«جريمة حمزة الخطيب» تكشف بشاعة التعذيب في السجون السرّية
الصبي السوري، ابن الـ،13 الذي تعرض للتعذيب والقتل وتشويه الجثمان، يعكس بشاعة أساليب التعذيب التي تنتهجها قوات أمن النظام السوري، فقد تم اعتقال الصبي حمزة الخطيب في 29 ابريل الماضي على يد عناصر يتبعون الشرطة السرية خلال تظاهرة احتجاجية في صيدا التي تقع بالقرب من مدينة درعا معقل التظاهرات المناوئة للحكومة.
وظهرت آثار التعذيب والتقطيع جلية على جثمان الصبي، مثل الخدوش والحروق في القدم والمرافق والوجه والركبة والجروح الغائرة، ويبدو ان تلك الجروح ناتجة عن الصعق بالكهرباء والضرب بأسلاك الكهرباء، كانت عيناه متورمتان وسوداوان، وتوجد آثار طلقات نارية على الذراعين، هناك أيضا آثار حروق عميقة على صدره، كما تعرض أيضاً لكسر في الرقبة وقطع لعضوه التناسلي.
ويظهر تعليق تحت صورة الفيديو التي عرضها موقع «يوتيوب»، يقول «شهر مضى، ولم تدرِ عائلته عن مكانه أو ما اذا كان سيطلق سراحه، اذا كان موقوفاً، ولم يتم الإفراج عنه لأهله إلا جثمانا».
ومنذ ان أصبحت صورة الفيديو حديث الناس، زارت الشرطة السرية عائلة حمزة وحذرتها من الإدلاء بأي حديث لوسائل الإعلام. وتقول والدة حمزة إن والده الخطيب تعرض للاعتقال السبت الماضي، بعد ان رفض طلباً من الشرطة السرية للإعلان امام وسائل الاعلام الرسمية أن المتطرفين هم الذين قتلوا ابنه.
رد الفعل الوحيد لوسائل الاعلام المحلية لصور الفيديو جاء فقط من المحطة التلفزيونية، الدنيا، الموالية للنظام، التي بثت مقابلة مع طبيب شرعي من مستشفى تشرين العسكري في دمشق، الدكتور اكرم الشعار، الذي ادعى انه أشرف على تشريح جثة حمزة، وانه لم يجد أي آثار للتعذيب.
وتحدثت صحيفة «التايمز» التي نقلت هذا الخبر مع ناشط حقوقي في درعا والذي أكد أن حمزة كان ضمن 51 متظاهرا تم اعتقالهم في 29 ابريل الماضي، وقال هذا الناشط ان هؤلاء المتظاهرين شكلوا درعاً بشرية لمنع قوات الامن من الهجوم على صيدا «تعرضوا جميعا للاعتقال من قبل فرع مناهضة الإرهاب، التابع لاستخبارات القوة الجوية»، ويتابع الناشط بقوله «كانوا جميعا أحياء عندما أودعوا المعتقل، لكننا تسلمنا 13 جثمانا هذا الاسبوع، وجميعها تحمل آثار تعذيب»، ويضيف «ان استخبارات القوة الجوية مشهورة بسوء سمعتها في التعذيب، «انهم بربريون، ونتوقع ان تصلنا في الايام المقبلة مجموعة من الجثامين».
السبت الماضي تم تخصيص صفحة على «فيس بوك» لحمزة تحت عنوان «كلنا حمزة الخطيب»، وهي عبارة عن صدى لصرخة في المواقع الإلكترونية أطلقها المصريون للفتى خالد سعيد، الذي اغتالته الشرطة المصرية العام الماضي، والذي كان سببا يضاف إلى مجموعة الاسباب التي فجرت التظاهرات التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك.
أحدثت صور آثار التعذيب الذي تعرض له حمزة في المعتقل صدمة للسوريين الذين شاهدوا شريط الفيديو. ويعلق سوري على تلك الصور قائلا «الشعب هنا غاضب للغاية، لما حدث لحمزة، وهذا دليل آخر على الطبيعة الاجرامية للشرطة السرية والسلطات، الذين لا يمكن الوثوق بهم لإجراء إصلاحات في البلاد».
الاسبوع الماضي تسلمت عائلة في درعا جثمان ابن لها تظهر عليه آثار التعذيب، وعلى موقع «يوتيوب» ايضا ظهر جثمان مرشد أبازيد، (18 عاماً)، وبجانبه على ما يبدو سجله العسكري الذي يحتوي على خاتم رسمي من المحكمة العسكرية يعفي مرشد من الخدمة العسكرية، لانه مختل عقلياً. تعرض مرشد لإطلاق نار على وجهه من قبل قوات الامن خارج منزله في الاسبوع الاول من مايو الجاري في عزرا التي تقع على بعد 13 ميلاً شمال درعا، لكنه خضع لعملية جراحية ناجحة، وفقا لشهادة ظهرت على شريط الفيديو أيدها أحد أفراد عائلته. وفيما بعد اقتحمت الشرطة السرية مستشفى عزرا واعتقلت مرشد، وتم تسليم الجثمان لعائلته الثلاثاء الماضي. كانت رقبته مكسورة، وأنفه مكسور ايضاً، وفقا للأطباء الذين فحصوا جثمانه، ويظهر على وجهه ورقبته آثار حروق سوداء، وتظهر الآثار نفسها على باطن قدمه، كانت تلك الآثار ناجمة عن الصعق بالكهرباء، ويظهر على جنبه آثار طلق ناري، ويظهر على بطنه آثار جرح كبير غائر، الذي تمت خياطته ببعض الغرز الخرقاء.
الروايات التي قصها المعتقلون المفرج عنهم تعكس أيضا الوحشية النمطية للشرطة السرية، والاساليب التي تتبعها في التعذيب. فهناك طالب جامعي تم احتجازه في زنزانة تم إعدادها داخل محطة للطاقة الكهربائية في بانياس، بعد ان امتلأت السجون، ايضا تم تحويل الاستاد المحلي إلى سجن بديل. يقول هذا الطالب «تعرضت للضرب في جميع اجزاء جسدي باللكمات والاحذية والعصي، كنت انزف واعتقدت أنني احتضر». وعندما تأكد معذبوه أنه لا يجدي لهم نفعاً، اطلقوا سراحه، وجعلوه يقطع المسافة الى قريته مشياً كتحذير لبقية المواطنين، إذ كان عاريا يغطيه الدم في جميع اجزاء جسده ويده مكسورة.
وعلى الرغم من حملات القتل والترهيب التي ينظمها النظام ومقتل اكثر من 1000 متظاهر أعزل، واعتقال اكثر من 10 آلاف آخرين، تتواصل الانتفاضة السورية.
ويعتبر التعذيب في السجون السورية هو الأسوأ في العالم، وفقا لتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، المعنية بحقوق الانسان. فقد كشفت مقابلة مع 19 معتقلا سورياً الشهر الماضي بينهم امرأتان وثلاثة شبان كشفت بان جميعهم تعرضوا للتعذيب، عدا اثنين منهم، بواسطة الجلد بأسلاك الكهرباء والصعقات الكهربائية والاغراق في الماء البارد.
وأصدرت منظمة العفو الدولية تقارير عن معتقلين اجبروا على لعق الدماء من على بلاط السجن، وآخرون صدرت إليهم أوامر بشرب مياه المرحاض في السجن بعد ان تم حرمانهم من الطعام والماء لثلاثة ايام. ويقول مدير منظمة افاز، ريكن باتل، وهي المنظمة التي توثق لانتهاكات حقوق الانسان في سورية، يقول «إذا كان لدينا تعذيب وإعدامات جماعية، فان هذا الفعل يرقى الى مستوى جريمة ضد الإنسانية».