القذافي يحّول ملاعب الأطفال إلى دروع
لا يمكن أن يخطر على بال أحد أن العقيد القذافي يمكن ان يبني ملجأ قيادته تحت ملعب للاطفال. وعلى بعد 40 قدماً من الحفرة التي نجمت عن قصف طائرات حلف الاطلسي يوم الخميس الماضي، كان الاولاد والبنات يلعبون حول ارجوحة كبيرة. وتم استدعاؤنا للدخول الى المجمع الذي يتضمن قيادة القذافي، والذي تبلغ مساحته نحو ميل مربع في وسط طرابلس، لنكون شهوداً على ما سماه «جنون الناتو»، الذي يقصف النساء والاطفال.
ولكن تلك الرحلة نجحت فقط في إثبات انه إذا كان هناك من يعرض المدنيين للخطر فإنها الحكومة الليبية. وكان هناك فوق موقع الملجأ المغطى بالعشب العديد من المدنيين الذين تم احضارهم للعيش فوق المكان في الخيم، ومستعدون للتضحية بحياتهم من أجل قائدهم.
وأصر المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى ابراهيم «إنه مكان للترفيه، انها حديقة عامة، حيث يأتي سكان طرابلس غالبا». ولكن هذه «الحديقة العامة» يمكن الوصول إليها عن طريق المرور عبر اربع دوائر متحدة المركز من الجدران المضادة للانفجارات، وعبر نقاط التفتيش و ابراج حراسة. وهناك حراس مسلحون يقفون على المحيط، حيث يطردون اي عابر سبيل إذا تكهن بانها مكان للعب.
ولم تكن محاولة النظام الحصول على دروع بشرية مثير للدهشة، وبعد أن بلغت الانتفاضة الليبية شهرها الثالث، يبدو من الجلي انه لن يكون هناك حل إلا في طرابلس، وبعد أن علق الثوار في معارك كر وفر قرر حلف الناتو تغيير استراتيجيته من مساعدة الثوار الى قصف مراكز التحكم والسيطرة، والأهداف الأخرى في طرابلس نفسها.
وخلال الايام الاربعة الاولى من الاسبوع الماضي، وحسبما ذكرته شخصيات من «الناتو» استهدفت طائرات الحلف 39 هدفاً مهماً داخل طرابلس وحولها، مقارنة بثمانية أهداف في الاسبوع الذي سبقه. وتضمنت هذه الاهداف منذ يوم الاثنين الماضي سبعة مراكز تحكم وسيطرة في العاصمة، مقارنة بثلاثة فقط في الايام الـ10 السابقة. وقال احد كبار المسؤولين في النظام «لايستطيع احد ان ينكر أنهم يريدون قتل القذافي مهما انكروا ذلك. وهو امر غير شرعي بموجب القانون الدولي ومواد قرارات الامم المتحدة».
وفي الساحة الخضراء في طرابلس، مركز الثورة، يظهر رجال النظام في محاولات خرقاء للترويج له. وكان احد الرجال يحمل لافتة رسم عليها فئران مذعورة، يمثل كل منها احد قادة حلف شمال الاطلسي، في حين ان آخر كان ممسكاً بصورة كبيرة للعقيد، اضافة الى اعلانات تدين الرئيس الاميركي باراك اوباما والفرنسي نيكولاس ساركوزي.
لكني تمكنت من مراوغة مرافقي لبضع دقائق والتحدث مع ثلاثة اشخاص يحتقرون القذافي ويريدونه ان يذهب. وقال رجل تفقد جواز سفري اولاً ليتأكد من أنني بريطاني «انه مجنون، لقد دمر الدولة»، وقال تاجر آخر «ساركوزي وكاميرون يفعلان ما نريد جميعا القيام به، ونحن لا نعارض القصف مطلقاً، لاننا نريد تغيير النظام»، وشخص ثالث قال إن اصحاب المتاجر في السوق تلقوا اوامر حكومية كي تظل متاجرهم مفتوحة دائماً، حتى إذا لم تكن هناك حركة في السوق، وذلك بهدف الحفاظ على مظهر يشير إلى ان الامور في حال طبيعية. وحتى في مواقع القصف لا تبدو على احد مشاعر العدائية للغرب، خصوصاً انه بعد شهرين من القصف تقريباً لم يتضرر الا عدد قليل من المدنيين. وقال احد الزبائن في متجر «ندرك ان النظام يدعي ان هناك الكثير من الاصابات في صفوف المدنيين. وهناك الكثير من المعارضين للقذافي في طرابلس».
ومع ذلك يبدو ان الحرب بعيدة عن النهاية بالنسبة للعقيد. وبعد ظهوره الاخير على شاشة التلفزة في الاسبوع الماضي، والتي ادت الى قصف مجمعه، اصبح الرجل يكتفي بتسجيلات صوتية فقط. ولايزال يسخر من الحلفاء ويتحداهم، وقال «إنه يسكن في مكان لايستطيعون الوصول ،ليه»، وكانت طائرات «الناتو» قد ارتكبت اول أخطائها، حيث اعلن النظام إن 11 إماماً قتلوا في مدينة البريقا، وكانت هناك مشاهد غضب خلال مراسم دفنهم في طرابلس امس.