حاخام مستوطنة «كريات أربع» دعا إلى طردهم من أراضيهم

بدو فلسطين يواجهون خطر الترحيل

طلبة التجمعات البدوية يواجهون عذاباً يومياً في الذهاب والعودة من المدرسة. الإمارات اليوم

لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بتهجير بدو فلسطين من أراضيهم في نكبة عام ،1948 وعزلهم عن المناطق المجاورة من خلال جدار الفصل العنصري، ليواجه السكان البدو في جميع الأراضي الفلسطينية دعوات يهودية جديدة تطالب بترحيلهم من أراضيهم.

وكان حاخام مستوطنة «كريات أربع» بمدينة الخليل «دوف ليئور» قد دعا إلى ترحيل العرب البدو من فلسطين إلى الخارج، من خلال تشجيعهم بالهبات المالية للعودة إلى المملكة العربية السعودية والجماهيرية الليبية، جاء ذلك خلال مؤتمر يهودي عقد أخيراً في مدينة الرملة المحتلة.

ويبلغ عدد البدو الفلسطينيين 230 ألفاً، يقطن ما يقارب 200 ألف منهم في صحراء النقب جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما ينتشر البقية في السفوح الشرقية لمدن الضفة الغربية، ومنها مدن الخليل وقلقيلية.

تنفيذ المخططات

ويهدف الاحتلال، بحسب الخبير في شؤون الاستيطان عبدالهادي حنتش من دعوات ترحيل البدو في القدس تنفيذ مخطط E1 لتوسيع التجمع الاستيطاني «معاليه أدوميم» شرق القدس، وربطه بمنطقة جبل المكبر بالقدس. وقال حنتش لـ«الإمارات اليوم»، «إن الاحتلال يريد تنفيذ المخطط على مراحل، فالمرحلة الأولى هي ترحيل البدو القاطنين في هذه المناطق منذ زمن بعيد، ومن ثم مصادرة الأراضي، وبعد ذلك تنفيذ المخطط من خلال بناء الوحدات السكنية والمستعمرات، إذ تم وضع حجر الأساس في فترة سابقة من خلال إقامة مستوطنة تسمى «ميفاسيرت».

ولفت إلى أن ممارسات الاحتلال لترحيل البدو لم تقتصر على مدينة القدس، بل تشمل جميع البدو في الأراضي الفلسطينية، إذ سلمت سلطات الاحتلال قبل أيام عدة تسعة إخطارات إخلاء للمواطنين في منطقة «الريحية»، جنوب الخليل، كما تم تسليم تسعة إخطارات أخرى لمواطنين في مخيم «الفوار» بالقرب من الريحية. وأوضح حنتش أن الاحتلال خصص هذه الدعوة ضد بدو فلسطين، لأنهم يسكنون في مناطق حساسة لا يريد الاحتلال وجودهم فيها، وهي المناطق التي تتوسع المستوطنات على حسابها والقريبة منها، والمناطق التي يدعي الاحتلال أنها أملاك دولة له، وبالتالي يقومون بإصدار إخطارات الهدم وعمليات الترحيل.

وقال الخبير في شؤون الاستيطان «إن إسرائيل تدعي أن البدو ليسوا أصحاب أرض، وليس لهم ممتلكات، ويتنقلون من منطقة لأخرى بحثا عن الماء لأغنامهم، وهذا ادعاء باطل، لأنهم يملكون الأراضي، وهم جزء أصيل وأساسي من الشعب الفلسطيني، وكان مركزهم الرئيس هو مدينة بئر السبع، ولكن الاحتلال قام بترحيل الجزء الأكبر منهم خلال النكبة وطردهم من أراضيهم». وأضاف «إن الأراضي التي يسكنها البدو هي أملاك خاصة بالفلسطينيين، ولا تنسجم مع ما يدعيه الاحتلال، وهناك وثائق رسمية تثبت بطلان الادعاءات الإسرائيلية». وبين حنتش أن المساحات التي يسيطر عليها الاحتلال من الأراضي التي يسكنها البدو في ازدياد، في ظل تنفيذه لمخططات الترحيل والمصادرة،

وذكر أن مساحة الأراضي التي كان يملكها البدو قبل النكبة تقارب 13 مليون دونم، ولكن لم يتبق لهم حاليا سوى مليون دونم موزعة على مناطق مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما يهدف الاحتلال للسيطرة عليها من خلال ترحيل البدو.

ولا تعد هذه الخطوة هي الأولى ضد البدو في فلسطين، بحسب حنتش، فقد قام الاحتلال قبل ذلك بخطوات مماثلة عندما قام بترحيل البدو من مناطق الأغوار الفلسطينية، إذ أغلقها بالكامل واعتبرها منطقة عسكرية مغلقة، وهي تمثل ما يقارب 33٪ من مساحة الضفة الغربية، كما تم ترحيل عرب الرماضين من قلقيلية، ومن منطقة المسافر في الخليل.

عرب الهذالين

ومن القبائل البدوية التي تواجه خطر الترحيل هي عرب الهذالين بمنطقة المسافر شرق مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، إذ تعود أصولهم إلى منطقة عراد المحتلة، في حين تنتشر قبائل بدوية أخرى ومنها عرب الكعابنة والجهالين على السفوح الشرقية للضفة من الشمال حتى الجنوب، ومرّوراً بمراحل قاسية من التهديد والتشريد وعدم الاعتراف. وقال الخبير في شؤون الاستيطان وهو من سكان مدينة الخليل «إن جزءاً كبيراً من البدو في الخليل يسكن على الشريط الحدودي الذي وضعه الاحتلال بالقرب من المستوطنات المقامة في المنطقة والشوارع الاستيطانية الالتفافية، ومنها مستوطنة (كرمائيل)، إلى الجنوب من يطا بالخليل، ومن المشاهد القاسية لحياة البدو في هذه المنطقة أن أحد المواطنين البدو يربط خيمته التي يقطن فيها هو وعائلته بالسياج العنصري الذي وضعه الاحتلال على حدود المستوطنات».

وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي وصادر أكثر من 50 دونما من أراضي البدو إلى الجنوب من مستوطنة كرمائيل، كما سيطر في فترات سابقة على أراضي البدو وأقام عشرات الوحدة السكنية والبؤر الاستيطانية الجديدة، هذا بالإضافة إلى تدمير البركسات والخيام والمنازل.

وفي سياق متصل، كشف حنتش عن مخطط إسرائيلي جديد لشق طريق بين مستوطنتي «كريات أربع» و«خارصينا» بالخليل، يصادر هذا الشارع 23 دونما من أراضي المواطنين، وستقطع أوصال العائلات في تلك المنطقة، حيث ستنقسم العائلات إلى جانبي الشارع، كما سيمنع الفلسطينيين من دخوله، وسيكون فقط للمستوطنين والجيش لتنفيذ ممارستهم ضد الفلسطينيين.

عرب الرماضين وأبوفردة

وبالانتقال إلى مدينة قلقيلية بالضفة الغربية، فإن التجمعين البدويين «عرب الرماضين وأبوفردة» بات يأسرهما السكون، فلا شيء في هذه المنطقة سوى قهر الاحتلال وظلمه لهم، فالتجمعان البدويان الواقعان إلى الجنوب الشرقي من مدينة قلقيلية يخضعان للعزل منذ العام ،2004 بفعل جدار الفصل العنصري، ويواجهان مخطط الاحتلال الذي يسعى إلى ترحيلهم مرة أخرى.

ويروي رئيس لجنة المشاريع في منطقة عرب الرماضين حسن شعور، قصة معاناة بدو التجمعين البدويين بقلقيلية «نعيش حالياً ظروفاً مأساوية جداً لا يتحملها بشر، بفعل ممارسات الاحتلال، إذ يحيط الجدار العنصري بالتجمعين من جميع الجهات، فلا يوجد مدخل للتواصل مع المدينة والقرى في المحافظة إلا من خلال بوابات عسكرية يسمح بالمرور من خلالها بتصاريح خاصة للمواطنين، ما سبب العزلة واستحالة العيش في هذه المنطقة».

وأضاف «يخضع التجمعان لحصار مستمر وإذلال على البوابات، إذ يعاني السكان لإدخال المواد التموينية ومستلزمات التجمعين، حيث تقوم سلطات الاحتلال بتحديد كمية المواد الغذائية المدخلة للتجمع ونوعيتها، وعملية إدخال هذه المواد تتم بعد معاناة شديدة، إذ يلزم التنسيق المسبق مع ما يسمى الإدارة المدنية قبل الموعد بيوم وأخذ الموافقة عليها»،

ويواجه طلبة المدارس في تجمعي عرب الرماضين وأبوفردة، بحسب شعور، رحلة عذاب كل صباح ومساء خلال توجههم إلى مدارسهم، إذ إن المدرسة التي يدرسون فيها تقع في بلدة «حبلة» التي عزلها الجدار عن التجمعين، إذ يذهب الطلبة إلى المدرسة سيراً على الأقدام في مشوار شاق يستمر ما يقارب ساعة.

فيما يضطر الطلاب في معظم الأحيان إلى الانتظار ساعات طويلة على البوابات العسكرية، في الذهاب والعودة، إذ يتم فتح البوابات ثلاث مرات في اليوم ولمدة ساعة في كل مرة. وقال رئيس لجنة المشاريع في منطقة عرب الرماضين «رغم أزمة المواطنين في السكن، وضيق البيوت، يمنع الاحتلال البناء وبشكل مطلق، وهذا ما دفع الأهالي إلى بناء بيوتهم من الصفيح، لأنهم ممنوعون من بناء حجر واحد من الطوب».

تويتر