رجال القذافي يعترفون بصلته بـ «أيلول الأسود»..
مهلاً أيها الرجل، فقد وجهتُ رسالة مفتوحة في وقت سابق هذا الشهر إلى الرئيس المصري السابق حسني مبارك، أحثه فيها على التنحي والرحيل بهدوء، ولكنك أيها الأخ العقيد، كما قدمت نفسك لي حينما قابلتك للمرة الأولى عام ،1973 لست حسني مبارك، فقد تعهدت بألا ترحل إلا وليبيا تحترق، حسناً فتلك قد تكون نهاية مناسبة لرجل مثلك أصبح مجرماً.
بالطبع لا أحد يتمنى المزيد من سفك الدماء ثمناً لإسقاطك أو رحيلك، ولكننا أيضا لا يمكن ان نتمنى لك ان تحصل على عريضة استرحام يبايعك فيها شعبك ويناشدك البقاء في السلطة، وقد حدث ذلك حينما لقيت ترحيباً في نادي قادة العالم، بعد تخليك عن تطوير وإنتاج اسلحة كيمياوية ونووية. وقد تم التسامح معك في قضية تفجيرك طائرة الركاب الأميركية «بان أميركان» في رحلتها 301 فوق بلدة لوكربي في سكوتلندا، وجريمة تصفيتك المعارض الليبي منصور الكخيا وقتله بدم بارد، وقائمة أخرى من الأعمال الإرهابية. ومن شأن إطاحتك من الشعب الليبي، تعزيز موجة التحول النفسي والسياسي الثورية التي تجتاح العالم العربي حالياً. إنه تغيير طيب وموضع ترحيب: فالهزيمة وثقافتها تجذرت لعقود في الشخصية العربية، وأصبحت من سماتها التي تشمل أيضا الشعور العميق بالمرارة والاحباط والعجز والفشل، التي تولدت من الهزائم العسكرية العربية عامي ،1948 و،1967 اللتين أفرزتا مثل نظامك.
تغذيت أنت ونظامك على التشاؤم واستسلام من اعتبروا أنفسهم خاسري التاريخ لقدرهم، ومع اشتداد معركة الوطنيين والمخلصين العرب لانتزاع السيطرة على حياتهم ومقدراتهم، أصبح من الممكن دفن تلك الصورة، وسيسهم نجاحهم بقوة في خلق فرص افضل لإيجاد حل نهائي دائم للصراع العربي الاسرائيلي، اذا ما تصرف الجيل الجديد من القادة العرب والإسرائيليين بقدر كبير من الحكمة والتعقل وبسرعة مدروسة محكومة بالرأي الراجح.
ولاشك في أن زوالك سيساعد كثيراً، فسجلك في نشاط الجرائم الدولية يساوي ذاك الذي يخص الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ولقد تصادمنا واختلفنا اثناء مؤتمر صحافي لك، ثم طلبت مني في اجتماع خاص بيني وبينك دليلاً ملموساً على انك قدمت المساعدة لجماعة أيلول الاسود التي اغتالت دبلوماسيين غربيين في الخرطوم بينهم الدبلوماسيان الاميركيان كليو نويل، وكيرت مور، ولم يقنعني أو يرضيني انكارك الاتهام في ذلك الحين، ثم التقينا مرات عدة بعد ذلك من غير ان يكون بينها لقاء مثمر، ولم تمض فترة طويلة بعد ذلك حتى قابلت دبلوماسيا في السفارة الليبية في بيروت في شقتي ليبلغني «نعم كنا ندعم تلك الجماعة بناء على طلبه، (ويقصدك أنت)». ثم قمت بتعريف ذلك الدبلوماسي إلى مسؤول اميركي حيث ساعده على الهرب والانشقاق عن نظامك، لذا أرجو ان تعذرني إن لم أصدق نياتك ورغباتك في الاصلاح. نعم لقد قدمت المساعدة للجيش الجمهوري الايرلندي في حربه ضد بريطانيا، وزودته بالمال والسلاح، واستسلمت أمام أكبر وغدين حقيرين في العالم جورج دبليو بوش، وتوني بلير عام ،2003 في اتفاق مشين بينكم، لكن ذلك الاتفاق المعيب لم يغسل عار آثامك وجرائمك ضد شعبك، حيث قرر ذلك الثنائي النذل ان تدفع الثمن.
ويبدو أن موجة اليقظة العربية يتم تحريكها بالاجيال الجديدة، وقوى في المجتمع المدني مصممة على التعامل مع الانظمة السياسية المتحجرة، وسيستغرق الامر وقتاً كبيراً، وسيكون نتاجها التغيير والحكمة.
جيم هوغلاند: محلل ومحرر مشارك في «واشنطن بوست».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news