إعمار بطيء لمخيم نهر البارد بعد 4 سنوات على تدميره
منذ انتهاء المعارك بين الجيش اللبناني ومجموعة «فتح الاسلام» في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان قبل أربع سنوات، ينتظر أبوعلاء لحظة تسلم بيته الجديد، ويعد الساعات والايام في مسكنه الحديدي المؤقت الذي «يشتعل في الصيف ويتجمد في الشتاء»، على حد تعبيره.
ويقول سمير العلي (أبوعلاء - 65 عاما)، قرب بسطته الخشبية لبيع السكاكر الزهيدة الثمن «الحياة صعبة، مساكن متلاصقة متزاحمة، هذه البيوت الحديدية لا تليق بالحيوانات، وتنتشر فيها ملايين الجرذان الضخمة والذباب بسبب النفايات» المحيطة. ووضعت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مساكن مؤقتة هي عبارة عن مستوعبات من الحديد، بتصرف اللاجئين الذين دمرت منازلهم في معارك نهر البارد، في انتظار انتهاء عملية اعمار المخيم التي تجري ببطء شديد منذ انطلاقها عام .2009
وتوضح هناء حاتم، وهي مدربة اجتماعية من سكان المخيم، أن «المساكن متداخلة، لا مكان للعب ولا مكان للدرس ولا للخصوصية الاسرية، فإذا اضيف كل هذا الى البطالة وانعدام الامل، تكون النتيجة تفاقما في الآفات الاجتماعية وتزايدا في العنف بين افراد الاسرة الواحدة».
وتشير هناء ايضا الى انتشار حالات التوتر النفسي بين سكان المخيم، ويقلقها تدهور الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية، إضافة الى تردي الحالة التعليمية.
وتقول ان «المدرسة المؤقتة مبنية ايضا من الحديد، وفي بعض الصفوف يوجد أكثر من 50 تلميذا يعانون انخفاض الحرارة في الايام الباردة وارتفاعها في الايام الدافئة، ما يولد حالات اغماء ونزيف في الانف بين التلاميذ». وتؤكد رئيسة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني مايا مجذوب المكلفة رسميا ملف العلاقات اللبنانية الفلسطينية، أن سبتمبر المقبل سيشهد تسليم ثلاث مدارس، اضافة الى الجزء المتبقي من «الرزمة الاولى من المنازل التي تستوعب 400 عائلة» من اصل 6000 عائلة.
وتتم عملية اعادة الاعمار بموجب شراكة بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية ووكالة الـ«أونروا»، على اساس مخطط «نموذجي» يشمل وجود مخفر لقوى الامن الداخلي داخل المخيم، وقاعدة عسكرية للجيش عند واجهته البحرية والبنى التحتية ونوعية في البناء والطرق.
وقسمت عملية اعادة الاعمار الى ثماني رزم. وسلمت الـ«أونروا» في شهر ابريل الماضي جزءا من الرزمة الاولى الى اصحابها، وهو شقق سكنية ومحال تجارية اعيد بناؤها بشكل مرتب، بعيدا عما كانت عليه قبل التدمير من بناء عشوائي وبدائي. وتقول مجذوب «اظن ان الدول المانحة عندما ترى ان اموالها ذهبت في الاتجاه الصحيح، سيكون ذلك حافزا لها على مواصلة التمويل».
غير ان الـ«أونروا» المكلفة بعملية الاعمار تشكو نقص التمويل، ما يجعل انتهاء الاعمار في ،2012 كما كان مقررا، امرا مستبعدا. وقال المفوض العام للـ«أونروا» فيليبو غراندي في مؤتمر صحافي، عقده في بيروت الجمعة، إن الـ«أونروا» لاتزال «تحتاج الى 207 ملايين دولار، لإنهاء اعمار نهر البارد، بينها 80 مليونا بشكل ملحّ».