القذافي يدرّب جيشاً من المتطوعين على قتال «الأطلسي»
يجلس الرجال القرفصاء ويطلقون النار في الهواء، والقذائف الصاروخية في الصحراء، على وقع صيحات «الله اكبر». هؤلاء هم أفراد من جيش المتطوعين الذي يدربه الزعيم الليبي معمر القذافي على التصدي لأي غزو بري لحلف شمال الأطلسي. وكان المسؤولون الليبيون ذكروا في الأسابيع الأخيرة انهم بدأوا تسليح وتدريب المدنيين في انحاء غرب ليبيا الذي تسيطر عليه الحكومة، في مسعى لوضع القبائل في طليعة القتال ضد هجمات حلف الأطلسي. وفي جولة نظمتها الحكومة الاربعاء الماضي، نقلت صحافيين الىترهونة على بعد 85 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس للقاء المتطوعين الذين يجري تسليحهم وتدريبهم هناك. ففي حديقة مركز طبي مهجور، تحلقت مجموعة من نحو 80 رجلاً من الشبان الى شيوخ القبائل في دوائر على الحشائش يتابعون بملل، بينما راح الجنود يستعرضون كيفية عمل الرشاشات وقاذفات القنابل. وقال رئيس اللجنة الشعبية بترهونة الذي يشرف على التدريب، جمال ابراهيم ابوغرارة «دربنا 400 شخص حتى الآن واعطيناهم اسلحة. بدأنا مع ضربات حلف شمال الأطلسي». كما تدرب 14 لجنة شعبية اخرى متطوعين لقتال ما يرونه غزواً محتملاً لحلف الأطلسي. لكن قرار مجلس الأمن الذي ينفذ بموجبه الحلف الضربات الجوية في ليبيا، لا ينص على ارسال قوات برية. وفي حين ترسل بريطانيا وفرنسا مستشارين عسكريين الى المعارضة لم يظهر اعضاء حلف «الأطلسي» ميلاً تجاه ارسال عدد كبير من الجنود. وحول موقع التدريب تجثم اطلال الحظائر العسكرية التي قصفها الحلف في الأسابيع الأخيرة. بعضها بدا خاوياً وانهارت أسقفه ولم يتبق منه شيء سوى الهياكل المعدنية. وفي اخرى تسنت رؤية بقايا المركبات العسكرية المتفحمة، وما بدت من على بُعد مدافع مضادةللطائرات. وفي منطقة ترهونة القبلية التي تحد شعبية مصراتة، اطلق المتطوعون النار في الهواء، وقالوا انهم يؤيدون الزعيم الليبي. لكن لم يكن هناك مؤشر إلى انهم سيدعمون الجيش في القتال من اجل استعادة المدينة الساحلية.
وقال محمد جمعة (22 عاماً) بينما كان ممسكاً ببندقيته الكلاشينكوف، وهو جالس على الحشائش، انه تطوع مع شقيقيه وشقيقتيه لحماية اسرتهم في اي حرب. وقال جمعة بهدوء «نحن كلنا متطوعون حتى البنات. نحن لا نتوقع تمرداً هنا او ان تصل المعارضة الى هنا. الأمر يتعلق بحلف شمال الأطلسي. هم يخططون ان يأتوا براً ويريدون ان يأتوا الى هنا ويأخذوا نفطنا». وحام المرافقون الحكوميون قريباً بينما سئل المتطوعون ان كانوا قد خيروا في حمل الأسلحة. وجميعهم اكدوا ان ذلك قرارهم.
وحتى قبل ان تبدأ الضربات الجوية تلقى الصبية الليبيون تدريباً عسكرياً إلزامياً في المدارس على اسلحة اغلبها خفيف. ونقل الصحافيون الى مدرستين حيث وقف التلاميذ في صف يهتفون «الشعب يريد معمر القذافي».
وقال مدير مدرسة الساقية والوادي الابتدائية، ان التلاميذ يقضون يوماً في الاسبوع في التدريب العسكري غير القتالي. وسيرتفع ذلك الى يومين او ثلاثة في الأسبوع خلال العطلات. وقال عبدالرازق مبروك المحمودي للصحافيين «نعطيهم تدريباً من دون بنادق». وفي فناء المدرسة كان طفل لم يتجاوز الخامسة من عمره يشارك ويقوم بتركيب بندقية كلاشينكوف، لكن المحمودي قال ان هذا ليس تدريباً مدرسياً بل «هذه بندقية والده». وبعد مغادرة المدارس مر الصحافيون في طريق عودتهم بالمنطقة التي كان يتدرب فيها الرجال في وقت سابق من اليوم، لكن الحديقة كانت خالية. وفي موقع اخر على امتداد صحراء صخرية اتخذ رجال مقاعدهم في حافلة ستنقلهم الى موقع تدريب، واطلق الرجال بينما كانوا مستلقين على بطونهم وابلاً من نيران الرشاشات في انحاء الصحراء قبل ان يتحولوا الى القاذفات الصاروخية.
وفي ختام التدريب اعتلى مدرب شاحنة نصب عليها مدفعاً مضاداً للطائرات وأطلق النار في الهواء، وبينما غادر الصحافيون اختتم المتطوعون التدريب وتوجهوا الى حافلتهم لينتهي التدريب على ما يبدو.