محضر اتهام ملاديتش يكشف عن عالم مرعب
روى الشرطي الفرنسي الذي قاد التحقيق في مجزرة سريبرينيتسا شرق البوسنة لوكالة «فرانس برس» كيف اعد الاتهام لراتكو ملاديتش بارتكاب جرائم ابادة امام محكمة الجزاء الدولية للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة. وتولى جان رينيه رويز لست سنوات من 1995 الى 2001 لحساب المحكمة الدولية، تنسيق جمع الادلة لكل القضايا المرتبطة بسريبرينيتسا.
وقال إن التحقيق كان «اشبه باكتشاف بطيء لعالم مرعب»، بدءاً بجمع شهادات الناجين وانتهاء بالمقابر الجماعية في مناطق وعرة محاطة بالغام تنتشل فيها بقايا بشرية مثل نفايات. واضاف رويز «كان لدينا شعور باننا نرى اشياء كنا نعتقد انها انتهت في اوروبا» منذ محرقة اليهود.
وكان إعدام نحو 8000 رجل وفتى مسلمين في يوليو 1995 من قبل القوات الصربية البوسنية، بقيادة راتكو ملاديتش اسوأ مجزرة تشهدها اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، لذلك كان الضغط هائلا على الشرطي.
وقال الرجل الذي يبلغ من العمر 50 عاماً ويعمل في احدى سفارات فرنسا في اوروبا «في قضية على هذه الدرجة من الاهمية من الضروري العمل بجدية كبيرة. اجريت التحقيق دائماً للاتهام وللدفاع»، مشدداً على أن «وجود اي امر تم التلاعب فيه سيؤثر في صدقية الملف بأكمله».
وعمل نحو 300 محقق بلجيكي في قضية مارك دوترو المتهم باغتصاب اطفال وقتلهم، بينما لا يتجاوز عدد المحققين في قضية سريبرينيتسا في المحكمة الدولية الستة، الى جانب فرق البحث عن المقابر الجماعية. وقال ان الامر كان «أشبه بإزاحة جبل بملعقة صغيرة».
ومع ذلك وبفضل العناصر التي تم جمعها، حكمت محكمة الجزاء الدولية على اثنين من مساعدي ملاديتش، هما ليوبيسا بيارا وفيادين بوبوفيتش، بالسجن مدى الحياة، وأصدرت احكاما قاسية اخرى على مسؤولين آخرين. ومع انه يعتبر ملاديتش «الجزء الاساسي» في قضية المجزرة، يشدد رويز رداً على سؤال عن إمكانية إدانة الجنرال السابق، على اهمية افتراض البراءة وضرورة «عدم استباق قرار القضاة».
لكن الشرطي الذي سيدلي بإفادة امام المحكمة الدولية يضيف «عندما نعرف ان مساعديه حكم عليهم بالسجن مدى الحياة نعتقد ان مستقبله سيكون قاتماً».
ومن بلغراد نفى ملاديتش الاحد أي مسؤولية في المجزرة. وكرر أن «لا علاقة له بهذا الامر، ومع ما يمكن أن يكون حدث بدون علمه»، كما قال ابنه داركو. وأياً كان الحكم الذي سيصدر، سمحت العناصر التي جمعت برعاية رويز لقضاة محكمة الجزاء الدولية باعتبار المجزرة إبادة، أي اخطر جريمة في القانون الدولي، ومع ذلك تم التشكيك في بعض الاحيان في حجم المجزرة وحتى حقيقتها خصوصاً بسبب صعوبة العثور على الجثث.
وروى رويز «عندما عثرنا على الحفر الجماعية الاولى لم نعثر إلا على 500 جثة. من اجل اعداد الاتهام يجب العثور على جثث»، وبفضل شهادات وصور التقطتها الولايات المتحدة جواً اكتشف المحققون أن قوات صرب البوسنة حاولت اخفاء الجريمة. وبعد اخراجها من مواقع الاعدام ليلا، القيت الجثث في 28 حفرة مشتركة وصفت «بالثانوية» في اماكن يصعب الوصول اليها ومملوءة بالالغام.
ويتذكر رويز «كنا في كل مرة نصل الى مكان لا نعرف ما إذا سنعود منه بساقين. وحتى اليوم، تم التعرف على 6500 جثة بفضل تحاليل الحمض النووي الريبي».
وعن سنوات التحقيق التي خصص لها رويز وقته بالكامل، يقول انه «لا يفهم كيف يمكن لشخص ان يقرر امراً كهذا».
واضاف «هذه محض كراهية وقتل من اجل القتل».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news