجاه لسن تشريع جديد يجرّم نشر وثائق سرية تم تسريبها من شأنه ان يواجه معارضة شرسة من قبل المعارضة في الكونغرس واي مكان اخر في البلاد.
وفي بريطانيا يواجه قانون الأسرار معارضة مستديمة من قبل الصحافيين والأشخاص الآخرين الذين وصفوه بأنه قديم ويشوبه الكثير من الثغرات وينتمي هذا القانون الى تشريع صادر عام .1889 وفي كثير من الأحوال تفشل الحكومة البريطانية في اصدار ادانة للمدعى عليه بموجب هذا القانون او تضطر إلى إسقاط الدعوى عنه وسط الاحتجاجات الشعبية. احد هذه الأمثلة من الأحكام كان يتعلق بالصحافي كليف بونتنغ الذي ادين بانتهاكه هذا القانون، بعد ان سرب وثيقتين عن اغراق القوات البريطانية السفينة الأرجنتينية (جنرال بلغرانو)، خلال حرب الفوكلاند. وكان الوزراء الحكوميون قد ضللوا الشعب بزعم أن السفينة كانت تشكل تهديداً للقوات البريطانية عندما كانت تبحر بعيداً عن نطاق المعارك، لهذا هاجمتها غواصة بريطانية وأغرقتها، وعلى الرغم من أن أحد القضاة نصح المحلفين بإدانة الصحافي الا انهم تجاهلوا نصيحته وبرأوا ساحة بونتنغ.
المحافظون الجدد يطالبون بإرسال أسانغ إلى «غوانتانامو» فشل البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في مواجهة واحتواء التهديد الذي شكله موقع «ويكيليكس» ومؤسسه جوليان اسانغ للأمن القومي الأميركي، حيث تصر اصوات من اليمين الأميركي المحافظ على اعتقاله بوصفه «عدواً مقاتلاً». وتتنامى موجة من الامتعاض في بعض الأوساط الأميركية بسبب فشل ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، في وضع حد لتسريبات «ويكيليكس» منذ ان سرب الموقع 400 الف وثيقة سرية تكشف مدى الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأميركية والعراقية في حق المعتقلين في السجون العراقية. ومضى أحد المعلقين في قناة «فوكس» الإخبارية الى ابعد حد في انتقاد أسانغ، حينما دعا الى معاملته سجين حرب. وطالب المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية كريستيان وايتون الحكومة الأميركية باعتقال أسانغ وأفراد طاقم الموقع ومعاملتهم اعداء مقاتلين، وعدم اتخاذ أي اجراء قانوني بحقهم، ما يشير إلى أنه يقصد ارسالهم الى معتقل غوانتانامو مع معتقلي «القاعدة»و«طالبان». وتشاطر صحيفة «واشنطن تايمز» المحافظة وايتون الرأي، اذ تعتقد في افتتاحيتها ان «على الحكومة الأميركية ان تعلن الحرب على (ويكيليكس)»، مواقع اخرى طالبت بإلاجراء نفسه مثل موقع معهد «أميركان أنتربرايز» التابع للمؤسسة الفكرية للمحافظون الجدد. وعلى كل حال فإن اليمين ليس متحداً بكامله في رد فعله على ما تسرب من احداث من الموقع، وقبل ان تبدأ معركة استعراض العضلات يرى بعض افراد الجناح اليميني ان هناك بعض ما جاء في الوثائق المتسربة يصلح لأن يكون دليلاً على شرعية غزو العراق عام ،2003 بمعنى ان هناك اسلحة دمار شامل مخفية في مكان ما من العراق، ولهذا ظهرت «نيويورك تايمز» التي يملكها روبرت مردوخ ايضا بعنوان يقول «كانت هناك اسلحة دمار شامل على كل حال». ترجمة: ع.خ عن «الاندبندنت» |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news