المخطوفون من مصراتة.. دروع بشرية لكتائب القذافي
عندما رفع الحصار عن مدينة مصراتة الليبية انكشفت العديد من قصص اختفاء المئات من الليبيين يشتبه في ان معظمهم كان ضحايا كتائب الخطف الموالية لنظام العقيد معمر القذافي. وبدأ بحث يائس عن المختفين الذين ذكرت التقارير ان العديد منهم تم اختطافه على يد الكتائب، وأودعوا في سجون النظام، أو انهم قتلوا خلال الاعمال القتالية العنيفة التي استمرت ثلاثة أشهر بين الكتائب والثوار، والتي ادت الى تدمير معظم منازل المدينة.
وتشير شهادات شهود العيان التي جمعتها صحيفة «اندبندنت» وجماعات حقوق الإنسان، الى انه كان هناك محاولات منظمة لاختطاف الرجال من بعض أجزاء المدينة. وتم اعتقال 16 فرداً من افراد عائلة واحدة من قبل القوات الموالية للقذافي، عندما غادروا منازلهم للوقوف على ماحدث لأحد المصانع الذي كان قد دمر خلال القتال، حسبما ذكره احد اقربائهم ويدعى سالم، الذي رفض ان يذكر اسمه الكامل خوفاً من انتقام قوات النظام. وقال سالم «وقع إطلاق نار كثيف عند الطريق خلال الصباح، بالقرب من خطوط القتال، لكن في وقت لاحق اخبرهم الثوار ان المكان آمن. لكن وعلى حين غرة ظهر رجال القذافي واعتقلوهم ونقلوهم الى شاحنة وأخذوهم معهم».
وبعد نحو شهرين من انقطاع أخبارهم، تلقى سالم خبراً من احد الرجال، قال انه هرب من سجن طرابلس. وقال سالم «أخبرني ان أفراد عائلتي مسجونين هناك، لكن حتى هذا اليوم أنا غير واثق من عودتهم. وإذا قتل أي شخص فإننا نعتبره شهيداً وندفنه، وندرك انه سيكون مثواه الجنة. ولكن ان يتم اخذهم أحياء بهذه الطريقة فنحن لا ندري اذا تعرضوا للتعذيب أم لا».
وتم الإعلان عن عدد المفقودين حديثاً، نظراً إلى ان المدينة تعود الى طبيعتها بصورة بطيئة اثر القصف العنيف الذي تعرضت له من قبل قوات القذافي. ولم يكن العديد من العائلات قادر على مغادرة منازلهم بعد دخول دبابات النظام الى المدينة، وتمركز القناصين فوق أسطح المنازل. وتمكنت قوات الثوار المدعومة بالقصف الجوي من طائرات التحالف من دحر قوات القذافي إلى خارج المدينة قبل اسبوعين، بحيث انها سمحت للهاربين بالعودة إليها.
وتمكن مكتب تسجيل المفقودين من تسجيل 1020 مفقوداً حتى الآن، حيث يرتفع هذا الرقم كل يوم، حسبما قاله المحامي طارق عبدالهادي الذي نظم الاستمارات التي تحوي معلومات تفصيلية عن هؤلاء المفقودين، كما ان عائلات المفقودين جلبت صورهم الى المكتب.
ومعظم المفقودين من الرجال الذين تراوح اعمارهم ما بين 20 و40 عاما. وهناك اكثر من 40 طفلا من المفقودين تصل اعمارهم الى السادسة، وهناك المفقودون من كبار السن الذين تراوح اعمارهم ما بين 60 و80 عاما. وقال عبدالهادي «ذكر المقاتلون انهم شاهدوا العديد من هؤلاء المخطوفين يتم استخدامهم كدروع بشرية في خطوط القتال، وآخرين اقتيدوا كي يقاتلوا الى جانب قوات القذافي، لكن معظمهم يعتبرون في عداد القتلى». وقال سكان المدينة ان العدد الأكبر من المخطوفين تم في الضواحي، إذ مكثت قوات القذافي أكثر من شهرين، تطلق الصواريخ وقذائف المدفعية على المدينة. ووثق السكان المحليون في ضاحية زاوية المحجوب التي تبعد نحو تسعة اميال عن مركز مدينة مصراتة اكثر من 80 ضحية للاختفاء القسري، حسب تقرير منظمة العفو الدولية.
أما في ضاحية كرزاز، حيث جدران المنازل مغطاة بطلقات الرصاص وشظايا القذائف خلال القتال، فقالت بعض العائلات ان من بقي هناك في الايام الاولى للصراع أسرته قوات القذافي. وتعرض منزل سلمان زين37 عاما، للنهب والحرق من قبل قوات القذافي، وسرقوا خزنة من المنزل. وقال زين الذي اعتقل اثنان من جيرانه هما الشقيقان خليل وفيتوري، ومازالا مفقودين حتى الآن «لقد اقتحموا كل هذه المنازل، وسرقوا الاموال والمجوهرات، وكل ما هو قيم فيها، واعتقلوا أي شخص وجدوه».
وفي ضاحية أخرى تدعى اليغران، اختفى واحد من كل أسرة على الاقل من العائلات التي تعيش فيها. وفي 22 مارس، اقتحم جنود القذافي منزل هدى (63 عاما)، واعتقلوا جميع الرجال الذين وجدوهم في داخله. وقالت هدى «جاؤوا بدبابة وثلاث مصفحات، وكانوا يصرخون ويطلقون النار في الهواء، وحطموا باب المنزل، وأخذوا خمسة رجال من العائلة».
وبقيت هدى وحيدة مع تسعة من أحفادها وقالت «لا أدري ماذا يتعين علينا ان نفعل؟ ما الذي فعلناه لنستحق كل ذلك؟»، وأضافت هدى باكية، إذ انها لا تعرف شيئا عن المخطوفين منذ شهرين «نحن نساء وبحاجة الى رجل يحمينا».
وليس هناك إلا القليل من الأخبار عن المخطوفين، على الرغم من المناشدات التي تبث عبر التلفزيون والـ«فيس بوك»، والاتصال مع الصليب الاحمر. وشوهد بعض المخطوفين على التلفزيون الحكومي من بين الجماهير التي تجتمع في طرابلس للتعبير عن تأييدها القذافي، حسبما ذكرت عائلاتهم. وكان والد المحامي عبدالهادي البالغ عمره 80 عاماً، قد اعتقل اثناء عودته إلى مزرعته قادماً من المسجد. وطيلة شهر كامل لم تسمع عائلته عنه أي شيء، لكن في 18 ابريل شاهدوه على شاشة التلفزيون. وقال هادي «أعطوه راية خضراء وجعلوه يهتف دعماً للقذافي».