الثورات العربية تخلق شرق أوسط جديداً
تبدل الأوضاع مع تشكل نظام جديد في الشرق الأوسط، حين تتطلع إلى أي مكان في الشرق الأوسط، تجد المشاهد متشابهة بشكل غريب، فربما تكون المعالم الجغرافية مختلفة، لكن الجغرافيا السياسية متماثلة. افتح أي قناة فضائية عربية، فستجد المتظاهرين الداعين إلى الديمقراطية، يتحدون علنا الحكام الذين سيطروا على حياتهم لعقود، لكنك ستحتاج إلى التوقف قليلا، لتعرف ما إذا كنت تشاهد ليبيا أو اليمن أو تونس أو مصر أو ربما المغرب أو البحرين أو عمان.
فالأوضاع تتغير بالنسبة لهذه النخب الحاكمة، ومن المرجح ألا ينجو كثيرون من هؤلاء، إذا لم يبادروا بإجراء تغييرات جذرية.
وقال أستاذ سياسة الشرق الأوسط بكلية الاقتصاد، جامعة لندن، فواز جرجس «هناك شعور بالتمكين، الناس اكتسبوا جرأة، إنهم يدركون أنهم يستطيعون فعلا تغيير حكوماتهم». وأضاف «لهذا فإن كل الدول العربية تقريبا تشهد اضطرابات اجتماعية، هذه أكثر من مجرد احتجاجات، الناس يريدون تغييرا حقيقيا».
ولم تكشف الانتفاضات مدى هشاشة أنظمة الحكام العرب الشموليين وحسب، بل أيضا أجبرتهم على تقديم تنازلات، لم تكن لتخطر ببال أحد، منذ بضعة أشهر فقط، الأساليب العتيقة لم تعد تفلح.
وقال المعلق السياسي رامي خوري «النظام بكامله يتغير، يجب أن يتغير الحكام العرب، لم يعد بوسعهم استخدام الأساليب نفسها، التي كانوا يستخدمونها من قبل، يجب أن تجري كل دولة دون استثناء تغييرات.». وقال جرجس «أعتقد أننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة، لا أظن أن الشرق الأوسط سيكون على حاله، يجري إنشاء نظام جديد، إنها ثورة يجري صنعها». وفي المنطقة التي ظهرت فيها المعارضة في العقود الأخيرة، من جانب الإسلاميين المتشددين، فإن طبيعة الشرارات التي فجرت الغضب تكشف عن حركة أوسع نطاقا وأقل ارتباطا بالدين، عقدت العزم على استعادة الإنسان شعوره بالكرامة والقدرة على تحديد مصيره، المحتجون غالبا شبان لكنهم جميعا يتسمون بالجرأة والتصميم، لم تعد تروعهم ترسانة القمع الموضوعة تحت تصرف حكامهم، فهؤلاءالشبان العرب لديهم رغبة في الخروج من السجن الذي تمثل في عالمهم المشوه.
في تونس، تفجر كل شيء حين سبّت شرطية بائع خضراوات، وصفعته على وجهه في مدينة بالية. وأشعل محمد البوعزيزي النيران في نفسه احتجاجا، وبعد مرور ثلاثة أشهر على وفاته فإنه سيواجه صعوبة في التعرف إلى المنطقة التي كان يعرفها جيدا.
في مصر بدأت مسيرة للتعبير عن الغضب من وحشية الشرطة، وضرب الناشط خالد سعيد حتى الموت. في ليبيا كانت الشرارة اعتقال محام متخصص في قضايا حقوق الإنسان في بنغازي. في سورية بدأت الاحتجاجات السلمية في درعا الحدودية، للمطالبة بالافراج عن 15 من تلاميذ المدارس، سجنوا لأنهم كتبوا على الجدران شعارات عن الحرية، وردتهم من مصر عن طريق القنوات الفضائية. والحصيلة حتى الآن هي إسقاط زعيمين شموليين في تونس ومصر، وهناك آخر تحت الحصار في ليبيا، بينما تبدو أيام الرئيس اليمني في الحكم معدودة، إلى جانب مجموعة من الحكام العرب الآخرين بدأت عروشهم تتزلزل تحت أقدامهم.
وقال جرجس «المسألة لا تتعلق بقوت اليوم أو الوظائف وحسب، الأمر أكبر من هذا، إنه متعلق بالحرية في المجتمع، متعلق بوجود حكومة نيابية، الناس يريدون أن يكونوا مواطنين فخورين، يريدون أن يكون لهم رأي في الطريقة التي تحكم بها بلادهم، وكيفية إدارة مجتمعهم».
ويمثل الشبان واحدا من كل اثنين أو ثلاثة من هذه الشعوب العربية، التي تنمو بسرعة، وقد تخلوا عن عادات اللجوء إلى كبار السن، لتصدر أي مسعى لتحدي نظام قديم، ينتمي إلى حقبة ما بعد الاستعمار، ويتسم بالطغيان والركود.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news