الانسحاب الإسرائيلي من «الغجر» يربك لبنان
يرى خبراء أن الانسحاب الإسرائيلي من شمال بلدة الغجر على الحدود مع لبنان، في حال تنفيذه، سيربك السلطات اللبنانية التي لم تعلق حتى الآن رسمياً على الإعلان الإسرائيلي، وقد لا ترى فيه نصراً دبلوماسياً كما كان متوقعاً.
وإذا كانت الأزمة السياسية التي تحول دون التئام مجلس الوزراء اللبناني منذ اكثر من شهر، هي السبب المعلن لعدم اتخاذ موقف رسمي علني من الموضوع حتى الآن، فإن الإشكالية الحقيقية في مسألة الانسحاب الاسرائيلي من الغجر، تكمن في واقع البلدة الجغرافي والاجتماعي.
ويقول الناطق سابقاً، باسم القوات الدولية في الجنوب، والأستاذ الجامعي في العلاقات الدولية، تيمور غوكسيل، ان «سكان الغجر لا يريدون ان يكونوا جزءاً من لبنان. يقولون ان لا شيء يربطهم بلبنان، تاريخياً وسياسياً واجتماعياً». ويضيف «اذا أصبحوا لبنانيين، فسيخسرون كل الامتيازات التي يحظون بها كمواطنين إسرائيليين».
ويبلغ عدد سكان البلدة 2200 شخص، معظمهم من السوريين العلويين يحصلون على كل الخدمات الصحية والاجتماعية من الدولة الإسرائيلية، ولم يعترف سكان الشطر الشمالي من الغجر بلبنانيتهم منذ تحديد الحدود ايام الانتداب الفرنسي لدى اعلان دولة لبنان الكبير وإلحاقهم بلبنان.
واحتلت اسرائيل الغجر بشطريها في 1967 مع هضبة الجولان السورية المتاخمة، ومنذ ضم الجولان العام ،1981 حصل السكان على جنسيات إسرائيلية.
في العام ،2000 بعد الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب بعد 22 سنة من الاحتلال، أعاد الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة ليقوم مقام الحدود بين لبنان واسرائيل، تقسيم البلدة الى قسمين، لبناني في الشمال، وسوري ظل محتلاً من اسرائيل، وعادت اسرائيل واحتلت البلدة خلال حرب يوليو 2006 مع حزب الله. ونص القرار الدولي ،1701 الذي وضع حداً للنزاع في اغسطس، على انسحابها من شمال الغجر، ووافقت الحكومة الإسرائيلية في 17 نوفمبر الماضي على خطة لسحب قواتها من الشطر الشمالي، الأمر الذي يعترض عليه سكان البلدة.
وأفاد مسؤولون إسرائيليون بأن الإشراف على البلدة سيسلم الى القوات الدولية المؤقتة المنتشرة في جنوب لبنان، وان هذه القوات (يونيفيل) ستنتشر في محيط الشطر الشمالي وليس داخل البلدة.
وفي حال تم الانسحاب، فسيكون 1700 من سكان البلدة في الجانب اللبناني، و500 في الجانب الاسرائيلي، وقد يؤدي تقسيم البلدة الى منع عائلات يتوزع أفرادها بين الشطرين من التلاقي.
ويوضح الخبير في شؤون سورية ولبنان، اندرو تايبلر من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى لوكالة فرانس برس، «الخطة تقضي أساسا بالعودة الى ما كان عليه الوضع قبل 2006». ويقول تايبلر الذي زار الغجر أخيرا في اطار ابحاثه، «ستقتصر الدوريات الاسرائيلية على قسم البلدة الواقع جنوب الخط الازرق، وسيبقى السياج الأمني الإسرائيلي الذي يفصل بين شمال الغجر و(بقية أراضي) لبنان قائما في انتظار حل نهائي». ويضيف «البحث جار في من الجهة التي ستقوم بالدوريات في الجانب الشمالي من الخط الازرق؟»، مستبعدا أن تقبل اسرائيل بدخول الجيش اللبناني.
وكان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله، وصف اخيرا الانسحاب الاسرائيلي المفترض بأنه «احتلال مقنّع».
ودعا إلى «خروج الإسرائيلي من الجزء اللبناني من الغجر كلياً، مدنياً وأمنياً وعسكرياً، وإذا أرادت الحكومة اللبنانية إرسال الجيش ترسله، واذا أرادت إرسال قوى الأمن أو الأمن العام أو الجمارك فهي حرة». وأكد ان «لا علاقة للاسرائيلي بأن يقول من يدخل الى الجزء اللبناني من الغجر ومن لا يدخل». كما تطرق الى «المشكلة الإنسانية»، معتبرا ان «الحل المنطقي والواقعي والسليم والقانوني والأخلاقي والشرعي، هو انسحاب اسرائيل من كل الغجر، وليس فقط من الجزء اللبناني، فيبقى اهل البلدة مع بعضهم»، ورفض متحدث باسم «اليونيفيل» ردا على سؤال لوكالة فرانس برس، اعطاء تفاصيل حول مضمون المحادثات التي تجريها القوة الدولية مع المسؤولين الاسرائيليين، إلا انه أشار إلى ان «اليونيفيل» ستعمل على تأمين دخول الجيش اللبناني إلى شمال الغجر.