رجال الإطفاء يحاولون اخماد الحريق الذي اندلع في إحدى الكنائس التي شهد محيطها الاشتباكات بين المسلمين والأقباط-أ.ف.ب

مخاوف مصرية من تهديد الفتنة الطائفية ثورة يناير

أثارت الاشتباكات الدامية بين المسلمين والأقباط، التي شهدتها القاهرة السبت الماضي مخاوف واسعة في مصر من اتساع نطاق المواجهات الطائفية، وأججت الانتقادات الموجهة إلى جهاز الأمن، بسبب تقاعسه عن القيام بدوره، وعكست الصحف المصرية هذه المخاوف.

فقد عنونت صحيفة «الأهرام» الحكومية، أمس، «نيران التعصب الطائفي تهدد مصر بمخاطر شديدة»، بينما كتبت جريدة «الأخبار» الحكومية في صدر صفحتها الأولى «مصر في خطر».

أما صحيفة «الشروق» المستقلة، فجاء عنوانها «نار إمبابة تحرق قلب مصر»، وعنونت «المصري اليوم» المستقلة «التطرف يحرق الثورة».

وكان 12 شخصا نصفهم من المسلمين والنصف الآخر من المسيحيين، قتلوا في اشتباكات طائفية، استخدم فيها الرصاص الحي وزجاجات المولوتوف.

ووقعت المواجهات، التي أصيب خلالها كذلك أكثر من 200 شخص، في محيط كنيسة مار مينا بحي إمبابة الشعبي، بعد ان حاول متظاهرون يرفعون شعارات إسلامية اقتحام الكنيسة، إثر انتشار شائعة عن احتجاز مسيحية اعتنقت الإسلام داخلها.

ووقعت صدامات طائفية عدة، منذ إطاحة الرئيس المصري السابق حسني مبارك في 11 فبراير الماضي، خصوصا في قرية أطفيح بمحافظة الجيزة (جنوب القاهرة)، ثم في حي الزبالين بمنطقة المقطم في العاصمة المصرية، وفي أبوقرقاص بمحافظة المنيا بصعيد مصر، إلا أن اشتباكات إمبابة كانت الأكثر دموية.

وفي تصريحات نشرتها صحيفة «المصري اليوم»، قال مفتي مصر الشيخ علي جمعة، إن «هناك أيادي خفية تسعى لنشر الفوضي». وحذر من «احتمال نشوب حرب اهلية، بسبب محاولات الخارجين عن القانون التعدي على هيبة الدولة».

ودعا المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أحد المرشحين لانتخابات الرئاسة محمد البرادعي، في تعليق كتبه على صفحته على شبكة «تويتر»، إلى مواجهة «التطرف الديني وممارسات العصور الوسطى».

وطالب ائتلاف شباب الثورة، الذي يضم حركات شبابية كانت صاحبة الدعوة الى التظاهرات التي بدأت في 25 يناير، وانتهت بعد 18 يوما بإسقاط نظام مبارك، بـ«إعلاء قيم حرية العقيدة ودولة القانون». واعتبر ان ضحايا مواجهات إمبابة «سقطوا بسبب التعصب والجهل والشائعات». واعتبر الائتلاف، في بيان نشره على صفحته على شبكة «فيس بوك»، أن «هذه الأحداث المؤسفة»، دليل على «الكارثة الأمنية»، التي تعانيها مصر. وانتقد «القيادة التنفيذية والسياسية»، لأنها «لم تقف موقفا حازما» من قضية غياب الأمن». وأكد البيان ان «الظرف الراهن» يدلل على صحة مطلب ائتلاف شباب الثورة «منذ اللحظة الأولى لسقوط الرئيس السابق (...)، الذي مازلنا نراه الأنسب لإدارة هذه الفترة الانتقالية الحرجة والصعبة، وهو تشكيل مجلس رئاسي مدني ووضع دستور جديد للبلاد قبل الانتخابات البرلمانية، لأن الأخطار التي تهدد هذه الفترة تحتاج إلى إدارة سياسية». وكان هذا المطلب الذي تبناه كذلك محمد البرادعي، قوبل بالرفض من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الممسك حاليا بالسلطة.

وقد أصدر هذا المجلس إعلانا دستوريا مؤقتا، حتى تسليم السلطة التشريعية إلى برلمان ينتخب في سبتمبر المقبل، والسلطة التنفيذية بعد ذلك إلى رئيس يفترض ان ينتخب قبل نهاية العام الجاري، وانتقدت صحيفة«الأهرام» بشدة غياب قوات الأمن.

وفي افتتاحية بعنوان «قبل أن يحترق الوطن»، كتب رئيس مجلس إدارتها لبيب السباعي «أصبحنا اليوم امام لحظة حاسمة، تتطلب المصارحة بعد أن استمر الانفلات الأمني متصاعدا ودافعا لتيارات تهدد بالفعل أمن الوطن». وهو يشير بذلك خصوصا إلى التيار السلفي الذي نظم تظاهرات عدة، خلال الأسابيع الأخيرة، للمطالبة بما سماه «إطلاق سراح» كاميليا شحاتة وهي زوجة قس قبطي، يقول السلفيون إنها اعتنقت الإسلام قبل أن تتم إعادتها إلى الكنيسة القبطية واحتجازها في دير وتنفي الكنيسة ذلك، وأضافت «الأهرام»، أن «القوى المعادية للثورة، التي أصبحت مصالحها مهددة، تركز بشدة الآن على كل ما يشعل الفتنة الطائفية، ويعرض الوطن للحريق وهو ما لم يعد مقبولا معه أن ننتظر عودة الشرطة»، ودعت الصحيفة خصوصا إلى تفعيل قانون «الدفاع الشرعي عن النفس بالنسبة لرجال الشرطة»، ويقول رجال الشرطة إن غيابهم عن الشارع يعود إلى انهم لا يستطيعون الآن التدخل لبسط الأمن، خوفا من التعرض لملاحقات قضائية في حالة استخدامهم السلاح للتصدي للخارجين على القانون. وكانت قرارات رسمية صدرت اخيرا وضعت قيودا على استخدام الشرطة للسلاح، بعد سقوط نظام مبارك والاتهامات الواسعة التي وجهت إلى جهاز الأمن بالإفراط في استخدام القوة واللجوء إلى التعذيب بشكل منهجي.

وأعلنت الحكومة المصرية أنها «ستضرب بيد من حديد»، من أجل بسط الأمن، ومنع الاعتداءات على دور العبادة، ووأد أي فتنة طائفية.

الأكثر مشاركة