هربوا من أعمال العنف المأساوية في تلكلخ وجوارها

نازحون سوريون يستجيرون بأقربائهم في شمال لبنان

عائلة سورية في مدرسة البيرة اللبنانية بعد أن فروا من بلدة تلكلخ التي اقتحمها الجيش السوري . أ.ف.ب

يعزّي مئات اللاجئين السوريين أنفسهم بأنهم وجدوا لدى أقاربهم في شمال لبنان ملجأ، بعد فرارهم من منازلهم في المدن والقرى السورية، التي تشهد أعمال عنف مأساوية، خصوصاً بلدة تلكلخ التي حاصرها الجيش السوري لأيام قبل اقتحامها الأحد الماضي، ولكنهم يقلقون من الغد الذي يصعب التنبؤ بما سيحمله لهم.

وبلغ عدد النازحين السوريين الى لبنان خلال الأسابيع الماضية نحو ،5000 وجميعهم تقريباً لديهم شقيقة أو خال او ابن عم مستقر في منطقة وادي خالد، الواقعة على بعد كيلومترات قليلة من الحدود السورية، او قرى اخرى محيطة بها من قضاء عكار.

ويقول اكرم بيطار، وهو مدير احدى المدارس في المنطقة، ان «هناك اكثر من 300 امرأة لبنانية متزوجات من سوريين من مدينة تلكلخ»، مضيفاً أن العائلات السورية واللبنانية في المنطقة «متداخلة جداً». وتلكلخ، هي المدينة التي قدم منها اكبر عدد من النازحين.

وتروي هالة (19 عاماً) التي تقيم منذ ايام مع والدتها واشقائها الخمسة في منزل ابنة خالتها في البقيعة القريبة من الحدود، «السبت، كنا نحو 100 شخص في مستوعب استهدفه رصاص قناصة سوريون».

وتشير الى ان والدها وثلاثة اشقاء آخرين لايزالون في تلكلخ، وتقول «لا أزال أسمع أزيز الرصاص خارج المستوعب، أُصبنا برعب شديد».

وتضيف هالة التي وضعت وشاحاً طويلاً يغطي رأسها، وهي تنظر الى قريبتها التي ترضع طفلها الصغير، «لحسن الحظ، لدينا اقرباء هنا».

ويحاول زوج قريبتها اللبناني، وهو اب لثلاثة اولاد، ان يؤمّن لنفسه مكاناً ينام فيه عند اقارب واصدقاء، ويترك منزله المؤلف من غرفتي نوم للضيوف وبقية افراد العائلة وبينهم عدد كبير من الأطفال.

ويقول الزوج الذي يعمل سائقاً «العمل خفيف منذ ايام عدة»، مشيرا الى انه لا يعرف كيف سيتمكن من تأمين حاجات عائلتين، لكنه يضيف «انني أتكل على الله».

وبدأت الأحداث الجارية في المناطق السورية القريبة تنعكس سلباً على حياة اللبنانيين المقيمين في المناطق الحدودية، الذين اعتادوا التنقل بين جانبي الحدود بشكل تلقائي، للعمل او للتبضع او لأسباب اجتماعية. واستحدث مواطنون من طرفي الحدود بين لبنان وسورية معابر ترابية غير شرعية في نقاط عدة، يستخدمونها لتهريب السلع من مواد غذائية ونفطية وسجائر ومواد التنظيف وغيرها، وتغض السلطات في البلدين الطرف عن هذه العمليات التي تشكل مصدر رزق الكثيرين، والتي تراجعت مع التوتر الناشىء على الحدود.

وقرب معبر البقيعة غير الرسمي الذي توقفت الحركة عليه منذ صباح الأحد، بعد تعرضه لإطلاق نار من الأراضي السورية تسبب في مقتل امرأة وجرح ستة اشخاص آخرين، عبر عدد من الشبان النهر، أول من أمس، الى الجانب اللبناني، وهم يحملون اسطوانات غاز.

وأُقفل معبر «جسر قمار» الرسمي المجاور للبقيعة منذ بدء الاضطرابات في تلكلخ ومحيطها في نهاية ابريل.

وتقول (حنين)، وقد احاطت بها مجموعة من الأطفال في منزل من طابقين يملكه اقرباء لها استقبلوها مع عائلتها في البقيعة، «الحمدلله ان الناس هنا فتحوا ابواب منازلهم للسوريين»، الا انها تعبر عن قلقها من الغد. وتضيف «ما الذي يمكننا فعله؟ لا اعرف، اذا عدنا سنموت، انهم يدمرون منازلنا في تلكلخ بالقصف المدفعي».

وتؤكد أن العائلات توقفت عن ارسال الأولاد الى المدارس قبل شهر من وصولها الى لبنان.

وتقول (ام علاء ـ 75 عاماً) انها اضطرت إلى مغادرة منزلها بسبب العنف الذي اجتاح تلكلخ، علماً أنها كانت تفضل البقاء هناك والاستمرار في الاهتمام بحديقتها، وتقيم (أم علاء) مع ابنها وزوجته وأولادهما الخمسة في منزل يستضيف عائلتين سوريتين اخريين غير عائلتها، ويقع قبالة النهر الكبير الذي يفصل بين لبنان وسورية. وتضيف والدموع تملأ عينيها «لِمَ يفعلون بنا هذا؟ كيف يتعرض سوريون بهذه الطريقة لسوريين؟ اسرائيل لا تفعل ما يفعلونه».

تويتر