العلاقات البريطانية - السورية على المحك
تحسنت العلاقات بين بريطانيا وسورية في السنوات الأخيرة بشكل لافت وأسهمت باريس في عودة نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد إلى المجتمع الدولي بعد قطيعة دامت طويلاً. وعقدت الدول الغربية آمالا كبيرة على قطع دمشق علاقاتها مع إيران وعقد معاهدة سلام مع اسرائيل.
وعلى الرغم من أن لندن لا تتوقع كثيرا من دمشق، إلا أن السياسة الخارجية البريطانية عملت في اتجاه التطبيع التدريجي، بالموازاة مع الجهود الفرنسية، وكانت الدوائر الدبلوماسية قد استقبلت خلافة الأسد لأبيه عام،2000 وتفاءل الكثيرون في بريطانيا بأن الرئيس الجديد الذي درس وعمل في لندن وتزوج فتاة سورية مولودة في بريطانيا، سيكون مختلفا عن سلفه وسيقود البلاد على الطريقة الغربية. ويرى محللون أن تلك الآمال تراجعت بشكل كبير، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة، إلا أنها لم تمت.
يقول السفير البريطاني السابق في سورية، ديفيد هوغر، «كان الانطباع السائد آنذاك أن سورية مقبلة على ربيع (سياسي)»، لقد توقنا فجرا جديدا في ما يتعلق بالسياسة الداخلية، لكن ذلك لم يحدث».
ويضيف أن الحرب على العراق التي اندلعت في مارس ،2003 أوقفت النشاط السياسي بين لندن وسورية، وازدادت العلاقات سوءاً بعد اتهام النظام السوري بالضلوع في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في .2005 ولطالما اعتقد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير أن دمشق هي مفتاح السلام في الشرق الأوسط. ويقول مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني في لندن، كريس دويل، «لقد كان هناك دائما فضول غير عادي من جانب الحكومة (البريطانية) تجاه سورية». ويوضح الخبير أن تعاون دمشق مع المجموعة الدولية سيجعل التعاطي مع المسألتين اللبنانية والفلسطينية أسهل بكثير، على الرغم من أن سجلات سورية في مجال حقوق الإنسان ليست جيدة.
عملت منظمات غير حكومية وشخصيات مستقلة على دعم الحوار ومد جسور التعاون بين البلدين. وفي هذا السياق يشار إلى الجهود التي بذلتها الجمعية البريطانية السورية، التي يمولها رجل الأعمال السوري الدكتور فواز الأخرس، والد زوجة الرئيس السوري أسماء الأخرس. وقامت الجمعية بتمويل المؤتمرات والندوات التي تعقد من أجل جذب الاستثمارات البريطانية إلى سورية، كما تكفلت بنفقات زيارات رئيس الوزراء البريطاني وكبار معاونيه إلى دمشق. ومع كل ما يجري في سورية حالياً، فإن دويل، وهو أحد منتقدي سياسة بريطانيا في منطقة الشرق الأوسط، لايزال مصراً على أن الأمر كان يستحق المقامرة، «لو لم نحاول فسنظل نتساءل: ماذا لو؟».
وعرف الأخرس بدماثة خلقه وموهبته في خدمة مصالح بلده في بريطانيا، وقد اشتهر بالترويج الهادئ والمدروس لصالح سورية. وهو طبيب قلب مشهور دولياً لفت أنظار الرأي العام اليه منذ 10 سنوات عندما تزوجت ابنته أسماء من الرئيس السوري بعد فترة قصيرة من توليه الرئاسة. ويقوم الأخرس (65 عاماً)، بدور المستشار الاعلامي للرئيس الأسد، حيث يفحص ملفات الصحافيين البريطانيين الذين يريدون مقابلة الرئيس وتربطه علاقة وثيقة بالسفير السوري في لندن سامي الخيمي الذي يعمل معه عضواً في مجلس مستشاري مركز الدراسات السورية بجامعة سانت اندروز الاسكتلندية.
من جهة أخرى، يقول دويل، «الأخرس رجل جدير بالاحترام، لكنه في وضع صعب للغاية بوصفه والد زوجة الرئيس، وبالتالي فإن كل ما يفعله يخضع للتدقيق، وهو يدرك ذلك تماماً. انه شديد التحفظ ولابد من ذلك». أما المسؤولة السابقة في الجمعية البريطانية السورية، منى نشاشيبي، فقد وصفت الرجل بأنه كان «يسعى جاهداً الى بناء جسور بين بريطانيا وسورية». وتقول: «لقد عمل بصدق من اجل انفتاح سورية، وأن تصبح بلدا ديمقراطيا». وتضيف أنه أطلق مبادرات عدة لفتح قطاع الأعمال أمام رؤوس الأموال الأجنبية.