مخاطر تتهدّد الحركات الديمقراطية في المنطقة
قال خبراء في شؤون الشرق الأوسط إن الثورتين العربيتين في تونس ومصر مهددتان من قبل قوى متمكنة داخلية وخارجية، ومجموعات متطرفة، في الوقت الذي يطالب فيه الناشطون في مجال الحريات والديمقراطية، الحكومات الجديدة بمزيد من الشفافية وإعطاء الحقوق للأقليات.
وقد هيمن موضوع الثورات العربية على النقاشات التي دارت في منتدى أميركا والعالم الإسلامي السنوي في واشنطن، قبل أيام، وعبر بعض المشاركين عن قلقهم إزاء الوضع في ليبيا، وخشيتهم من أن يتحول النزاع الحالي إلى حرب أهلية طويلة المدى، كما قال آخرون إن الأزمة في البحرين يمكنها أن تشعل فتنة في المنطقة، في حين بدا خبراء ومتخصصون في الشأن العربي متحفظين في ما يخص مستقبل الثورتين التونسية والمصرية.
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، إن الخطر يكمن في عدم رضا الجماهير (التي ساندت الثورتين)، موضحة أن «تجارب سابقة أثبتت أن الناس يصابون بخيبة الأمل عندما يحسون بالتهميش، وربما يستغل المتطرفون الفرصة للدخول على الخط».
وأشارت إلى أنه يتعين على أميركا أن تتعامل مع الوضع في الشرق الأوسط من خلال سياسة خارجية أخلاقية متوازنة، واستدركت بالقول: «ولكن بالطبع لا توجد سياسة متوازنة في كل الأوقات».
في المقابل، نفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أن يكون بإمكان واشنطن التعامل مع كل المسائل في المنطقة العربية من خلال طرح واحد. أما العضو في المبادرة المصرية للحقوق الفردية حسام بهجت، فقال إن الولايات المتحدة تستخدم معايير حقوقية مختلفة عندما تتعامل مع الدول العربية وإسرائيل.
وأضاف «لن تتمكن الولايات المتحدة من لعب دور المؤيد للإصلاحات في الشرق الأوسط، إلا إذا استخدمت القيم نفسها مع جميع الأطراف بتوازن ومنهجية». وأكد أنه على الرغم من خلع الرئيس المصري السابق حسني مبارك، إلا أن السلطات في بلاده لاتزال تحكم من خلال سلطة مكتسبة من النظام البائد، ولا تتحلى بالشفافية، بما يكفي.
وطالب الناشط الحقوقي، بالتحقيق في استخدام أجهزة الأمن للقوة بداية الثورة في يناير الماضي، وتقديم المتسببين في قتل عشرات المدنيين وترويعهم إلى القضاء. وتساءل بهجت عن الجهات التي أعطت الأوامر للقناصين بقتل المتظاهرين في ميدان التحرير، إذ شهد تصفية بعض الشباب خلال وجوده هناك. أما الناشط السياسي سعد الدين ابراهيم، الذي اعتقل في سنة ،2000 فأشار إلى تهميش فئات من الشعب وعدم تمثيلها بما يناسبها في المجالس المحلية والوطنية، وقال إن المسيحيين الأقباط والنساء وشريحة الأطفال، ليس لهم هيئات تمثلهم وتدافع عن حقوقهم. وأضاف «وبالتالي فإن بناء ديمقراطية عربية في القرن الـ21 يتطلب العمل الجدي على إعطاء هذه الفئات المهمشة في السابق مزيد من الحقوق». ورأى إبراهيم أن مبدأ «رجل واحد، صوت واحد» لن يؤتي ثماره في العالم العربي، واقترح تخصيص 40٪ من المقاعد البرلمانية في العالم لمن هم دون الأربعين لإحداث نوع من التوازن التمثيلي الذي تفتقده البرلمانات العربية. وفي سياق آخر، قالت كلينتون: «سنكون هناك (في العالم العربي) بصفتنا شركاء نعمل من أجل تقدم المنطقة». وأضافت «لقد بدأ ثلج العالم العربي في الذوبان، ولأول مرة منذ عقود نشهد فرصة حقيقية للتغيير». واعتبرت الباحثة في الشؤون المصرية بمركز الشرق الحديث في ألمانيا، صونيا حجازي، أن التحولات الجارية حاليا في المنطقة «فرصة للجميع وليست تهديداً»، وقالت إن المحاولات الأوروبية للشراكة مع دول جنوب المتوسط لم تنجح، لأن أهداف المشاركة المتنامية والتوزيع الاقتصادي العادل على المواطنين، وتنظيم الهجرة الشرعية، والتزام حقوق الإنسان لم تجد شريكاً فعلياً لها في أنظمة هذه الدول، أما الآن فان الإمكانية ستتوافر بعد انتخاب حكومات شرعية.