ليبيون يشطبون نظريات القذافي من المناهج الدراسية
كيف يمكن التدريس في مدارس تحذف فيها كتب التاريخ الثورات، ولا تحتوي كتب الجغرافيا إلا على بضع خرائط وتعلم الأطفال ألا يسائلوا السلطة؟
كان على المعارضة الليبية المسلحة التوصل الى حلول لهذه القضايا والمسائل المتعلقة بها، وهي تحاول إعادة فتح المدارس في بنغازي، الخاضعة لسيطرتها، حيث كان معظم المنهج في ما مضى يكرس لتدريس نظريات العقيد الليبي معمر القذافي، الذي حكم البلاد طويلا.
وتقول المعارضة إنه قبل بدء الانتفاضة ضد القذافي، في فبراير الماضي، كانت الدروس الأسبوعية في مادة المجتمع والفكر الجماهيري، التي تقوم على منهج الزعيم الليبي إجبارية، وتخلل فكر القذافي كل شيء، من كتب التاريخ إلى كتب اللغة العربية.
وكان تلاميذ المدارس يدرسون لمحات من الكتاب الأخضر، الذي ألفه القذافي، ومن أشهر العبارات التي يتضمنها «لنعرف الخلاف في طبيعة خلق الرجل والمرأة، أي ما الفروق الطبيعية بينهما، المرأة أنثى والرجل ذكر، والمرأة طبقا لذلك يقول طبيب أمراض النساء إنها تحيض أو تمرض كل شهر، والرجل لا يحيض لكونه ذكرا فهو لا يمرض شهريا بالعادة». ويختبرون في موضوعات مثل «لماذا نجحت ثورة القذافي عام 1969».
وتعلم التلاميذ الإجابة الصحيحة لهذا السؤال، وهي من أربع نقاط، أولها أنه تم التخطيط لها سرا.
وتقول بريقة الترهوني، وهي طبيبة اضطرت إلى أن تعيد عامها الثاني بالجامعة، بعد ان نجحت في كل المواد الطبية، لأنها رسبت في مادة الفكر الجماهيري «كان هذا مخجلا حقا، أن تضطر لحفظ وإعادة كل ما ورد فيها وكأنك مقتنع به».
لن يتم تدريس هذه المواد بعد ذلك، حين تفتح المدارس مرة أخرى، لكنّ مسؤولين من المعارضة قالوا إن هناك حاجة الى إصلاح ما هو أكثر من هذا بكثير.
وتقول هناء الجلال، التي تشرف على قضايا التعليم بالمجلس المحلي في بنغازي معقل المعارضة «ابني في الصف الرابع، وكان يدرس العصر الحجري في حصص التاريخ». وأضافت «التاريخ شوه تماما، إذا سألت أي ليبي عن الأحداث التاريخية فلن يعرف شيئا عنها».
ومضت تقول «إنهم لا يعرفون أي شيء عن الحرب العالمية الأولى، أو الحرب العالمية الثانية أو الثورة الفرنسية، كان القذافي يخشىأي قصة قد تدفع الناس الى الدفاع عن حقوقهم». وأردفت قائلة إن من الممكن أن يستمر تدريس العلوم والرياضيات من الكتب الدراسية القديمة، لكن معظم المواد الأخرى يحتاج الى إصلاح كبير. وأغلقت المدارس والجامعات في شرق ليبيا الذي تسيطر عليه المعارضة، منذ اندلاع الانتفاضة، وتحرص الادارة التي تقودها المعارضة المسلحة على فتحها مرة أخرى، لإضفاء مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية، وإلهاء الشبان عن الصراع الذي وصل إلى حالة من الجمود.
وأضافت أن الأيام التي كانت تعاقب فيها بالوقوف ساعتين تحت الشمس، لأنها لم تحضر التدريب العسكري، وهي في الثانية عشرة من عمرها، لكن تلاميذ المدارس الليبيين مازالوا يعاقبون بالضرب لأنهم لم يحفظوا عن ظهر قلب الإجابات المعدة مسبقا عن الأسئلة.
وقالت الجلال، التي عادت للتدريس في جامعة ببنغازي، بعد أن قضت سنوات بالخارج «أدركت أنني لن أنجح في أن يفهم الطلبة ما لم أهدم أولا حائط الخوف». وأضافت أن الطلبة كانوا يخافون بشدة من مجرد الاعتراف بأنهم لم يفهموا شيئا قاله المدرس.
في مدرسة خاصة، تديرها طاهرة البرعصي في بنغازي، يذهب التلاميذ لبضع ساعات يوميا، لممارسة أنشطة مثل الرسم والغناء. وهي مندهشة لأن الأطفال يرسمون علم ليبيا قبل عهد القذافي، الذي اعتمدته حركة المعارضة المسلحة، ويغنون النشيد الوطني الذي كان يغنى في الفترة نفسها عفويا. وقالت البرعصي «اندهشت جدا، حين قسمتهم الى مجموعات اعتقدت أنهم سيطلقون على مجموعاتهم هذه أسماء الشمس والقمر والأزهار، لكنهم أطلقوا عليها أسماء أبطال ثوريين مثل عمر المختار».
وتقول الجلال إنها متفائلة بأن يتكيف التلاميذ مع النظام الجديد بسرعة، على الرغم من التحديات.
وأضافت «نحن نصنع تاريخا الآن في المنطقة العربية، إذا تعلم التلاميذ، هذا فإنهم سيتعلمون الكثير، إنهم يتعلمون الآن أكثر مما تعلموه خلال سنوات من الدراسة بالمدرسة».