مصريون يقتحمون مقار أمن الدولة ويكشفون وثائق تجسس على الشعب
في تطور سريع للأحداث، بعد استقالة رئيس وزراء مصر الفريق أحمد شفيق، وظهور مستندات تظهر تورّط أجهزة أمنية في الفتنة الطائفية بين المسلمين والاقباط، وصدور قرار بتجميد جهاز أمن الدولة، بدأت عمليات حرق وإتلاف منظمة لمقار أجهزة مباحث أمن الدولة بالمحافظات.
البداية كانت من محافظة الاسكندرية، حيث رأي شهود عيان أدخنة النيران تتصاعد من مقر أمن الدولة، وترددت اقاويل حول وجود سيارة نقل قامت مساء الجمعة الماضي بنقل ملفات من داخل الجهاز، وأن أشخاصاً يقومون بإحراق أوراق مهمة. وفي التوقيت نفسه من مساء الجمعة الماضية، أكد شهود عيان بمدينة الزقازيق أن جهاز أمن الدولة قام بحرق مستندات كثيرة، وكانت ألسنة النيران قد وصلت حتى أعلى المباني، وتطايرت معها أوراق محترقة في السماء، ما دفع البعض إلى تصوير هذا المشهد بالهواتف المحمولة، بينما احتشد الآلاف من أهالي الشرقية أمام جهاز أمن الدولة، وطالبوا بمحاسبة المتورطين في جرائم بحق الشعب المصري من تعذيب وقتل للمعتقلين، خصوصاً السياسيين. وتمكنت القوات المسلحة من إنقاذ مبانٍ أخرى من مقار أمن الدولة من الاحتراق في الجيزة ومدينة نصر والمنيا والفيوم والقليوبية والبحيرة وبورسعيد وطنطا. وقالت مصادر مطلعة بالجهاز المركزي للمحاسبات إن الحريق الذي شهده الجهاز قبل يومين جاء بعد تسليم تقارير تخص ضباطاً كباراً بأمن الدولة إلى مكتب رئيس الجهاز، وأن بعضها تم تسليمه إلى النائب العام، ونشب الحريق قبل أن يتم تسليم بقية الملفات.
«شواية بشرية» مستخدمة في التعذيب كشف المحامي مصطفى درويش، الذي شارك في اقتحام مقر أمن الدولة بمدينة نصر، عن تحول المبنى الى سلخانة لتعذيب المصريين. وقال درويش لـ«الإمارات اليوم» إنه «شاهد احدى ادوات التعذيب التي يطلق عليها الشواية، وهي عبارة عن اسياخ مرتفعة يعلق فيها المعتقل، وتدور على نار مشتعلة تحته، وهي الوسيلة التي كانت تسبق قرار الإعدام». وقال «شهدنا ايضاً وسيلة تعذيب اخرى في حجم جهاز الموبيل او المحمول، في مقدمتها اسطوانة خارقة لصعق وطعن المعتقلين في مناطق حساسة من أجسادهم»، واوضح درويش أن «هناك مجموعات تبدو كأنها مدربة قد دخلت الى المقر، والى مخازن السلاح على وجه التحديد، وقامت بحمل السلاح وانصرفت، كما شاهدنا غرفاً مملوءة بأطنان من الاوراق التي تم فرمها، ولكن عثرنا على أوراق تكشف تغلغل جهاز امن الدولة في جامعة الازهر، وهي اوراق عن تجنيد شباب وشابات داخل جامعة الازهر وبين الاساتذة والاداريين، فيما يسمى بتنظيم امن الدولة داخل الجامعة». وكشفت الوثائق ايضاً على أن مهمة هذا التنظيم هو تدبير معارك مع معارضي الدولة، لكي تكون مبررة لطردهم من المدن الجامعية، أو فصلهم من جامعة الازهر». وقال «عثرنا ايضاً على ما يسمى بكرسي التعذيب، وهو عبارة عن كرسي حديدي به ثقوب تشبه الشبكة، مزودة ببروز حديدي يُجبر المعتقل على الجلوس عليها»، إضافة الى «وجود معتقلات للتعذيب تحت مقر امن الدولة، لا تدخلها شمس أو هواء أو نور». |
بركان الغضب
أشار نائب رئيس حزب التجمع السابق ابوالعز الحريري، الذي يوجد بين المتظاهرين امام مقر جهاز امن الدولة، إلى أن وجوده بين المتظاهرين ما هو إلا دلالة على انفجار بركان الغضب من الجهاز والعاملين به. وأكد ان المتظاهرين استطاعوا الحصول على العديد من مستندات الجهاز، بعد أن قاموا باقتحام باب جانبي، وأن ما يحدث ما هو إلا نتاج لسياسة الفساد والاستبداد التي اتبعها رجال النظام البائد، وفي مقدمتهم جهاز مباحث أمن الدولة. وتساءل الحريري عن حقيقة احتراق المستندات، ومن احرقها، وانه سيظل لغزا كبيرا، خصوصاً أن تتابع الاحداث الاخيرة لم يكن فيه سبب ظاهري يدفع العشرات الى اقتحام المبنى ومحاصرته والبحث عن المستندات الدالة على سير الاحداث في الفترة الاخيرة.
ولعبت القوات المسلحة في مختلف المحافظات دوراً مهماً في منع ضباط أمن الدولة من إطلاق النيران على المواطنين، إضافة إلى أن القوات المسلحة حاصرت المباني، وارسلت سيارات الدفاع المدني لمنع اندلاع النيران واحتراق المباني. وفي 6 أكتوبر، قال شهود عيان إن قوات الجيش تمكنت من الوصول إلى هناك، بعد عمليات حرق وفرم وتهريب لوثائق بدأت فجر اليوم. وقال شهود عيان إن قناصة في مبنى الجهاز أطلقوا النار على مئات المتظاهرين الذين وقفوا في الخارج ومنعوا الضباط وكل الموجدين داخل الجهاز من الخروج. وأضافوا أن الحريق استهدف مبنى الأرشيف، وتم إخماده، وحتى الآن لم يخرج العاملون من المبنى، وأشار شهود عيان إلى أن عدد المتظاهرين بلغ حتى الآن 1000 متظاهر.
وقال محمد هاشم، شاهد عيان على حريق مبنى امن الدولة بمدينة نصر «رأيت بنفسي عند الساعة 50:1 صباحاً في 5/3/2011 من أمام جهاز أمن الدولة بمدينة نصر خروج قافلة من 10 سيارات على الاقل بحماية الشرطة من سيارات واوناش شرطة وعدد من افراد الشرطة، وبمتابعة الجيش، وبعد ذلك بـ20 دقيقه خرج بعض الافراد من الداخل مترجلين، ومن الواضح انه تم اخلاء المبنى بالكامل، وقبل هذه التحركات المريبة لم يكن هناك شرطي في الشارع، واختفى ايضاً كل افراد الشرطة بعد ذلك، وتبقت ثلاث مدرعات وعدد قليل من الجيش امام سيارات النقل العام التي تقوم بنقل ملفات أمن الدولة المفرومة، لإعدامها بعيداً عن المنطقة السكنية. واضاف ان العمليه تمت تحت سمع وبصر وعلم قوات الجيش الموجودة حول مقر أمن الدولة، حيث اتخذت السيارات الثلاث المكدسة بالأوراق الطريق الصحراوي لاحراقها بعيداً عن مقر أمن الدولة».
الساحة الأشهر
من جانب آخر، تحولت صفحات «فيس بوك» الساحة الأشهر في مصر لتداول المعلومات حوق حرق مقار اجهزة مباحث امن الدولة، وانشأ جموع الشباب المطالبين بإلغاء جهاز امن الدولة صفحات على «فيس بوك» تطالب الشباب بالخروج لمحاصرة واقتحام مقار امن الدولة، للحصول على أي معلومات تساعد في فضح جرائم امن الدولة، سواء فيديو أو صوراً لمعتقلين او لضباط يقومون بانتهاكات، وذلك بعد تواتر انباء عن تصاعد ادخنة من داخل مقار أمن الدولة بمدينة نصر بالقاهرة، وإعدام عدد كبير من الملفات بالإسكندرية.
وأكد مؤسسو الصفحة أن امن الدولة هو سبب معظم معاناة الشعب المصري، مضيفين انهم ليسوا ضد الشرطة ولا ضد من يحمي الوطن، ولكنهم ضد البوليس السياسي ومنهجية التعذيب والقتل والاعتقال والترصد للناس الأبرياء، وقالوا «لا نريد بوليساً سياسياً بعد اليوم، نريد حرية الكلمة والرأي لكل مواطن مهما كانت انتماءاته وديانته، أما الحديث عن البديل لجهاز مباحث امن الدولة فإن البديل موجود وقائم، الامن الداخلي تقوم عليه المباحث الجنائية، اما الامن الخارجي فيقوم عليه جهاز الامن القومي أو المخابرات العامة بالمسمى القديم. أمن الدوله جهاز للامن السياسي ليس الا، ولا نريد ان يقوم على حريتنا السياسيه او رأينا او عقيدتنا وحريتنا الشخصيه جهاز أمني قمعي». وناشدوا جموع المصريين التضامن معهم، للقضاء على جهاز أمن الدوله والمساعدة في محاكمته . وشهد الموقع اقبالاً شديداً من قبل الشباب، إذ انضم له في الساعات الأولى لتدشينه اكثر من ،2452 لتتحول الصفحة إلى غرفة عمليات تدير عمليات الهجوم على مقار أمن الدولة. وانتشرت على الصفحة رسائل تطالب الشباب بالتحفظ بشكل عاجل على اي ماكينات تصوير بداخل مكاتب أمن الدولة، لأن بداخلها «هارد ديسك» يحفظ كل الورق الذي يتم تصويره، كما ناشدوهم التحفظ على اي اجهزة كمبيوتر، وحتى الاوراق الممزقة، علهم يستطيعون استخراج أي معلومات تفيد في إدانة مسؤولي جهاز امن الدولة.
غرف سرية
فيما ناشد احد الشباب جموع المتجمهرين في الاسكندريه التوجه الى أماكن الغرف السرية بأمن الدولة بالاسكندرية، قائلا «يا جماعة في مدخل يمين اول ما تدخل من الباب الرئيس في شمال بعد كده حتلاقي سلم حديد، وعلى شمالك باب حديد لغرفة حجز وبالداخل عدة أبواب حجز أخرى يا ريت لو حد موجود هناك وصلوا له هذه الرسالة. فتشوا جيداً وفي نفس الممر بعد السلم الحديد غرف أخرى أبحثوا جيدا.. تحت المكاتب في البدروم او الا في الدور الاول، اتمنى لو حد يوصلهم الكلام ده». فيما ارسل شاب آخر رسالة استغاثة الى الجيش، مؤكداً ان النشطاء ممن حاصروا مقر أمن الدولة بمدينة نصر لاحظوا تصاعد أدخنة نارية وطالبوا للجيش بإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وتساءل الشباب عن العلاقه بين حرق وفرم ملفات جهاز امن الدوله اليوم ورحيل الفريق شفيق؟ لماذا لم يقوموا بحرقها وفرمها منذ قيام الثورة؟ لماذا بدأوا الحرق والفرم اليوم فقط؟ وما علاقة ذلك بحديث شفيق الاخير مع الاسواني عن امن الدولة واشادة الفريق شفيق بالجهاز، ثم إنكار معرفته بما كان يتم في امن الدولة سابقا ومحاولته الهروب من الوعد بحل جهاز أمن الدولة؟
جند صحافيين وتورّط في إرهاب واختلـق ضرائب كشف الكاتب بلال فضل، لبرنامج العاشرة، عن تلقيه أوراقاً تدين جهاز أمن الدولة بالاسكندرية، ستوضع على الانترنت للاطلاع عليها مثل وثائق «ويكليكس». وقال فضل انه كان من ضمن الوثائق خطاب رقم 295 لسنة 2005 مسلسل 3 يفيد بتحديد أسماء قضاة وأفراد من النيابة لتجنيدهم في الانتخابات البرلمانية، ومنها تعيين قاضٍ كبير رئيس دائرة. وأوضح فضل حصوله على وثيقة عبارة عن مكاتبات تؤكد فشل اختراق امن الدولة البريد الالكتروني لسياسيين، إذ يوضح المستند انه جارٍ البحث عن وسائل تسهل الاختراق. ولفت إلى مستندات تؤكد استغلال وتدخل الجهاز في بحث الضرائب لمعارضين سياسيين أو مختلفين مع النظام، وهذا ما حدث مع أحد اعضاء حزب الجبهة الديمقراطية ميسور الحال ويمتلك مزرعة. وأفاد بلال بحصوله على وثيقة تفيد مطلب المهندس أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني السابق، من مدير مديرية امن الدولة بالبحيرة التدخل لاسقاط والد عماد الجلدة، المرشح وقتها في الانتخابات عن شبراخيت لمصلحة مرشح الحزب الوطني. ومن ضمن الاوراق التي حصل عليها، تقارير تؤكد تدخل امن الدولة في تعيين عاملين في البترول والغاز. وأكد فضل حصوله على وثائق تؤكد تورط أمن الدولة في أحداث كنيسة القديسين التي سبق أن نشرت نسخة منها على أحد المواقع الالكترونية الاخبارية، ونشرتها «الغارديان». وأضاف فضل ان لديه مستندات عبارة عن تقارير أمنية كتبها صحافيون ضد زملائهم، إضافة إلى مخاطبات من جهاز أمن الدولة للوزراء، لعرقلة طلبات المعارضة والاخوان، ليهتزوا في دوائرهم. وتحدث فضل عن وثيقة طلب فيها أمن الدولة من الجهاز المركزي للاحصاء «كارنيهات» لضباط ومخبري الجهاز، حتى يتثنى لهم دخول المنازل التي يرغبون في دخولها، والحصول على ما يشاؤون من معلومات تحت غطاء الاحصاء. القاهرة ــ الإمارات اليوم |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news