تركيا تطمح إلى دور قيادي في العالم العربي

وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو. غيتي

على بعد أقل من ميل عن الحدود السورية وفي الاراضي التركية يعيش أحمد شيخ سعيد متحدياً هوية الأراضي التي يعيش فيها، وهو مولود في بلدة عزاز السورية، وترعرع في بلدة كيليس التركية، ويملك محل بقالة، ويتحدث التركية مثل السكان الاصليين لارض كمال اتاتورك، في حين أنه يفتح أذنيه جيداً على بث قناة الجزيرة خلال عمله في دكانه. وعلى الرغم من أن امه وزوجته تركيتان، فإن ثمة دماء عربية تسري في عروقه «حتى نهاية العمر»، كما يقول.

ويقول سعيد، الذي يقع دكانه الآن قبالة شارع كان ينقل تجارة الامبراطورية العثمانية الى الامصار البعيدة في السابق، إلا انه اصبح الآن خط حدود تركيا «يأتي خبز عزاز من كيليس، وخبز كيليس يأتي من عزاز، ونحن شعب واحد، واخوة، ولا أدري ما الذي يقسمنا».

ويمكن سماع تردد صدى تلك المشاعر في المناطق الحدودية مثل غازنتيب، بالقرب من متجر سعيد، حيث يلتقي رجال الاعمال ويتحدثون بالانجليزية، والتركية، والعربية، وحتى بالكردية. وينظر الى ذلك عبر ضبابية الكلمات العشوائية، إذ تمتزج الكلمات العربية والكردية مع الكلمات اللاتينية للتركية عبر الحدود مع سورية والعراق. ويقول وزير الخارجية التركي أحمد داوود اوغلو، الذي حاولت حكومته أن تعمل على تكامل المنطقة عن طريق إلغاء تأشيرات الدخول والترويج للتجارة الحرة في الشرق الاوسط، وهي تنشر رجال أعمالها في مناطق امبراطوريتها السابقة، كما أنها تقوم بتصدير أعمالها الفنية الى جمهور متلهف، «ليس هناك من الحدود التركية ما هو طبيعي، ومعظمها تقريباً اصطناعي، وبالطبع علينا احترام الدول التي تحدها تلك الحدود، لكن في الوقت ذاته علينا أن نفهم أن هناك استمرارية طبيعية، وهذا ما كانت عليه الامور منذ قرون عدة».

كان رسم الحدود في القرن العشرين قد انطوى على الكثير من الاذى، بعضها صغير والآخر كبير، واحد الامثلة على ذلك بلدة مرجعيون، وهي البلدة التي ينحدر منها أجداد كاتب هذا المقال، في لبنان، وتقع بالقرب من الحدود الاسرائيلية السورية، في قلب الدولة العثمانية سابقاً.

وعلى بالرغم من ان أحداً من مرج عيون لا يحن الى أيام الحكم العثمانيين حيث وقعت المجازر، والتمييز بين الناس بحسب الاديان في الضرائب، ووقعت المجاعات خلال الفترة الاخيرة من حكم العثمانيين، إلا أن أعداداً متزايدة من اهل مرجعون الآن ربما تعبر عن حنينها لتلك الايام، وما كانت السلطة العثمانية تمثله، عندما كان تجار مرجعيون يذهبون الى العريش في سيناء المصرية، ويبحرون الى السودان عبر فلسطين، وكانت مرجعيون محطة على الطريق بين حوران في جنوب سورية الى عكا.

وكانت الحرب العالمية الاولى والحدود التي جاءت بعدها قد انذرت بانعدام هذه الحرية في حركة التجار، وليس في مرجعيون فحسب، وكانت الايديولوجية التي سادت في هذه البلدة بعد ذلك هي تحدي هذه الحدود، اي القومية العربية، ودولة سورية الكبرى، والنظام الشيوعي، لكنها فشلت جميعها، إذ إن هذه الحدود ازدادت بعد حروب مثل 1948 و.1967

ويختصر داوود اوغلو وجهة نظره في «إعادة تشكيل السياق التاريخي والطبيعي، كما أن القومية العربية لاتزال متجذرة في مستقبل فلسطين قضيتها المحورية، فإن القومية التركية تنطوي على مشاعر مفادها ان الدولة تستحق ان يكون لها دور في المنطقة. وبناء عليه فإن تركيا ترفض بشدة ان يكون لها توجهات امبريالية جديدة في المنطقة».

تويتر