محلّلون يُرجعون سلوكه إلى صلات بمتطرّفين في بريطانيا
استقرار حياة «انتحاري استوكهـولم» يشكّل لغزاً حول دوافعه
بعد مضي أكثر من أسبوعين على تفجير الشارع التجاري في العاصمة السويدية استوكهولم الذي قام به العراقي المولد السويدي الجنسية تيمور عبدالوهاب العبدلي، 28 عاماً، مازال محققون في السويد وبريطانيا ومعهم محللون سياسيون يتساءلون عن الاسباب التي دفعته الى ما قام به، وكيفية تحول الرجل العادي الذي يعيش حياة عائلية هانئة الى متطرف عنيف. فمنهم من يقول انه لم يكن مستقراً او وادعاً في حياته، كما بدا الأمر، ومن يقول انه لابد ان الرجل كانت له اتصالات بمتشددين او اعضاء في القاعدة في باكستان او العراق او اليمن او خلايا في بريطانيا والسويد على صلة بهم.
«الإنتربول» يحذّر حذّر «الإنتربول»، أخيراً، من ان تفجير استوكهولم قد يكون واحدة من سلسلة هجمات تستهدف مدناً اوروبية. فقد وجه مسؤولو «الانتربول» رسائل تحذيرية بهذا الشأن الى مسؤولين في 188دولة ينبهون فيها الى ان احد افراد القاعدة الذين تم اعتقالهم في العراق ابلغ المحققين بان هذا التنظيم يخطط لسلسلة هجمات في اميركا واوروبا خلال فترة اعياد الميلاد وراس السنة الجديدة، ومن بينها استهداف برج ايفل ومترو باريس. وقد افلحت التحذيرات المبكرة والتدابير الاحتياطية التي تم اتخاذها على ضوئها في منع وقوع عدد كبير من الهجمات في مناطق مختلفة، ومن ابرزها: اكتشاف مواد متفجرة في صندوق حبر لطابعة في طائرتي شحن بعد اقلاعهما من دبي في اكتوبر ،2010 وفشل الطالب الجامعي النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب في تنفيذ تفجير طائرة الركاب التابعة لشركة يونايتد ايرلاينز الاميركية المتوجهة الى ديترويت.
نيدلكوفيشي: حفيدتي وأطفالها ضحايا للعبدلي يقول الروماني فاسيلي نيدلكوفيشي (82 عاماً) جد زوجة تيمور عبدالوهاب العبدلي، منفذ تفجير استوكهولم، إن الاضرار المادية والنفسية والاجتماعية الناجمة عن تفجير استوكهولم الذي قام به تيمور عبدالوهاب العبدلي لم تقتصر على الضحايا الذين قتلوا واصيبوا ومن تضررت ممتلكاتهم، وانما شمل ايضاً زوجته «منى الثواني» واطفالها أميرة وعيشة وأسامة الذين فقدوا عائلهم ولحقت بهم اضرار نفسية واجتماعية. ويضيف نيدلكوفيشي، مدرس الاحياء المتقاعد والذي يعيش في قرية قرب العاصمة الرومانية بوخارست: «حفيدتي منى واطفالها هم ضحايا ومتضررون ايضاً، وسيعيشون بقية حياتهم وهم يعانون وصمة ما فعله تيمور، ولن يستطيعوا محو تلك الوصمة، وذلك في حد ذاته مأساة، وقد احبت منى بريطانيا والحياة فيها واللغة الانجليزية فقد كان ذلك حلماً لها، ولا اعتقد انه يمكن ان تكون لها صلة من بعيد او قريب بمتشددين مسلمين، ولديّ إحساس قوي بانه لم تكن لديها اية فكرة عمّا كان زوجها يعتزم القيام به». |
وتنقل «صنداي تايمز» عن مقرّبين من العبدلي الذي كان يعمل في محل للموكيت والسجاد والأسرّة والفرش في بلدة ليوتن البريطانية، انه كان يحب الحياة ويبدو مرتبكاً ويميل الى الفوضى، وينسى أغراضه وأين وضعها، وكثير الوعود قليل الالتزام بها، ومتسرعاً ولا يبالي بالعواقب.
وكان العبدلي في العاشرة من عمره حينما هربت أسرته من العراق عام ،1992 الى الاردن ثم استقرت في السويد كأسرة مهاجرة في بلدة تراناس على بعد ثلاث ساعات من استوكهولم بالسيارة. ويقول بيلي جوهانسون، احد افضل اصدقائه عنه، إنه كان سريع الألفة مع الآخرين، ويحب «الهب - هوب»، وموسيقى البوب، وكان يأمل ان يصبح طبيباً نفسياً، لكنه ارتحل الى بريطانيا عام 2001 لدراسة الرياضة والطب المتصل بها في جامعة ليوتن التي اصبحت لاحقاً جزءاً من جامعة بدفوردشاير.
وفي غضون ذلك بدأت زوجته منى ثواني (28 عاماً) والمولودة في بغداد لأم رومانية وأب عراقي، دراسة الصحافة في الجامعة ذاتها، ثم تحولت في العام التالي الى دراسة علم النفس، لكي تتخرج بشهادتها الجامعية في 2005 بعد عام من زواجهما، حيث أنجبا اميرة (اربعة اعوام)، وعائشة (سنتان)، واخيراً، أسامة (ستة أشهر).
واستناداً الى رئيس المركز الاسلامي في الجامعة عبدالقدير بكش، فإن العبدلي اصبح في عام 2007 عرضة لتأثير متزايد من المتشددين، وان حجته القوية في النقاش كانت تشير بقوة الى ان له اتصالات بداعية أو شخصية دينية قوية، وان غلاة الدعاة يستغلون ثقافتهم الغزيرة في الدين وما لديهم من مواهب وملكات في تجنيد الاشخاص العاديين وحثهم على «الجهاد»، ومثل هؤلاء الغلاة يوجدون بكثرة في بلدة ليوتن، وينتمون الى حزب التحرير وجماعة «المهاجرون» وجماعات اخرى محظورة في بريطانيا.
ويقول رئيس احد المراكز الخيرية الاسلامية ويدعى محمد البشير، إن «السلطات منعت هؤلاء المتطرفين من العمل او الوعظ في المساجد، لكنهم يعقدون لقاءات في زوايا الشوارع والحارات الضيقة وفي بيوتهم، ويحبون الاستمتاع باوجه الحياة في بريطانيا وينهالون عليها بالهجوم والانتقاد والوعيد في الوقت ذاته»، ويستطرد «انهم مجانين وحمقى، ولكنهم خطرون ايضاً».
ورغم حدة كثير من افكار العبدلي وما كان يدعو اليه، الا ان السلطات البريطانية والسويدية لم تأخذ ذلك على محمل الجد، كما كان يعبر عن بعض مكنونات افكاره واسراره من خلال موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، من خلال عبارات ولقطات فيديو وصور تدعو الى مهاجمة القوات الغربية في العراق وافغانستان، خصوصاً الاميركية، وحينما عاد وحيداً من دون اسرته الى السويد من بريطانيا في نوفمبر الماضي، لاحظ عدد من اصدقائه انه كان مختلفاً عما عرفوه به، فهو لا يرغب في التحدث مع احد ويرفض مشاركتهم في نزهات السير على الاقدام. وتقول «ديلي تلغراف» نقلاً عن محققين بريطانيين وسويديين انهم يستبعدون ان يكون ما قام به العبدلي تصرفاً فردياً خالصاً، وانه لابد ان له مساعدين بمستويات ومواقع مختلفة.
ويقول الجد نيدلكوفيشي إن حفيدته منى المنحدرة من ابيها المسلم هو عبدالله وامها الرومانية مهيلا، نشأت مسيحية، وكانت في صغرها ترغب في الالتحاق بالكنيسة، وان العبدلي مارس عليها ضغوطاً نفسية لكي تتحول الى الاسلام، بينما قالت منى: «لقد أحببت زوجي كثيراً».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news