القذافي يعرف دائماً كيف يحتفظ بالسلطة. إي.بي.إيه

القذافي ثعلب صحراوي قادر على الهرب

خلال أربعة عقود ظل الأدميرال الأميركي بوبي راي انمان، يراقب العقيد معمر القذافي على نحو وثيق وهو يقول إن ما ادهشه في هذا الرجل قدرته غير العادية على مواصلة النجاة من كل الملمات. وأضاف «من الواضح انه كان يتراجع عندما تواجهه القوة. ولكنه يفعل ذلك من اجل نجاته وليس لتغيير موقف»، وعلى الرغم من أن القذافي يبدو «معتوهاً رسمياً»، الا ان فترة حكمه اجبرت انمان على الاعتراف بأنه «ذكي كثعلب صحراوي».

وكان انمان ضابطاً في المخابرات البحرية، وبدأ التركيز على القذافي في بداية سبتمبر عام ،1969 عندما اطاح بالملك ادريس السنوسي بانقلاب ابيض. وخلال عمل انمان مديرا لوكالة الامن القومي في الفترة ما بين 1977 و.1981 كشفت عمليات التنصت التي قامت بها الوكالة على اتصالات ليبيا أن القذافي قدم قرضا بقيمة 220 الف دولار للسيد بيلي كارتر شقيق الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر، جزءاً من جهود ليبيا للحصول على نفوذ في البيت الابيض. ويقول انمان «كان ذلك عبارة عن تصرف اخرق، ولكني صنفته كما فعلت بالنسبة لرسالة القذافي للرئيس الاميركي باراك اوباما»، مشيراً الى الرسالة التي بعث بها القذافي الى اوباما الاسبوع الماضي يحثه فيها على وقف الضربات الجوية، وقال «تبدو حركة شيطانية منه، ولكن للمرة الثانية فإنها تظهر انه سيستخدم اي وسيلة من اجل بقائه في السلطة». وتشير تقييمات الجنرال انمان إلى ان القذافي يعمل على ايصال الامور الى طريق مسدود، على الأقل خلال المدى القصير وقال إنه «سوف يناور او يغير اتجاهه دون اي وخز ضمير اذا اعتقد ان ذلك سيسهل بقاءه في السلطة، وإذا تمكن من ايصال الامور الى الجدار المسدود، فإنه يستطيع العمل على استعادة بقية الدولة».

ويشير انمان الى أن القذافي لا يمكن العثور عليه كما حدث مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين. يقول «في الوقت الحالي لا يواجه ضغطا خارجياً كبيراً من شأنه ان يؤدي الى الاطاحة به عن سدة الحكم. وبناء عليه إذا حدث اي شيء له فإنه سيكون من الاشخاص المحيطين به». وتأمل الدول الغربية التي فاجأتها الثورات الشعبية في تونس ومصر، ان يقوم اشخاص من الدائرة المحيطة بهذا الرجل البالغ عمره 68 عاماً بالإطاحة به. ويقول انمان «حدث امران، الاول انه لم يقوض نظام القذافي فورا، والثاني ان ابناءه الذين كانوا يبعثون برسائل مفادها انهم معتدلون وأنهم سيعملون على تحديث الدولة، كانوا في الواقع مدافعين بالمحفزات ذاتها التي تؤثر في والدهم وهي الحفاظ على السلطة مهما كان الثمن، وبناء عليه كان الاستخدام المباشر للقوة ضد شعبهم لقمع الثورة».

وعلى الرغم من أن منطقة الحظر الجوي ربما تكون قد اوقفت قيام القذافي عن انجاز «قتل سريع»، لمعارضيه غير المنظمين، الا انها لم تدفعه الى اتخاذ اي موقف من شأنه ان يبدو انه يريد التخلي عن السلطة والذهاب الى منفى اختياري. وهو خيار يمكن ان ينجح اذا قرر القذافي استخدامه. وقال انمان «اعتقد أنه بالإمكان العثور على مكان يلجأ إليه، ولكني لا اعتقد انه حتى الآن يعتقد انه الخيار الوحيد المتاح امامه. وإذا شعر بالقلق من قيام احد المحيطين به باغتياله فإن مغادرته السلطة ستكون امرا واردا فعلا. ولكن طالما انه لا يشعر بأي ارتياب نحو المحيطين به فإنه سيواصل التمسك بالسلطة.».

ويقول انمان الذي اصبح في هذه الايام استاذا في جامعة تكساس، ان العقوبات التي فرضها الغرب على حسابات القذافي البنكية لن تؤدي الى اسقاطه في المدى القريب، وأضاف «سيظل القذافي فعالا في المجال الاقتصادي لأن المال بالنسبة لاتباعه هو السلاح الاكثر نجاعة».

ويصنف كتاب المخابرات المركزية العالمي ليبيا التي تحوي 47 مليار برميل نفط، في المرتبة التاسعة على مستوى العالم من حيث ضخامة احتياطها النفطي. ونظراً الى أن تعداد سكانها لايزيد على 6.6 ملايين نسمة وينتشرون في دولة تزيد مساحتها على 700 الف ميل مربع، معظمها صحراء، فإن القذافي يسيطر على هذه الدولة بسهولة.

ولكن من الواضح انه سيحتاج الى تدفق متواصل للثروة لاحكام سيطرته على السلطة. ولكن من المؤكد انه حتى لو كان منبوذاً في العالم فإنه لن يعدم الوسيلة لبيع نفطه. وسيبيع كل ما يجلب له المال كي يواصل التحكم بالسلطة. ولكن الأمر الذي لا نعرفه هو ما مقدار المال المكدس لديه ويمكنه التحكم به كيف يشاء؟ وأعتقد انه مقدار كبير».

ويتشكك انمان في امكانية ابناء القذافي الذين يقودون القوات العسكرية حالياً، على خلافته في السلطة، على الرغم من انه يعترف قائلاً: «يعتمد ذلك على كمية المال التي سيغدقونها على القبائل المختلفة»، ولا يعتقد انمان ايضاً ان العديد من الدبلوماسيين الليبيين الذين انشقوا على القذافي يمكن ان يكونوا مرشحين محتملين يحلون محله، وقال «اعتقد انهم هربوا مما اعتبروه سفينة غارقة، وأعتقد انهم ربما سيظلون تائهين في جزر مهجورة لمدة من الوقت. انها ليست معارضة متماسكة ليس هناك اي قائد من جانب الثوار يمكن ان يحشد جميع الليبيين حوله».

وبالنسبة لوجهة نظر الولايات المتحدة فإن تقسيم ليبيا سيكون امرا مشابها لما حدث في يوغسلافيا السابقة، وسيكون نتيجة مقبولة في الوقت الحالي. ولكن انمان يقول ان المنطقة اذا تقسمت يمكن ان تصبح اكثر سوءا، إذ إن سلوبودان ميلوزيفيتش بقي في السلطة لفترة طويلة وهذا ما سيحدث مع القذافي «ونظراً الى انه سيواجه محاكمة جرائم الحرب فمن غير المتوقع ان يذهب القذافي الى الدول الغربية او الشرق الاوسط».

ويقول انمان «اذا كان القذافي يفكر في التوصل الى طريقة للرجوع الى ليبيا، فإنه سيلجأ الى احد البلاد الافريقية، ولكنه اذا لم يفكر في العودة الى السلطة فإنني لن أفاجأ اذا رأيته في فنزويلا».

 

❊ آلان دودز فرانك: كاتب في «ديلي بيتز»

الأكثر مشاركة