نظام مبارك وراء الفتـن الطائفيـة في «مصر الثورة»
عام ،1992 روّجت صحف وقنوات التلفزيون الرسمية، في مصر، أسطورة أن منطقة إمبابة الشعبية بمحافظة الجيزة تحولت إلى جمهورية مستقلة يحكمها الأمير جابر احمد محمد، الشهير بجابر ريان، الذي كان يعمل طبالاً مع الراقصات، وتحول إلى قيادي في الجماعة الاسلامية، وبعدها حشدت السلطات المصرية آلاف من رجال الامن لتحرير امبابة من ايدي الإرهابيين، وقامت باعتقال مئات من قيادات الجماعة الاسلامية، وعلى رأسهم جابر، ليبقى في السجن من عام 1992 حتى .2006 ولان امبابة تحولت الى مسرح للفتنة الطائفية في مصر في الاسابيع الماضية، ويسيطر الجيش والشرطة على مداخلها الآن، كان،لـ«الإمارات اليوم» هذا الحوار مع زعيم «جمهورية امبابة» الشيخ جابر أحمد محمد الشهير بجابر ريان.
وقد أكد جابر ريان، في مستهل الحوار، أن «هناك من يتربص بالثورة المصرية الشريفة، من يطعن بشرايين الوطن، ودعا كل مصري غيور إلى ان يساعد في عدم العودة إلى العهد الفاسد، وان يحافظ على هذا البلد. وأطالب شباب الثورة بالدعوة للقيام بمليونية العمل، وللإنتاج بدلا من ثورات المطالب».
حارس مرمى وفنان كشف جابر ريان عن اهتمامه بالفنون وكرة القدم، وقال كنت حارس مرمى شهيراً في بولاق وإمبابة، وكانت لي صداقات مع كبار نجوم الاهلي. وقال: كنت أقوم في السجن بالترويح عن المعتقلين عبر تقليد أصوات قادة الجماعة كعبود الزمر، وعصام دربالة، وناجح ابراهيم. وخلال السنوات الـ13 في الحبس الانفرادي، كانت زنزانتي هي محطة استقبال المعتقلين الجدد والمكتئبين، وكان انيسي في الزنزانة القط ميتر الذي كان يهرب كلما دخلوا علي بكلاب التعذيب. وتابع: كنت أقوم بالتمثيل داخل المعتقل، وأعددت ثلاث مسرحيات في مناسبات الاعياد، بالاشتراك مع بعض زملاء المعتقل. |
وقال ريان إن «فلول النظام السابق اختارت منطقة امبابة لإحداث الفتنة استغلالا للتراث الاعلامي المرعب حول «جمهورية امبابة الاسلامية المستقلة»، وحول الشيخ جابر زعيم هذه «الجمهورية»، وأيضا لاستغلال التدين البسيط والشعبي عند الجانبين المسلم والمسيحي». واضاف: «الناس هنا معظمهم من الأميين والصنايعيه، ويعرفون الدين سماعاً وليس قراءة»، و«رجال أمن الدولة يعرفون كل شيء عن امبابة، من خلال شبكة المخبرين السريين الذين قاموا بدور كبير في نشر الشائعات بالمقاهي». وأكد جابر «اعرف شخصيا عدداً من المخبرين الذين اطلقوا لحاهم، واعتبروا أنفسهم دعاة ويروجون للفتنة».
وأضاف جابر ريحان «إن ما حدث في امبابة هو محاولة لتشويه ثورة 25 يناير في الداخل والخارج، باعتبار ان الثورة ستأتي بالفتنة والسلفيين»، وتابع «أطالب اهالي امبابة بأن يعلموا أن ضباط امن الدولة السابقين يحاولون استغلالهم في ضرب الثورة، وأن يكونوا يداً واحدة مع الجيش والشرطة للتصدي للفتنة».
واعتبر جابر ريحان «أن فلول الحزب الوطني كانت المحرك الرئيس في فتنة امبابة»، مضيفاً «أرجو ان يتنبه السلفيون إلى خطة الحزب الحاكم (سابقاً)، في استغلال عواطفهم الدينية، وجرهم إلى إحداث فتنة بين أبناء الشعب الواحد، وانه سيلتف على السلفيين ويقتلهم ويعتقلهم، إذا نجح في افشال الثورة والعودة للحكم، ولذلك أطالب الحكماء بالتمسك بالحكمة وإنقاذ البلاد من الفتنة».
وقال ريحان، «لم تكن تعليمات قادة الجماعة تتضمن المساس بكنائس وأفراد المسيحيين، ولم يحدث ذلك في امبابة أثناء حرب النظام السابق ضد الجماعة الاسلامية في التسعينات، وأتحدى ان يثبت أي انسان واقعة قتل مسيحي واحد في امبابة اثناء سنوات العنف في التسعينات»، معترفا «بوجود خلافات، لكن ما حدث بين الجماعة والأقباط لا يتعدى كونه خلافات عادية مثل الخلافات بين العائلات في صعيد مصر، لكن ليست على اساس ديني».
وأضاف «كانت مهمتي هي منع التوتر وعقد المصالحات، وكان الناس يأتون للمسجد لإنهاء خلافاتهم، ولم نكن نذهب إليهم او نتحدث في الشارع، وأتحدى أي رجل امن أو اعلامي أو ضحية او شاهد ان يثبت انني اعتديت على احد يوما ما، وكل ما كنا نفعله، كجماعة، هو رد المظالم بقوة المجتمع». وتابع «هناك مئات الشكاوى التي جاءت من اقباط، وقمنا برد المظالم فيها، ولم تقع طوال تلك الفترة حادثة اعتداء واحدة على مسيحي أو كنيسة، وكان يشارك معنا في لجان المصالحات اخوة مسيحيون، منهم صاحب محل الملابس المجاور للكنيسة التي وقعت فيها الأحداث أخيراً، عادل أبو رامي».
تعلمت الكهرباء على يدي مسيحي
|
قال جابر ريحان إنه تعلّم حرفة الكهرباء على يدي رجل مسيحي يدعى رزق، في وسط القاهرة، ثم أتممت تعلم الكهرباء عند مسيحي آخر وهو جرجس خليل الجوهري بالقللي، وأضاف انا كنت فرداً عادياً داخل الجماعة الإسلامية، وعملي الاساسي منذ عام 1972 كهربائياً، ولم اكن قيادياً، وكان هناك علي عبدالظاهر وعماد متولي ومحمد عبدالمجيد، وهم قادة الجماعة، كان يمكن للنظام السابق ان يختار احدهم لإعلانه زعيما أو رئيسا لدولة امبابة، لكنه اختارني لأنني رجل كهربابي بسيط، ويستطيع ان ينسج حولي قصصه الاسطورية، مثل الطبال الذي يحكم امبابة، وحكايات قطع اليد، والجَلد، وفيلم دم الغزال لوحيد حامد. وقال لقد استخدموني للقضاء على الجماعة الاسلامية، وهو ما كلفني 14 عاماً هي الأسوأ في تاريخ حياتي داخل المعتقل، مشيرا إلى انه تم حبسه في زنزانة انفرادية لمدة 13 عاماً،مضيفا ان سنوات اعتقاله وتعذيبه جعلته في حالة رعب حتى الآن، وانه لايزال يخشى الاختلاط بالناس، ويتوجس خيفة من كل الناس.
قابلت نوال السعداوي في التحرير ورقصت لحظة التنحي
|
حكى زعيم «جمهورية إمبابة» عن اعتقاله، قائلاً: لحظة القبض عليّ لم ولن أنساها، إذ تم اعتقالي في الثالثة ظهراً، وكنت أرتدى لباساً رياضياً أزرق اللون، وتم نشر صورتي في الصفحة الاولى في صحيفة «الاخبار» وقد غطي وجهي كالمجرمين، وأظهروني في التلفزيون المصري وأنا مقيد اليدين ووجهي مهشم تماماً، ووضعوني واسرتي في جو من الرعب الشديد. وأوضح جابر: كنت في الاستقبال تسعة أشهر ثم في الليمان تسع سنوات، ثم سجن العقرب اربع سنوات، والتقيت هناك قادة العمل الاسلامي والناصري واليساري. وتابع: فوجئت عندما نقلت إلى سجن التجربة بأبطال ثورة مصر محمود نورالدين وسامي فيشة ونظمي شاهين، وكان زعيم الثورة الراحل محمود نورالدين قليل الكلام، لكنه كثير العطاء، وكانت له هيبة في الشكل، وكان نادرا ما يخرج من الزنزانة ويقضي معظم وقتة في القراءة والتأمل، وعندما كنت اشاهده كنت اشعر بالفرحة، وهذا البطل لم يحصل على حقه حتى الآن، وأهداني بعض أشعار احمد فؤاد نجم التي أعشقها وأحفظها عن ظهر قلب. واعترف الشيخ جابر، كنت دائما أقول على شباب مصر: لا فائدة منهم، وعندما نزلت التحرير قبلت أيادي الكثير من شباب مصر، وتشهد مجموعة تمثال طلعت حرب من مسيحيين وابناء طبقات عليا على ذلك. وقال عندما شاهدت الكاتبة نوال السعداوي في ميدان التحرير اثناء الثورة برغم اختلافي معها فكرياً، إلا انني قلت لها إنني احترمك وأريد ان أفعل اي شيء من اجلك، لانك مثال للأبطال الأحرار في ثورة 25 يناير. وأضاف: رغم التزامي الديني، إلا انني رقصت لحظة التنحي 11 فبراير مع شباب 25 يناير في قلب ميدان طلعت حرب على نغمات محمد منير.