فيسك: خطاب أوباما كلام معسول بلا مضمون

شوكولاتة تحمل اسم أوباما معروضة في متجر أميركي. أ.ف.ب

إنها القصة القديمة والنغمة إياها يكررها. فالفلسطينيون يمكنهم الحصول على دولة «قابلة للحياة والاستمرار»، وأن تكون إسرائيل «آمنة»، ولا يمكن نزع غطاء الشرعية عنها. ويجب على الفلسطينيين التخلي عن محاولاتهم الطلب من الامم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة في سبتمبر المقبل.

ولا يمكن فرض السلام على أي من الطرفين. والدولة الفلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح، ومحرومة من الحد الأدنى من السلاح للدفاع عن نفسها. نعم، هذا ما كان يعنيه اوباما بكلمة قابلة للحياة. إنها إطلالة وعودة ثانية من اوباما بعد خطابه الشهير في جامعة القاهرة قبل عامين تحدث فيها بكثير من الفصاحة والبيان، وعما يشهده الشرق الأوسط من ربيع الثورات والتغيير، بينما يشير واقع الحال إلى ان أوباما لم يقدم شيئاً لمساعدة هذه الثورات، وردد عبارات بكثير من البلاغة التي قد تعكس أوهاماً لديه، مثل قوله «لقد كسرنا شوكة حركة طالبان وأضعفنا قوتها»، أحقا تمكن من ذلك؟ وهل يعتقد ذلك جدياً؟ بالطبع كان هناك استعراض بكثير من البلاغة حول ما يجري في ليبيا وفي سورية وفي إيران، وردد كلمات مثل شجاعة، سلام، كرامة، ديمقراطية، لكن الكائنات المقبلة من المريخ وحدها يمكنها ان تصدق ان أوباما قدم المساعدة في اندلاع الثورات الاخيرة في الشرق الأوسط اكثر من جلوسه في حالة من الانتظار على أمل بقاء حكام مستبدين وحكوماتهم البائسة.

وشهدنا اشارة خجولة الى «الأنشطة الاستيطانية الاسرائيلية المستمرة»، وانتقاداً لحركة حماس ولغواً بشأنها، ودموعاً غزيرة على بائع الخضار التونسي محمد البوعزيزي، الذي أطلق شرارة الثورة في تونس التي لم يشر إليها اوباما من قريب أو بعيد إلا بعد فرار رئيسها زين العابدين بن علي. وأعاد الرئيس الاميركي ترديد عبارات قالها قبل عامين في خطابه في جامعة القاهرة عن «ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين وإذلاله لهم»، وحكاية ذلك الفلسطيني الذي فقد ثلاثاً من بناته في القصف الاسرائيلي لغزة. ثمة سؤال: هل أوباما ثرثار أو يتكلم كثيراً؟ أخشى ذلك. لقد كان يستعرض بالكلمات في أداء بائس مماثل لما قام به في خطابه بمناسبة فوزه بجائزة نوبل للسلام. وأنا تنبأت بكثير مما قاله قبل ان يقوله، فقد قارن بين الثورات العربية والثورة الاميركية، وقال إن كثيراً من العرب قاتلوا من اجل التحرر منا، اكثر من رغبته في ان يكونوا مثل الأميركيين، ولم نسمع عما اذا كان العرب يريدون للاميركيين دوراً في الشرق الاوسط الجديد، لكن اوباما يبحث دائما عن دور.

وقبل ساعات من إلقاء اوباما خطابه كانت الأعلام الإسرائيلية ترفرف على المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية والقدس، وستبقى هذه الاعلام ترفرف بعد انتهاء خطابه الذي جدد فيه القسم بالولاء للاسرائيليين، وسينسى العرب مواقف الامس. وما لا شك فيه ان إشارة اوباما «للدولة اليهودية» كانت مبعث ابتهاج وسعادة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما لم يحظ مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون داخل اسرائيل ويحملون جوازات سفرها بأية اشارة لهم من أوباما.

روبرت فيسك  كاتب وصحافي متخصص في الشرق الأوسط

تويتر