«درع الجزيرة».. قوة لمواجهة التهديد الخــارجي لدول «مجلس التعاون»
عادت وسائل الإعلام الخليجية والعربية والعالمية لتسلط الأضواء ثانية على قوات درع الجزيرة، بعد أن تم إرسال 200 جندي منها إلى مملكة البحرين، التي تشهد اضطرابات داخلية منذ أكثر من ثلاثة اسابيع، وكان «مجلس التعاون» قد أنشأ هذه القوة في الدورة الثالثة من قمة المجلس الأعلى لقادة دوله الست: «السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والبحرين، وسلطنة عُمان»، التي عقدت في المنامة في نوفمبر ،1982 لهدف معلن هو إيجاد قوة خليجية قادرة على القيام بالمهام المطلوبة، للدفاع عن أمن الخليج، وردع أي اعتداء أو تهديد تتعرض له أي من دول المجلس. وقد تقرر تمركز هذه القوة التي أطلق عليها اسم «قوات درع الجزيرة»، في حفر الباطن في السعودية عام ،1986 وكان قوامها، في ذلك الحين، 5000 جندي، ودأبت، منذ إنشائها، على تنفيذ التدريبات والتمارين المشتركة بشكل دوري مع القوات المسلحة، في كل دولة من دول المجلس.
وفي عام ،2000 وافق قادة دول التعاون، من حيث المبدأ، على زيادة قوة درع الجزيرة، بينما استمرت الدراسات الهادفة إلى تطويرها وتحديث قوتها وأسلحتها، ورفع كفاءتها القتالية ومستواها الفني. وفي أكتوبر ،2002 اجتمع وزراء دفاع دول مجلس التعاون في مسقط، ليعلنوا عزم بلدانهم رفع عديد هذه القوة إلى 22 ألف جندي. وفي فبراير عام ،2003 أعلنت الكويت أنها حصلت على موافقة شركائها في مجلس التعاون الخليجي، لنشر وحدات عسكرية داخل أراضيها، في إطار الاستعدادات لشن هجوم أميركي محتمل على العراق. وفي نوفمبر ،2005 أثار وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي جدلا بتصريحه، الذي قال فيه إنه لم تعد هناك حاجة إلى بقاء قوات درع الجزيرة، بعد زوال نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ولكن بعد هذا التصريح بنحو شهر اقترحت السعودية تفكيك القوة، وأن تشرف كل دولة على وحداتها المخصصة، التي يمكن استدعاؤها في حال الضرورة، لكن السعودية عادت في نوفمبر ،2006 لتقترح توسيع قدرات الدرع، وإنشاء نظام مشترك للقيادة والسيطرة. وتم بالفعل في مايو ،2008 الاتفاق على تمركز قوات درع الجزيرة في بلدانها الأصلية، على أن يتم استدعاؤها عند الضرورة، ولا تتوافر تفاصيل كثيرة عن قوات درع الجزيرة وقدراتها العسكرية، رغم أنه نُقل عن قائد عسكري سعودي قوله إن عددها يتجاوز الـ30 ألف عسكري.
وفي مارس الجاري، استعانت مملكة البحرين بقوات درع الجزيرة، لتأمين المؤسسات العامة والمواقع الحيوية والمنشآت الاستراتيجية في البلاد، عقب موجة الاحتجاجات والتظاهرات من قوى المعارضة، ولمواجهة أي تهديد أو خطر خارجي. وسبق أن أسهمت وحدات من قوات درع الجزيرة في تطهير مدينة الخفجي السعودية، من القوات العراقية التي تسللت إليها عام ،1991 وقد تضمنت الاتفاقيات الأمنية والعسكرية بين دول المجلس بنوداً كثيرة شكلت اتفاقية التعاون العسكري المشترك إطاراً قانونياً لها، لتعطي دوراً لقوات درع الجزيرة عند تعرض أي دولة من دول مجلس التعاون الست لأي تهديد أمني أو خارجي. واستنادا إلى محللين في منطقة الخليج فإن تحرك قوات درع الجزيرة للقيام بالمهام المنوطة بها لاستعادة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين، يُعد عملاً دفاعياً وحماية وواجبا مشروعا ليس لمملكة البحرين فحسب، بل أيضاً للدفاع عن منطقة الخليج التي تهددها المخاطر، من خلال محاولات قوى إقليمية تغيير الأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية، لتحقيق أطماعها بأدوات محلية.
ويضيف هولاء أن قادة عسكريين من دول المجلس، اقترحوا المزيد من التعاون والتنسيق في ما بينها، في مجال الدفاع الصاروخي وأسلحة البحرية، بينما يستمر تنفيذ المزيد من برامج التدريب للطيارين من هذه الدول، التي شكلت لجنة تجتمع سنويا، لإجراء المناقشات المستفيضة حول سياسات محاربة الارهاب.