مصريون مذهولون من اختراق ـ جـــــهاز أمن الدولة خصوصياتهم
زادت أدلة جديدة، على قيام جهاز أمن الدولة المصري بأعمال تجسس وتعذيب، الضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لإلغاء رمز مكروه يشيع الخوف في النفوس، من رموز حقبة الرئيس السابق حسني مبارك. ووجه إصلاحيون في قلب الانتفاضة الشعبية التي اطاحت مبارك اهتمامهم إلى جهاز أمن الدولة، الذي اشتهر بانتهاكاته التي أسهمت في توحيد صفوف المعارضة، ضد حكم مبارك الذي دام 30 عاما.
وبعد اقتحام مقار جهاز أمن الدولة والاستيلاء على ملفاتها، نشر نشطاء لقطات فيديو ووثائق خاصة بالجهاز على «الإنترنت»، ويقولون إنها دليل يثبت أنه على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي خلف مبارك حل «الجهاز». ونشرت صور لما وصفت بأنها غرف تعذيب بها سلاسل تلطخ الدماء أرضياتها وملفات امنية تبين مدى تدخل الجهاز في حياة المواطنين. وبلغت الاحتجاجات ضد أمن الدولة ذروتها الأحد الماضي، بمحاولة اقتحام مقرها في القاهرة. وأمام المقر هاجم رجال يرتدون ملابس مدنية، ويحملون مديا وسيوفا وقنابل حارقة وحجارة النشطاء.
ويقول الناشط في مجال حقوق الإنسان جمال عيد «لا يمكنني التفكير في أن أحداً له مصلحة في تنظيم الهجوم، سوى ضباط أمن الدولة الذين يرتبطون بمصالح الحزب الحكم السابق وكانوا يخدمونها». وأكدت الوثائق التي ظهرت للمصريين، ما كان يعرفه كثيرون بالفعل من خضوعهم لمراقبة وتنصت، وملاحقة دقيقة منذ سنوات.
وبفضل ترخيص لضباط أمن الدولة بفعل كل ما يحلو لهم تقريبا، في ظل قانون الطوارئ، استغلوا مناصبهم لأغراض شخصية، وقام احد الضباط بمراقبة صديقته، وتسجيل محادثاتها الهاتفية. وتقول الصديقة، التي طلبت عدم نشر اسمها لـ«رويترز»، إن زميلا سابقا للضابط الذي تقدم للزواج بها أمدها بملف أمني، أعد لها بناء على طلبه. وتابعت «كان يتضمن حرفيا أمورا مثل احتست فنجانا من الشاي في الساعة الثانية والنصف، وبحثت عن مكان لصف سيارتها لمدة 25 دقيقة». وتابعت «كانوا يعلمون مَنْ مِنَ الصديقات زارتني في شقتي، والمدة التي مكثتها، بل كان لديهم تفاصيل عن لون الحجاب الذي ارتدته احدى صديقاتي في احد الأيام».
ومثل وكالة «ستساي» في ألمانيا الشرقية سابقا وجهاز المخابرات الروسي (كيه.جي.بي)، تمتع جهاز أمن الدولة المصرية بسلطات هائلة، وتدخل في كل شيء من انتخابات الجامعة إلى التعيينات في القطاع العام وإصدار تصاريح إقامة حفلات موسيقية، وكانت مهمته الرئيسة العمل سرا لحماية نظام مبارك من أي تهديدات محتملة.
وكشف نشطاء وثائق تشمل ملفات امنية لنشطاء معارضين، من بينهم محمد البرادعي، الذي اعتبر مرشحا محتملا في انتخابات الرئاسة وتعليمات بشأن كيفية التجسس على جماعات اسلامية كان يعتبرها مبارك تهديدا. وكشفت بعض الوثائق، التي نشرت على «الإنترنت»، أن الجهاز كان يراقب أيضا بعض المقربين من مبارك. ولم يتسن التأكد من ان الوثائق أصلية. وأظهرت لقطات نشرت على «الإنترنت» نشطاء يفحصون هيكلا حديديا يبدو أنه يستخدم لوضع المعتقلين في أوضاع غير مريحة واختبار مسدس صادم على شكل هاتف محمول. ودفعت أنباء عن قيام ضباط أمن الدولة بحرق وفرم وثائق بعضالنشطاء، لاقتحام مقار جهاز أمن الدولة خشية تدمير أدلة على انتهاكات لحقوق الانسان ووثائق ربما تدين مسؤولين سابقين، واتهم ضباط امن الدولة المحتجين بإضرام النيران. ودخل النشطاء 11 مقرا لجهاز أمن الدولة في أرجاء مصر، ما يدل على ان المصريين لم يعودوا يخشون الجهاز الذي تأسس قبل تولي مبارك الرئاسة عام .1981 وطالب الجيش النشطاء بإعادة الوثائق، وأمر النائب العام بحبس 47 من ضباط أمن الدولة اتهموا بحرق الوثائق. وأعلنت صحيفة الأهرام المملوكة للدولة نهاية جهاز أمن الدولة، وكان عنوانها الرئيس الاثنين الماضي «سقوط دولة أمن الدولة».
وقال إستاذ العلوم السياسية والعضو البارز في الحركة الإصلاحية حسن نافعة، إن «الجيش يسيطر بالكامل الآن على أمن الدولة». وأضاف أن من الصعب على الجيش أن يتجاهل محاولات جهاز أمن الدولة تدمير وثائق وأوراق، كشف النشطاء النقاب عنها في الأيام الأخيرة. وقال إن «المجلس الأعلى يعترف بأن ذلك الجهاز كان يمثل خطرا على المجتمع، ولم يعمل على تحقيق مصالح المجتمع». وأضاف «أنه لا يرى أملا بإعادة هيكلته، وأن المطلوب حله بالكامل وتأسيس جهاز جديد بأيديولوجية جيدة».
وقال وزير الداخلية الجديد منصور عيسوي، إن «دور جهاز أمن الدولة ينبغي ان يقتصر على محاربة الارهاب، وليس التدخل في حياة المصريين، ولكنه لم يكشف بعد عما إذا كان سيجري حل الجهاز».
وقال الناشط اسلام جودة (23 عاما)، «لن تنتهي الاحتجاجات، حتى تلبى جميع المطالب، وفي مقدمتها إلغاء جهاز أمن الدولة، لا أرى سببا لعدم تنفيذ ذلك وبسرعة». وتابع «لم يفعل هذا الجهاز شيئا سوى التعذيب والتحرش والانتهاكات، لا اجد شيئا جيدا فعله من اجل الناس، ولا أجد خطأ في اغلاقه».