اليمين الغربي صوّر الإسلام باعتباره «تهديداً وجودياً» وحول القلق إلى «هستيريا» جماعية

دراسة أوروبية: 99.6٪ من المتورطين في أعمال إرهابية غير مسلمين

الإرهاب الذي تقوم به جماعات غير إسلامية يمثل الخطر الأكبر على أوروبا. أ.ف.ب

كشفت دراسة أخيرة أجراها مكتب الشرطة الأوروبية (يوربول)، حول الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، عن بطلان الادعاء السائد على نطاق واسع في الغرب، بأن الإرهاب مرتبط بالإسلام، وأن جميع المسلمين إرهابيين، إذ أفادت بأن 99.6٪ من المتورطين في أعمال إرهابية من الجماعات اليسارية والانفصالية المتطرفة.

وأوضحت الدراسة أن تلك الجماعات ينضم إليها ما يعرف بالتنظيمات الإرهابية الفوضوية، مثل المدافعين المتطرفين عن حقوق الحيوان، الذين أوقعوا كثيراً من الضحايا خلال عام ،2008 وزاد العدد في 2009 مقارنة بضحايا العمليات الإرهابية، التي نفذها إرهابيون محسوبون على جماعات إسلامية.

تصنيف أوروبي

قالت منظمة الشرطة الأوروبية في تقريرها السنوي، إن الإرهاب المرتبط بجماعات إسلامية لايزال يصنف ضمن أكبر المخاطر التي تهدد دول أوروبا، على الرغم من أن الواقع يشير إلى أن عملية إرهابية واحدة فقط، اشتبه في أن إسلاميين متطرفين نفذوها خلال عام ،2009 حين فجروا قنبلة في إيطاليا.

وتفصيلاً، أفادت الدراسة الأخيرة التي أجراها مكتب الشرطة الأوروبية (يوروبول) لعام ،2010 بأن الإرهاب لايزال يمثل تهديداً كبيراً للدول الأوروبية، وأسفر عام 2009 عن مقتل سبعة أشخاص، منهم خمسة ضباط وجنديين، بالإضافة إلى إصابة عشرات من المدنيين نتيجة هجمات إرهابية استهدفت دول اليونان وأيرلندا الشمالية وإسبانيا.

وأشارت الدراسة إلى أن مؤشر العمليات الإرهابية انخفض في عام 2009 مقارنة بعام 2008 بنسبة 33٪، لكن لا يعني هذا تقليص الإجراءات الاحترازية، التي تطبقها الدول الأوروبية لمواجهة الإرهاب، لافتة إلى أن التهديدات التي تمثلها الجماعات الإسلامية الإرهابية لاتزال تثير القلق، وإن كانت أقل كثيراً من التهديدات التي تمثلها الجماعات الانفصالية واليسارية المتطرفة.

وأوضحت أنه في عام 2009 تعرضت ست من دول الاتحاد الأوروبي لـ294 عملية إرهابية، سواء كانت ناجحة أو فاشلة، فيما سجلت إنجلترا 124 هجمة إرهابية أخرى في شمال ايرلندا، مشيرة إلى أن 13 دولة أوروبية قبضت في العام نفسه على 587 شخصاً للاشتباه في انتمائهم إلى جماعات إرهابية، أو التخطيط والترويج والتمويل لعمليات تخريبية.

وتابعت الدراسة أن أغلبية المعتقلين المشتبه في انتمائهم لجماعات إسلامية متطرفة، قبض عليهم للاشتباه في تمويل عمليات إرهابية، لافتة إلى أن النساء مثلن نسبة 15٪ من إجمالي المقبوض عليهم عام ،2009 بانخفاض عن عام 2008 بنسبة 15٪، ونسبة 10٪ عن عام ،2007 وانتمت أغلبية النساء اللاتي اعتقلن إلى جماعات انفصالية وليست إسلامية.

وأفادت الدراسة بأن أغلبية الأحكام التي أصدرتها المحاكم الأوروبية في قضايا الإرهاب خلال عام 2009 كانت ضد انفصاليين، على النقيض من عام ،2008 الذي تصدرته أحكام ضد إسلاميين متطرفين.

وجاء في التقرير السنوي لمنظمة الشرطة الأوروبية أن مؤشر ضبط المشتبه في انتمائهم إلى جماعات إرهابية إسلامية مستمر في الانخفاض، لافتة إلى أنه تراجع بنسبة 41٪ خلال عام ،2009 وبواقع 110 مشتبهين، مقارنة بـ187 مشتبهاً في عام ،2008 و2001 في ،2007 مبينة أن تهديد تلك الجماعات يتأثر بشكل مباشر بتطورات مناطق الصراع في الشرق الأوسط، مثل العراق وأفغانستان والصومال واليمن.

وتطرقت الدراسة إلى مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، مشيرة إلى أن جميع المنظمات المتورطة في تلك الأنشطة، تحتاج إلى دعم وتمويل، لتحافظ على هيكلها ونشاطها، وتذهب هذه الموارد في النفقات والأجور والتدريب وإنشاء المواقع الإلكترونية وغيرها من الأمور، التي تستهلك معظم الموارد، مقارنة بكلفة العمليات الإرهابية نفسها التي لا تستهلك مبالغ كبيرة. وأوضحت أنه بالإضافة إلى الأنشطة غير الشرعية مثل تجارة المخدرات، والخطف والتزوير، تعتمد تلك المنظمات على أعمال تبدو في ظاهرها شرعية، مثل الجمعيات الخيرية، مشيرة إلى أن الأبحاث الحديثة أثبتت أن النساء يتورطن أكثر في إساءة استخدام الإعانات التي يحصلن عليها من الجمعيات الخيرية، ويحولنها من أوروبا إلى المناطق التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية.

وتابعت الدراسة أن وسائل الاتصال السهلة والرخيصة مثل الانترنت والرسائل النصية السريعة يتم استغلالها من جانب الجماعات الإرهابية لأهداف مختلفة، اهمها توسيع أجندتهم الخاصة والترويج لها، وجمع المعلومات عن أهدافهم المستقبلية، وتحديدها، والتواصل مع الأعضاء، بل تجنيد عناصر جديدة.

وأبلغ أعضاء في المنظمة الأوروبية، أن عملية التجنيد وترسيخ التطرف، زادت أخيرا من خلال الانترنت ووسائل الاتصال الأخرى التقليدية، وفي أكتوبر 2009 تم القبض على امرأة ليتوانية تم تجنيدها عبر الانترنت، وكانت في طريقها لتنفيذ عملية إرهابية في روسيا، وتبين أنها اعتمدت ذاتيا على نفسها في اعتناق مبادئ أصولية متطرفة.

واعتبر مدون معني بهذه الظاهرة ويدعى دانيوس، أن هناك مبالغة في التحذير من مخاطر الإرهاب الإسلامي، رغم وقوع عملية واحدة عام ،2008 وعملية أخرى محدودة في ،2009 مشيرا إلى أن الإرهاب الانفصالي يبقى الأكثر تأثيرا في الاتحاد الأوروبي، وهو الانفصال الباسكي الذي تخوضه منظمة إيتا في كل من إسبانيا وفرنسا. وقال دانيوس إن هذه المبالغة لا تعبر كلياً عن الواقع، ولكن نتيجة لنفوذ ودعاية التيار اليميني في أوروبا، ينتشر اعتقاد بأن «الإرهاب الإسلامي»، هو أكبر تهديد للعالم الغربي، بل إن الدعاية اليمينية تصوره باعتباره «تهديداً وجودياً»، أي أنه يهدد بقاء العالم الغربي من الأساس.

وأضاف أن هناك مجموعات أخرى تنخرط في الإرهاب على نطاق أكثر اتساعا، ومع ذلك يتم التقليل من شأنها. وفي المقابل هناك تهويل وتركيز متعمدان، عندما يتعلق الأمر بأعمال إرهابية يرتكبها مسلمون، ما يروج لفكرة أن جميع الإرهابيين مسلمون، لافتا إلى أن منهم بلا شك من يتطرف بطريقة مثيرة للقلق، لكن يجب ألا يتحول هذا القلق إلى «هستيريا» جماعية.

وأوضح أنه من خلال تحليل معطيات الأحداث التي وقعت في أميركا وأوروبا اللتين تشكلان القسم الأكبر من العالم الغربي، فإن تهديد الإرهاب الإسلامي، أصغر كثيرا من الصورة المرسومة له، فهو يشكل 6٪ من الهجمات التي استهدفت الولايات المتحدة عام ،2008 وأقل من 0.5٪ من الهجمات التي استهدفت الاتحاد الأوروبي.

تويتر