عصابات القذافي تستخدم «سلاح الاغتصاب» ضد الليبيّين
لم تكن ليلى تتوقع أن تتعرض لمثل هذه المحنة في دارها عندما هاجمها بعض جنود معمر القذافي ليغتصبوها في عز الليل، كان ذلك في الرابع عشر من مارس الماضي، وتعرضت ليلى، ابنة الثامنة والعشرين، ام لطفلين في الخامسة والثالثة من عمرهما، للاغتصاب بينما كانت تحمل طفلها الاصغر في حضنها في الوقت الذي كان ابنها الآخر ينظر في رعب الى الجنود فوق أمه. كان صعباً عليها تحمل هذا الموقف للحد الذي فكرت فيه في الانتحار.
تقول ليلى «الاسبوع الماضي، هددني الجنود بأنهم سيقتلون طفلاي إذا لم أمكنهم من نفسي، وقالوا لي: اختاري بين نفسك وبين حياة طفليك». وتواصل «رفضت الانصياع لأوامرهم، وضممت طفلي الاصغر الى حضني بشدة، إلا ان أحد الجنود دفعني بقوة على السرير وحدث ما حدث». كان زوجها بعيداً يقاتل مع الثوار ضد كتائب القذافي عندما كسر الجنود الباب ودخلوا الى شقتها.
محنة اغتصاب ليلى امام أبنائها واحدة من عشرات الروايات التي حكتها النسوة المنكوبات لدكتور خليفة الشركسي، ذلك الطبيب الذي يعالج اللاجئين في أحد المعسكرات في منطقة البيضاء، والذي آل على نفسه رصد هذه الحالات. ففي ميناء مصراتة المحاصر تعرضت أربع شقيقات للاغتصاب المنتظم من قبل جنود حكوميين من منطقة طاورجا، ومنطقة طاورجا هذه ينحدر معظم سكانها من الافارقة السود الذين استوطنوا هذه المنطقة منذ زمن تجارة الرقيق، وعين القذافي الكثيرين منهم في الجيش لكي يرسخ في أذهان العالم أنه بالفعل «ملك ملوك إفريقيا».
ويقول مسؤول ليبي «إن اخوة هؤلاء الشقيقات الاربع أقسموا على الانتقام ممن فعل ذلك بهن بعد أن ينجلي القتال».
ووراء هذه الاغتصابات وحشية تغذيها في بعض الاحيان الرغبة في معاقبة المعارضات. هناك أيضا الكثير من مثل هذه الحالات في المدن الكبيرة مثل رأس لانوف وبن جواد وعقيلة وأجدابيا وسيدي بشر حيث تتغير خطوط المواجهة باستمرار. ويعكف دكتور شركسي على رصد جرائم الاغتصاب التي تعرضت لها ليلى ونساء اخريات، حيث يعتقد بأن الرقم يتجاوز 700 حالة اغتصاب.
ووافق شركسي قبل وقت قريب على الإدلاء بتصريحات لوسائل الاعلام لأن «العالم ينبغي أن يتعرف إلى قسوة قوات القذافي عديمة الرحمة»، ويقول انه على الرغم من ان التحدث في مسائل الاغتصاب يعتبر من المحرمات في ليبيا إلا انه من الضروري أن تكشف هؤلاء النسوة للعالم ما حدث لهن، ويأمل ان تكشف بقية الضحايا عن مأساتهن.
إحدى النسوة أخبرت شركسي بأنها حاولت تنظيف نفسها بمبيض غسيل بعد ان تعرضت للاغتصاب، وأخرى حقنت نفسها بمادة الكلورين، معتقدات بأن ذلك من شأنه ان يمنع عنهن الحمل. وفي حادثة أخرى تعرضت اختان (16 و20 عاماً) للاغتصاب في منزلهما امام والدتهما في الوقت الذي يقاتل أخواهما مع الثوار.
ووفقاً لرواية الفتاتين فإن جنود القذافي مدعومين بالمرتزقة الأفارقة دخلوا المنزل عنوة وحبسوا والدة الفتاتين في المطبخ واغتصبوا الفتاتين في مكان واحد وأمام بعضهما. أحد الجنود الليبيين أخبر المرتزقة «خذوا نصيبكم منهن لقد تعبنا نحن»، ويقول شركسي نقلاً عن الفتاتين «تناوب اغتصابهما أربعة الى خمسة افارقة».
ويقول شركسي ان الفتاتين في حالة نفسية سيئة في بلد تحتم على الفتاة ان تحافظ على عذريتها لكي تتزوج، وجلست إحداهما في ركن واستمرت في النواح.
وكان الشركسي قد تنبه الى حقيقة حالات الاغتصاب عندما أخبرته امرأة غير متزوجة، تبلغ من العمر 42 عاماً، انها تعرضت للاغتصاب مراراً ولساعات عدة حتى فقدت الوعي. ويقول إنه عندما كان يفحص حالتها الصحية راعه خدوش على ثدييها، وعندما سألها عن ذلك بدأت في البكاء مخبرة إياه «ضربني احد الجنود واغتصبني». واكتشف الشركسي خلال وجوده في ذلك المعسكر قصصاً سوداء تخجل الضحايا من سردها او يخشين إفشاءها «تقول المرأة إن العديد من الجنود تناوبوا اغتصابها بعد ان حبسوا والدتها المسنة في غرفة أخرى». ويضيف «عندما عاد الوعي للمرأة وجدت نفسها عارية وثدياها يقطران دماً بسبب العض». هذه المآسي التي تعرضت لهن النسوة تعيد للاذهان ما تعرضت له إيمان العبيدي، المرأة التي اقتحمت فندقاً مملوءاً بالصحافيين الشهر الماضي.