مرتزقة: قوات القذافي تجبر العمال والسجناء الأفارقة على القتال في صفوفها
في خضم الثورة التي تجتاح ليبيا تتحدث وسائل الإعلام عن استقطاب الزعيم الليبي معمر القذافي جنوداً مرتزقة للقضاء عن خصومه الثوار واغتصاب النساء ونشر الرعب في البلاد. يوم أول من أمس (الثلاثاء) التقت صحيفة «التايمز» عدداً من هؤلاء المرتزقة اعتقلهم الثوار في الجبال الغربية، جاءوا من تشاد والسودان والجزائر، يبدو عليهم الوهن والهزال، أكثرهم أميون وأصغرهم في سن الـ،18 تم تضليلهم أو إرغامهم لخدمة أهداف النظام الليبي، ولم يتلقوا تدريبا عسكريا، يظهر عليهم الفزع والرعب ويثيرون الشفقة وليس الحنق.
ويبدو أن القذافي استخدم هؤلاء المرتزقة بعد أن أثبت جيشه عدم جدواه في محاربة الثوار. ويعمل هؤلاء في أعمال الديكور وفي المتاجر عندما بدأت الانتفاضة في فبراير الماضي.
محمد من الجنسية السودانية يبلغ من العمر 42 عاماً، يدعي أن السلطات الليبية أوقفته في طرابلس وأخبرته انه إذا لم يوقع للعمل كمرتزق، فإنه سيذهب للسجن وستتم مصادرة ممتلكاته «حتى لو كان هاتفا جوالا».
ويقول محمد الجزائري، البالغ من العمر 26 عاماً، إن السلطات اجبرت جميع العمال في مدينة اباري الجنوبية على الصعود الى حافلة أخذتهم الى طرابلس، ويضيف انه في حالة عدم الانصياع للأمر فإنهم سيتعرضون للاعتقال. ويقول هارون (22 عاماً) وهو تشادي كان في السجن في طرابلس بسبب فقدانه هويته، «أخبروني بأنهم سيطلقون سراحي ان قاتلت مع قوات القذافي، وسيقتلونني إذا لم أطعهم». أما أبوبكر (28 عاماً) وهو تشادي أيضاً، فيقول انه انضم للتظاهرات المؤيدة للقذافي بعد ان علم أن المتظاهرين سيتلقون 300 دينار، ثم وقع للانضمام لقوات القذافي عندما أخبروه بأن عليه فقط العمل في نقاط التفتيش.
وصرفت السلطات الليبية لكل منهم رشاشاً من طراز «أي كي 47»، وبعضهم قال إنه تلقى وعداً براتب يصل الى 1000 دينار في الشهر، وبدلاً من ذلك تم ارسالهم مباشرة الى الجبل الغربي حيث وجدوا المعارك مستعرة هناك، وخدعتهم السلطات ايضا عندما أخبرتهم انهم سيقاتلون رجال (تنظيم) القاعدة في منطقة الجيل.ويقول محمد الجزائري «صدقتهم لأنه ليس لدي أي فكرة عما يجري هناك». ولم تمض أيام قلائل حتى تم اعتقالهم جميعاً من قبل قوات الثوار المتقدمة، ولم يفعلوا شيئاً سوى إلقاء أسلحتهم والاستسلام.
حسين التشادي (21 عاما) ادعى انه أطلق ثلاث طلقات فقط من بندقيته، ويقول ابوبكر ان الثوار وجدوه مختبئا خلف جدار، ويضيف «لا أدري كيف أستخدم سلاحاً نارياً، لم اقاتل في حياتي ابداً». جميعهم يقول انه تعرض للخداع. يقول اسماعيل السوداني (30 عاما) «اشعر بالأسف لما فعلته، لقد خدعنا القذافي». ويقول المرتزقة إنهم يتلقون معاملة طيبة من الثوار.
قصص المرتزقة هذه تدعهما إثباتات من الجنود الليبيين المعتقلين لدى الثوار، فقد ادعى رجلان احدهما يعمل ميكانيكاً والثاني حارس أمن سابقاً في مدينة الرجبان بأنه تم اقناعهما بالانضمام للجيش النظامي على ان يتم منحهما 50 ديناراً وبندقية «أي كي 47» وسيارة شيفروليه جديدة، وتم وضعهما في مقدمة الجيش النظامي الزاحف نحو الثوار، ولم يتلقوا سوى نزرا يسيرا من الطعام والماء، يقول احدهما «كانوا يستخدموننا دروعاً بشرية».
أحد الجنود الجرحى المعتقلين في مستشفى الزنتان يقول انه تعرض لغسيل مخ بأن من يقاتلهم هم من رجال «القاعدة»، ويقول ان العديد من الجنود النظاميين حاولوا الهروب إلا انه تم اعتقالهم واعدامهم من قبل كبار الضباط، ويضيف «أفضل البقاء هنا حتى لو اتيحت لي الفرصة للانضمام لوحدتي».
ويشكو الثوار من أن كتائب القذافي تتفوق عليهم في العدد والعتاد، وان بعض الثوار لا يستخدم سوى بنادق قديمة ورثها عن أجداده الذين استخدموها ضد الاستعمار الايطالي، ونتيجة لذلك تعرض أكثر من 150 منهم للموت واكثر من 600 للاصابات البليغة. وعلى الرغم من امكاناتهم المحدودة استطاعوا ان يدحروا القوات الحكومية ويحرروا القرى المحاصرة ويغنموا الاسلحة والعتاد في كل معركة يخوضونها. ويعزو قائد الثوار في منطقة الزنتان، وهو عقيد سابق في الجيش الليبي، هذه الانتصارات لمعرفة الثوار الوثيقة بالتضاريس الارضية الوعرة للمنطقة والاهم تطلع الثوار للحرية والعزة والكرامة، ويقول القائد «لا نعرف الخوف، ونؤمن بقضيتنا، واننا إما أن ننتصر أو نموت»، ويضيف أن جنود القذافي فقدوا الروح المعنوية وليس لديهم العزيمة للقتال ولا يملكون قضية يقاتلون من أجلها.
وعبر الجبال الغربية يطلق الرجال لحاهم ويقسمون بأنهم لن يحلقوها حتى يذهب القذافي. أما الذين لا يقاتلون في الميدان فإنهم يدعمون الثوار بأسلحة أخرى غير البنادق، ففي منطقة الرجبان يرسم محمد زهمول صوراً كاريكاتيرية للقذافي، ويقول «إنها طريقة لدعم الثوار وهي طريقتي في القتال». أما عبدالحكيم الديواني العاطل عن العمل فإنه يقوم بدهن جدران المباني العامة بالطلاء الابيض ويقول ساخراً «لم تكن بلادي قبل ذلك، لقد كانت ملكاً للقذافي».