التنازلات تتعارض مع القانون الدولي
الزغبي: لا يمكن للمفاوضين تقرير مصير الفلسطينيين
لو أن العرض الذي قدمه «ممثلو» الشعب الفلسطيني لإسرائيل، خلال مفاوضات السلام، الذي تم الكشف عنه من خلال الأوراق الفلسطينية (الوثائق التي نشرتها قناة الجزيرة)، تم قبوله، لشكل ذلك الاتفاق تعارضا كبيرا مع القانون الدولي. وسيكون له آثار عميقة في جميع الفلسطينيين، وليس في القابعين تحت الاحتلال، أو اللاجئين في الشتات، وعلى الفلسطينيين أمثالي الذين يبلغ تعدادهم 1.2 مليون نسمة، ويشكلون 18٪ من سكان اسرائيل.
أولا: يعد التنازل عن حقوق اللاجئين في العودة، كما وافق عليه المفاوضون الفلسطينيون، تخلياً عن مطلب لمّ شمل العائلات الفلسطينية، الذين فرقتهم النكبة عام ،1948 وفي أيامنا هذه، لأن الفلسطينيين الذين بقوا في اسرائيل، تعرض أفراد من عائلاتهم للتشرد، إلا ان اسرائيل رفضت السماح للمئات من العائلات المقسمة بلمّ شملها.
وإضافة الى ما سبق، فإن اسرائيل تمنع الآن أي فلسطيني من الزواج من الفلسطينيين المقيمين في غزة، أو الضفة الغربية أو سورية أو لبنان ، بذريعة أنها تمنع حق العودة، وكما هي الحال بالنسبة لي على سبيل بالمثال فإنني استطيع أن اتزوج بمواطن بريطاني، وأعيش في الناصرة ولكني لا استطيع القيام بذلك مع فلسطيني لا يحمل الجنسية الاسرائيلية.
ثانيا: أن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وهو الأمر الذي يبدو أنه حاز قبول المفاوض الفلسطيني صائب عريقات، من شأنه ان يلغي شرعية وجود المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل. ومن الناحية العملية، فقد تصرفت إسرائيل كدولة يهودية منذ تأسيسها، وأنكرت حقوق الفلسطينيين لأكثر من 60 عاما، مع سياسة تمييز عنصري. ولابد من القول إن الاعتراف الدولي بإسرائيل، كدولة يهودية، من شأنه ان يمنح هذا التمييز صفة الشرعية، والتبرير الأخلاقي، وأصبحت المواطنية الاسرائيلية للعرب في اسرائيل مشروطة، وستتعزز الوضعية الدونية للمواطنين الفلسطينيين والسكان من غير اليهود، وفي حقيقة الأمر فإن مستقبل الفلسطينيين في هذه الدولة سيصبح محل تساؤل.
ويمكن أن يؤدي الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، من قبل الأطراف المعنية إلى شرعنة العديد من القوانين العنصرية ومشروعات القوانين التي يتم طرحها في الكنيست، والتي يمكن ان تحول النضال القومي للأقلية من الفلسطينيين إلى نضال غير شرعي وغير قانوني، وهي خطوة يمكن أن تشكل خطرا داهما على النظام الديمقراطي.
وسيصبح من السهولة بمكان تجريم أي حزب، أو شخص أو أي تحرك يصبو الى إنشاء ديمقراطية حقيقية ومساواة. وفي نهاية الأمر فإن ذلك سيؤدي من الناحية العملية الى إنكار حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وينبغي على إسرائيل أن تكون دولة ديمقراطية وليس دولة عرقية.
ثالثا: إننا نرفض التبادل المطروح للسكان بين إسرائيل والضفة الغربية، إذ إن هذا الاقتراح أدى الى انتشار الثقافة السياسية الاسرائيلية بسرعة. وطبقا لاستطلاع أخير للرأي، فإن 53٪ من اليهود الاسرائيليين يعتقدون أن الدولة تعمل على تشجيع المواطنين الفلسطينيين على الهجرة. وفي الواقع فإن جعل مسألة مواطنية الفلسطينيين في إسرائيل موضوعا للمفاوضات، من شأنه ان يبعث برسالة واضـحة وخـطرة، مـفادها أنـها قضية مؤقتة ومفتوحة، ويتجاهل الحقيقة التي مفادهـا أننا السكان الأصليون في هذه البلاد، وأننا نعيش في أرض آبائنا وأجدادنا، ولسنا أقلية مهاجرة. وإضافة إلى ذلك، فإن طرح هذا السؤال في هذا التوقيت يحمل مخاطر معينة، بالنظر الى سياسة الكره والاضطهاد الذي تتعرض لها الأقلية الفلسطينية، وعندما تم نشر رسالة من قبل جماعة من الحاخامات، الذين يحصلون على دعم مالي من الحكومة، والذين يدعون فيها اليهود الإسرائيليين إلى عدم تأجير شققهم ومنازلهم للفلسطينيين، لم تتخذ القيادة السياسية الاسرائيلية أي اجراءات عملية ضدهم. وأشار استطلاع اخر للرأي إلى أن 46٪ من اليهود لا يريدون العيش إلى جانب العرب.
وقد أكد المجتمع الدولي أن أي قرار يمكن ان تكون له تأثيرات مباشرة في مستقبل وضع الأقلية الوطنية، يجب اتخاذه بعد استشارتها بصورة واضحة وفعالة، والحصول على موافقتها بما فيه اجراء استفتاء. وبناء عليه فإننا نرفض أي اقتراح يتعلق بقيام أطراف أخرى باتخاذ قرارات بالنيابة عنا.
ونحن، أي الشعب الفلسطيني، الذي يعيش داخل إسرائيل، واستنادا إلى حقنا التاريخي، والقانون الدولي، نمتلك الحق الواضح في الرفض، ليس على قضايا يمكن ان تؤثر في حياتنا، مثل عودة اللاجئين، والهوية اليهودية للدولة، وتبادل السكان، وإنما أيضا جميع القضايا، التي تؤثر وتسيء إلى حقوق الشعب الفلسطيني.
حنين الزغبي عضو عربي في الكنيست
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news